تهديدات بتصعيد عسكري.. ومقايضة التفكيك والمطالب الدولية
لأشهر، هددت اسرائيل بتصعيد عربي آخر ضد لبنان، واعتبرت أن أي عملية عسكرية ستكون بمثابة عقاب للجيش اللبناني لتأخره — بحسب زعمها — في تفكيك سلاح حزب الله. لكن محللين خبراء أكدوا لـ«الجزيرة» أن الحكومة والجيش اللبناني فعلاً شرعا في مسار لإخضاع أسلحة الجماعة للسلطة الوطنية، بعد سلسلة صراعات مسلحّة متقطعة منذ ثمانينات القرن الماضي، وآخرها في الفترة بين سبتمبر ونوفمبر 2024.
رغم ذلك، يظل إنجاز التفكيك مشروطاً بدعم دولي واسع وفي مقدمه تعاون اسرائيلي يغيّب غالباً عن طاولة المفاوضات. يقول المحلل السياسي اللبناني كريم إميل بيطار لـ«الجزيرة» إن «هناك انتهاكات يومية لوقف النار من جانب اسرائيل على الأراضي اللبنانية، ولا يصح إلقاء اللائمة كاملة على الحكومة اللبنانية في هذه المرحلة». ويضيف أن بيروت «تجاوزت ما هو مطلوب منها وأقدمت على قرار تاريخي بطلب من الجيش اللبناني تفكيك سلاح حزب الله».
زيارة المبعوث الأمريكي الخاص توم باراك إلى اسرائيل أوضحت، بحسب بيطار، أن الجانب الإسرائيلي لم يلتزم بما عليه؛ إذ لم يتمكّن المبعوث من فرض اعتراف من قِبَل رئيس الحكومة الإسرائيلية بأن لبنان بدأ تنفيذ هذه المبادرة الطموحة، كما فشل في انتزاع أي التزام بسحب القوات أو المنشآت الإسرائيلية من خمسة تلال لبنانية لا تزال تحت احتلال جزئي.
خلفية طويلة ومتنازع عليها
تشكّل حزب الله، الذي تشكل خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975–1990) لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، الفاعل السياسي والعسكري الأقوى في لبنان بعد الحرب. لكن حيازته للسلاح أثارت دائماً جدلاً داخلياً واسعاً؛ ومع ذلك قررت الحكومة في أغسطس إخضاع تلك الأسلحة للسلطة الرسمية، في قرار اتخذ رغم استمرار الهجمات والانتهاكات الإسرائيلية لوقف النار.
خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان قُتل أكثر من 4,000 شخص، معظمهم من المدنيين، ونزح أكثر من مليون لبناني. دُمرت عشرات القرى وجرت عمليات اجتياح، وتواصل اسرائيل الرفض الجزئي للانسحاب من خمس نقاط على الأقل داخل الأراضي اللبنانية. التهدئة المؤقتة التي أُعلنت في 27 نوفمبر 2024 لم تمنع اسرائيل من شن ضربات شبه يومية، ما أدى إلى سقوط أكثر من مئة مدني ومنع عائلات كثيرة من العودة إلى قراها في الجنوب. كما قضت الضربات على رعاة ومزارعين أثناء عملهم، واستهدفت محاولات إعادة الإعمار.
موقف حزب الله والتحالفات الداخلية
ردّ حزب الله وأنصاره، ومن بينهم وزراء في الحكومة، بغضب على قرار التفكيك الحكومي. قال نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله محمود قماطي لـ«الجزيرة مباشر» في أغسطس: «لا توجد دولة أو حكومة في العالم تواجه المقاومة على أرضها بينما العدو لا يزال يحتل الأرض ويرتكب الاعتداءات يومياً». وفي ظل تراجع قدرته السياسية بعد الحرب الأخيرة، لم يعد للحزب تأثير إسقاط الحكومة كما في السابق؛ إذ فقد شريحة من قياداته في ضربات اسرائيلية، ودُمّرت بنية عسكرية مهمة، وانقطعت خطوط تهريب الأسلحة من إيران، كما أضاف سقوط حليفها الأساسي في دمشق مزيداً من الضغوط على قدراته.
وفي ظل استمرار الاعتداءات، قدّم قائد الجيش رودولف هيكل خلال جلسة الحكومة في 6 نوفمبر اقتراحاً بتعليق جهود التفكيك إذا استمرت الضربات التي تُعيق عمل القوات. يرى المحلل كريم صفيد الدين أن «الحكومة تحتاج إلى دعم دولي أكبر وقوة مؤسساتية هيكلية لكي ينجح مشروع التفكيك»، مضيفاً أن المشهد الداخلي «يشوبه نوع من الشلل».
تصريحات ناعيم قاسم في خطاب متلفز في 11 نوفمبر حمّلت الحكومة التنازل أمام ضغوط أمريكية وإسرائيلية من دون مكاسب متبادلة، مشيداً بأن «المسألة لم تعد مجرد أسلحة بل ذريعة لاستهداف القدرات والموارد، وبعدها سيطعنون في وجود المقاومة نفسها» — كلام يبرز خشية الحزب من توظيف المسألة لانتزاع المزيد من القيود والقيود المالية.
هل ستنقلب التوترات إلى حرب شاملة؟
تقارير إعلامية في الطرفين اللبناني والإسرائيلي تحدثت عن احتمال شن اسرائيل حرباً أوسع شبيهة بما جرى العام الماضي. المبعوث الأمريكي باراك حذّر كذلك من أن إسرائيل قد تختار الهجوم إذا لم يتقدم مسار تفكيك السلاح. لكن المحللين يرون أن عوامل عدة قد تثني عن حرب واسعة: غياب أهداف عسكرية قابلة للتحقق، وإرهاق قوات الاحتلال من حروب متواصلة، وتكلفة إنجازات محدودة مقابل ثمن هائل.
المحلل ربيع دندشلي يلخّصها بقوله لـ«الجزيرة»: «لم يبقَ لديهم أهداف حقيقية بعد؛ لقد استهدفوا القيادة، وقطعوا طرق التهريب، ويعملون دولياً على تقييد التمويل، فإذا قامت حرب فهي مكلفة وعديمة الجدوى». بينما يرى المحلل المقرب من حزب الله قاسم كثير أن «اسرائيل توظف قضية التفكيك لتبرير العدوان». عندما طُرح احتمال ردّ حزب الله على الاعتداءات الإسرائيلية، بقيت الإجابة مفتوحة كما قال البعض: «كل شيء ممكن». النص المرسل فارغ. أرجو ارسال النص الذي تريد إعادة صياغته وترجمته إلى العربية حتى أتمكن من المتابعة.