تشييع جنازة ديك تشيني، نائب الرئيس الأمريكي الأسبق ومهندس حرب العراق

تأبين رسمي حضره قادة من الحزبين في الكاتدرائية الوطنية بواشنطون

اجتمع مجموعة من الرؤساء والمسؤولين الأمريكيين السابقين، من كلاّ الحزبين، في الكاتدرائية الوطنية بالعاصمة لتكريم حياة ديك تشيني، نائب الرئيس السابق الذي توفي في الثالث من نوفمبر عن عمر ناهز 84 عاماً. كان تشيني شخصية محورية في السياسة الجمهورية وخدم في إدارة جورج دبليو بوش بين 2001 و2009، وما زال إرثه يثير جدلاً واسعاً.

حضر الجنازة عدد من كبار المسؤولين لعرض الاحترام، من بينهم نائبة الرئيس السابقة كمالا هاريس، والرئيس جو بايدن، ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، ونائب الرئيس السابق مايك بنس. لفت غياب دونالد ترامب الانتباه؛ فقد لم يُدْعَ، كما لم تُدْعَ نائبته الحالية، جي. دي. فانس، بحسب التقارير. وكان جورج دبليو بوش من بين المتحدثين، قائلاً عن تشيني: «إنه شيء ينبغي أن نعتز به عندما يكون رجل بمستواه زميلاً وصديقاً»، وأضاف: «نحن ممتنون لحياته الطيبة، نُكرّم خدمته، ونصلي أن نلتقي به مرة أخرى على ذلك الطريق».

وقد تجنّب التأبين الحزين التوقف كثيراً عند حرب العراق، وهي المسألة التي ارتبط اسم تشيني بها بقوة، إذ لعب دوراً محورياً في دفع هذه الحرب عبر حملة من الادعاءات المضلّلة والخداع. وُلد تشيني في نبراسكا ونشأ في وايومنغ، وكان في الرابعة والثلاثين عندما عُيّن رئيساً لأركان الرئيس جيرالد فورد، ثم أمضى عقداً في مجلس النواب وخدم وزيراً للدفاع في عهد جورج إتش.دبليو. بوش. إلا أن فترته في إدارة الرئيس الأصغر هي التي شكّلت إرثه العام.

بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 استغل تشيني منصب نائب الرئيس لصياغة رؤية موسّعة للسلطة التنفيذية، وراهن على سردية أن العراق كان يملك «أسلحة دمار شامل» لتبرير الغزو. خلال ما سمي «الحرب على الإرهاب» دافع مراراً عن سياسات شملت التعذيب والاحتجاز دون إجراءات قانونية والمراقبة الداخلية، بحجة الأمن القومي. ويشير النقّاد إلى أن غزوات العراق وأفغانستان ساهمت في زعزعة استقرار الشرق الأوسط وأدت إلى مقتل مئات الآلاف من الأشخاص.

يقرأ  الاحتفاء ببهجة الأرقام — تيتش ثوت

تُظهر التقديرات أن العنف الناتج عن هذه النزاعات تسبب في نحو 940,000 وفاة مباشرة، منها نحو 432,000 مدنياً، إضافة إلى أعداد هائلة توفّيت لأسباب غير مباشرة مرتبطة بالصراع، كالأمراض ونقص الخدمات الصحية.

وظل تشيني يدافع عن سجله علناً رغم اتهامات من منظمات حقوق الإنسان بأن إدارته أشرفت على حملة تعذيب لسجناء أمريكيين، وقد نفى أن تكون أساليب الاستجواب المعزّزة مثل «الإغراق المائي» تعذيباً، وقال إنه «لو عاد به الزمن لفعلها مجدداً» ووصف الذين نفّذوها بأنهم «أبطال».

على الصعيد الحزبي، تراجع نفوذه داخل الحزب الجمهوري خلال الخمسة عشر عاماً الأخيرة، وابتعد أكثر بعدما صار ناقداً صريحاً لدونالد ترامب واصفاً إياه بـ«تهديد للجمههوية». دان تشيني، على سبيل المثال، جهود ترامب للتشكيك في نتائج انتخابات 2020 التي خسرها لصالح بايدن، وفي 2024 أعلن دعمه لكمالا هاريس على حساب إعادة انتخاب ترامب. ابنتُه ليز تشيني كانت إحدى الجمهوريين القلائل في لجنة الكونغرس التي حققت في الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021، وعُزلت لاحقاً من مقعدها بعد هزيمتها في الانتخابات التمهيدية أمام مرشح مؤيد لترامب، ثم شاركت لاحقاً في حملات انتخابية إلى جانب هاريس.

في جنازته التي أقيمت في 20 نوفمبر، قالت ليز: «أن تكون في صحبة والدي يعني الأمان والحب والضحك واللطف… لقد كان عملاقاً حتى النهاية، أسداً من رجالٍ أحبّ وخدم هذه الجمهورية العظيمة.»

أضف تعليق