تغييرات شاملة في قوانين اللجوء بالمملكة المتحدة — كيف ستؤثر على اللاجئين؟ أخبار الحكومة

قالت شابانا محمود، وزيرة الداخلية البريطانية، إن نظام اللجوء في المملكة المتحدة «لا يعمل» ويضع «ضغطًا هائلًا على المجتمعات»، وذلك قبيل إعلان الحكومة عن إصلاحات كبرى تقضي بإنهاء الحق التلقائي للاجئين في الاستقرار الدائم بالمملكة المتحدة.

وأضافت في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن الهجرة غير الموثقة «تمزق البلد»، في لغة تعكس قلق الحكومة من ضغوط النظام الحالي على الخدمات والمجتمعات المحلية.

ما تقترحه الحكومة
تقع مقترحات الحكومة، المقرر كشفها يوم الاثنين، في محورين رئيسيين: الأول إلغاء المسار التلقائي إلى وضع الإقامة الدائمة بعد خمس سنوات للاجئين، والثاني سحب إعانات الدولة عن الأشخاص القادرين على العمل والقادرين على إعالة أنفسهم.

كما أعلنت محمود عن خطط للحد من عبور القوارب الصغيرة القادمة من فرنسا وإعادة اللاجئين إلى بلدانهم الأصلية عندما ترى الحكومة أن الظروف أصبحت آمنة لذلك.

أرقام الهجرة الحالية
أظهرت بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية أن صافي الهجرة — أي عدد الداخلين مطروحًا منه الخارجين — ظل غالبًا بين 200 ألف و300 ألف سنويًا منذ 2011. لكن بعد تطبيق بريكست عام 2020 شهدت أعداد المهاجرين غير الموثقين ارتفاعًا حادًا، فقد بلغ صافي الهجرة 906,000 للاثني عشر شهرًا حتى يونيو 2023.

ومع ذلك تراجعت هذه الأرقام بشكل لافت في 2024، حيث انخفض صافي الهجرة إلى 431,000، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تقليص عدد تأشيرات الرعاية الصحية والطلاب المتاحة العام الماضي.

وبالرغم من التركيز الإعلامي على القوارب الصغيرة القادمة من فرنسا، فإن هذه الفئات تشكل حصة صغيرة من إجمالي الداخلين؛ ففي 2024 سجّل مكتب الداخلية وصول 36,816 شخصًا عبر القوارب الصغيرة، ومن أصل 108,138 طلب لجوء مُقدّم في تلك السنة جاءت نحو ثلثها عبر تلك القوارب، بينما سلك معظم طالبي اللجوء القنوات الرسمية.

المناخ السياسي والرأي العام
رغم تراجع الأرقام، لا يزال السخط على حزب العمال الحاكم ظاهرًا؛ إذ أظهر استطلاع يوجوف في أغسطس أن 38% من المشاركين اعتقدوا أن حزب «ريفورم يو كيه» المناهض للهجرة سيكون أكثر فاعلية في معالجة قضايا اللجوء مقارنة بحزب العمال الذي حصد 9% فقط من آراء المشاركين.

يقرأ  ساب وأوبن إيه آي تتعاونان لتقديم حلول سيادية للذكاء الاصطناعي في ألمانيا

ما الذي سيتغير في الوصول إلى الجنسية والمزايا؟
من المتوقع أن تعلن الحكومة انتقالها من نموذج الاستقرار الدائم للاجئين إلى «نموذج الحماية المؤقتة». قوانين الحال تنص على أن اللاجئ الحاصل على اللجوء يمكنه البقاء خمس سنوات قبل التقدم للحصول على «إقامة غير محددة» تفتح باب التقدم للجنسية. أما بموجب الخطة الجديدة فقد يواجه القادمون عبر مسار اللجوء انتظارًا يصل إلى عشرين عامًا قبل التقدم للإقامة الدائمة، مع اشتراط تجديد الوضع كل 30 شهرًا لتقييم ما إذا كانت الظروف في بلدهم قد تغيرت بما يسمح بعودتهم.

فيما يتعلق بالمزايا الاجتماعية، تعتزم محمود إلغاء واجب الحكومة القانوني بتوفير السكن والدعم المالي الأساسي لجميع طالبي اللجوء، ومن المتوقع سحب الدعم عن طالبي اللجوء القادرين على العمل وعن من يرتكبون جرائم أو يتجاهلون أوامر الإبعاد أو يعملون بصورة غير قانونية. حاليًا يمكن لطالبي اللجوء التقدم بطلب للحصول على إذن العمل إذا ظل طلبهم معلقًا لمدة 12 شهرًا أو أكثر ولم يكن التأخير من فعلهم.

مواقف منظمات حقوق اللاجئ
انتقد إنفر سولومون، المدير التنفيذي لمجلس اللاجئين، مقترح المسار الذي يمتد إلى 20 عامًا، محذرًا من أنه «سيترك الناس في حالة انتظار وتجربة قلق شديدة لسنوات طويلة». وأكد أن النظام يجب أن يكون مضبوطًا وعادلاً: اتخاذ قرارات سريعة وعادلة، وإن ثبت أن الشخص لاجئًا فلا بد أن يُسمح له بالمساهمة في المجتمع وسداد ما عليه من التزامات.

تقترح قواعد محمود للمتابعات كل 30 شهرًا إمكانية إعادة اللاجئين إلى بلدانهم عندما ترى الحكومة تحسّن الظروف، وهي فكرة مستوحاة من سياسات الدنمارك المثيرة للجدل. وتشير الأبحاث إلى أن سياسة الردع لها تأثير محدود على اتجاهات تدفق طالبي اللجوء، رغم أن دراسة عام 2017 اقترحت أن «الوسم السلبي» ربما خفّض عدد طلبات اللجوء في الدنمارك.

يقرأ  التعلّم المدمجلجيلَي ألفا وبيتا

ردود الفعل السياسية
رأى مرصد الهجرة بجامعة أكسفورد أن الإصلاح المقترح سيجعل نظام الهجرة في المملكة المتحدة من بين الأشد صرامة في أوروبا. من جهة أخرى، وصف مات فيكرز، وزير من المعارضة، خطة الحكومة بأنها «مليئة بالخدع»، وقال إن المطلوب «رادع»: إذا عرف الناس أنهم سيعادون، فلن يقفزوا في تلك القوارب من الأساس. كما يقوول بعض النقاد إن الحلول السطحية لن تعالج جذور المشكلة.

مقترحات أخرى: استخدام الذكاء الاصطناعي
تريد الحكومة إدخال اختبارات تعتمد على أدوات الذكاء الاصطناعي لتحديد أعمار القادمين بلا وثائق، بحجة أن أخطاء النظام الحالي قد تؤدي إلى وضع بالغين في خدمات الأطفال أو معاملة قاصرين بالغين. وحذرت مجموعات حقوقية من أن الأنظمة الآلية قد ترسّخ الانحياز وتخطئ في تصنيف الأطفال كبالغين وتعرّضهم للخطر. وفي وقت سابق من العام، قال سولومون إنه «غير مقتنع» بأن الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي هو النهج الصحيح في تحديد الأعمار، مشيرًا إلى مخاوف من وضع أطفال في أوضاع غير آمنة. وأضاف: «هذه التقنيات [الذكاء الاصطناعي] ما تزال تثير تساؤلات جدّية بشأن الدقة والأخلاق والإنصاف».

تهديد بحظر التأشيرات لثلاث دول أفريقية

صرّح مكتب الداخلية بأن طلبات التأشيرة القادمة من أنغولا وناميبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ستُرفض ما لم تُحسّن حكومات تلك الدول تعاونها مع المملكة المتحدة فيما يخص ترحيل رعاياها.
في بيان، أشارت الوزارة إلى «تعاون منخفض غير مقبول وإجراءات إعادة مُعيقة» كسبب محتمل لفرض العقوبة. وأضافت أن القيود ستُطبق «ما لم توافق تلك الدول على استقبال عودة مجرميها والمهاجرين غيرالنظاميين».

الحق في «الحياة الأسرية» قيد المراجعة

تُفيد تقارير إعلامية بريطانية أن الحكومة تعتزم تقييد كيفية تفسير المحاكم البريطانية للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في ما يتعلق بالحياة الأسرية. من المتوقّع أن يُعاد تفسير المادة الثامنة من الاتفاقية، التي تحمي الحق في الحياة الأسرية والخاصة، «لتعكس بصورة أفضل توقعات الجمهور البريطاني».
ومن المرجّح أن يوضّح التشريع الجديد أن «الرابطة الأسرية» تُقصد بها الأقارب المباشرون فقط، مثل الوالد أو الابن، وليس أفراد الأسرة الممتدة.

يقرأ  الدانمارك تحظر تحليق الطائرات المسيّرة بعد رصدها مؤخراً قرب قواعد عسكريةأخبار الناتو

كيف سيتأثر اللاجئون الأكرانيين؟

عند سؤاله عن الأوكرانيين الفارين من غزو روسيا، قالت محمود إنهم سيُستقبلون بموجب «برنامج مخصص» مع توقع عودتهم فور انتهاء الحرب، مشدّدة على أن كثيراً من الوافدين أعربوا عن رغبتهم في العودة إلى وطنهم.
بموجب البرنامج الحالي، يحق للاجئين الأوكرانيين الإقامة في المملكة المتحدة لمدة تصل إلى ثلاث سنوات مع الاستفادة من الرعاية الصحية والتعليم والمساعدات. وبما أن هذه التأشيرات مؤقتة، فإن المواطنين الأوكرانيين يعفون إلى حدّ كبير من قواعد الاستقرار التي تمتد لعشرين عاماً الخاصة بطالبي اللجوء.

هل ستُفتح مسارات مرخّصة جديدة لطالبي اللجوء إلى المملكة المتحدة؟

بعيداً عن الأوكرانيين، يوفّر برنامج إعادة توطين المواطنين الأفغان إقامة قانونية وإمكانية العمل والتعليم والرعاية الصحية للفئات الضعيفة.
كما تمنح تأشيرة الحامل البريطاني القومي خارج البلاد (BNO) لحاملي وضع BNO في هونغ كونغ وعائلاتهم حق الإقامة والعمل والدراسة في المملكة المتحدة، ما يشكّل مساراً نحو الاستقرار والمواطنة لاحقاً.
وأخبرت محمود الـBBC أن مسارات «آمنة وقانونية» جديدة ستُطرح للحدّ من محاولات العبور الخطرة عبر القناة الإنجليزية.

وقد شدّدت منظمات مثل العفو الدولية مراراً على أن السياسات التقييدية ومحدودية برامج التأشيرات تترك كثيرين بلا خيار سوى محاولة الدخول بطرق غير قانونية. ودعت العفو الدولية السلطات في ويستمنستر إلى توسيع السبل القانونية — مثل برامج إعادة التوطين، ولم شمل الأسر، وكفالة المجتمع — للحدّ من شبكات تهريب البشر وحماية الأرواح.
من الخيارات المطروحة السماح للأفراد والمنظمات الخيرية في المملكة المتحدة برعاية اللاجئين، على غرار برنامج «منازل لأوكرانيا» الذي يكلف المجتمعات المحلية مسؤولية توفير السكن. وغاية هذه البرامج، المحدودة العدد، هي منح السلطات المحلية مزيداً من الصلاحية لتحسين مستوى الدعم.

أضف تعليق