تغيّر التقدّم في الانتخابات الهندوراسية الحاسمة: هل سيفشل ترامب في فرض إرادته؟

ويل غرانت — مراسل أميركا الوسطى، تيغوسيقالبا · رويترز

مع فرز نحو ثلثي الأصوات، تبدلت مواقع السباق الانتخابي في هندوراس. المرشح الرئاسي السابق نائب الرئيس، سلفادور نصرالله، يتقدّم بفارق طفيف قد يكون حاسماً أمام منافسه نصرّي أسفورا، العمدة المحافظ السابق لتيغوسيغالبا. ومع ذلك، لا تزال قيادة حزب الوطني تُقدم للصحافيين بيانات تفيد بأنها تمتلك الأرقام التي تقود إلى انتصار نهائي.

المنافسة تبقى على حافة الهاوية. في واشنطن، راهن الرئيس دونالد ترامب على فوزٍ مُباشرٍ لأسفورا وحاول التأثير على مجريات السباق دعماً لمرشّحه المفضّل. سواء عبر الإيحاء بأن المساعدات قد تُحجب عن هذه الدولة الفقيرة في أميركا الوسطى أو عبر اتهامات غير مدعومة بوقائع عن تزوير انتخابي، يرى كثيرون في هندوراس آثارَ تدخّل الرئيس الأميركي في شؤون بلادهم.

يقول المحلل السياسي الهندوراسي خوسيه موريو إن ما يجري يذكّر بنمط المعاملة التي توقّعتها هندوراس من واشنطن في زمن الحرب الباردة. في مقهى بتيغوسيغالبا قال: «لا يحق لأي حكومة أن تأتي وتعاملنا كجمهورية موز. هذا قلة احترام». وأضاف: «دونالد ترامب حين يقول من يجب أن ننتخبه ينتهك استقلاليتنا كأمة ويؤثر على انتخاباتنا».

بصرف النظر عما إذا كان حزب الوطني سيحقق النصر أم لا، فإن أحد أبرز رموزه يحتفل بالفعل. يوم الاثنين غادر الرئيس السابق خوان أورلاندو هيرنانديز سجنًا في فيرجينيا طليقاً بعد قضائه عاماً واحداً فقط من حكم بالسجن مدته 45 عاماً بتهم تهريب مخدّرات وحيازة أسلحة. جاءت الإفراج بعد أن ضغط ترامب على الناخبين الهندوراسيين لصالح أسفورا، ومنح هيرنانديز عفواً رئاسياً مفاجئاً رغم إدانته العام الماضي في محكمة بنيويورك بتهمة إدارة مؤامرة تهريب أكثر من 400 طن من الكوكايين إلى الولايات المتحدة.

يقرأ  أستراليا تطرد السفير الإيراني على خلفية هجمات معادية للسامية

شهدت فترة حكمه اتهامات خطيرة بانتهاكات حقوق الإنسان من قبل الشرطة وقوات الأمن، خصوصاً ضد منتقدي الحكومة. لذا حين اعتُقل وهُربت إليه أوراق الترحيل في 2022 وسُجن، احتفلت شريحة كبيرة من الهندوراسيين باعتباره لحظة نادرة للعدالة في بلد تُهيمن عليه الإفلات من العقاب، لا سيما بالنسبة للنخبة السياسية.

من جانبه قال ترامب للصحافيين على متن “أير فورس وان” إن «شعب هندوراس اعتقد فعلاً أن (خوان أورلاندو هيرنانديز) تُمَحْكَت ضده وأن ما حدث أمر فظيع»، وهو تقدير يصطدم بواقع أن كثيرين في الصحافة المحلية ومن تابعوا صعوده وسقوطه منذ الانقلاب عام 2009 وحتى ترحيله لا يعرفون كيف يتوافق هذا الوصف مع شخصيةٍ طغت عليها الاحتقار والرفض.

للرئيس السابق أنصار، ولا سيما داخل الحزب الوطني، ومن بين الأصوات الأعلى دفاعاً عن براءته والداعية للعفو زوجته آنا غارسيا كارياش. وصفَت لي الإفراج عنه بأنه «كأنما نعيش حلماً صار واقعاً». وتضيف: «تكلّمنا معه صباح هذا اليوم وكان في مكان آمن. كنا فرحين جداً، جمعنا الأولاد على الهاتف ومع حماتي وتشاركنا لحظة فرح وضحك وصلاة».

حول احتمال عودته إلى هندوراس، تقول الزوجة إن ذلك يعتمد أقل على نتيجة الانتخابات وأكثر على الضمانات الأمنية التي ستُمنح له: «يعتمد ذلك على الضمانات الأمنية التي يعطونها له في هذا البلد». وتتابع: «يومًا بعد يوم، هذه الحكومة — التي نحمد الله أنها في طريقها للخروج — استخدمت خطاب كراهية تجاه زوجي، تحدثوا عن اضطهاد ضده. وهذا خطر على رئيسٍ سابق أن يعود إلى بلد رُبّيَ فيه الكراهية ضده من أعلى سلطة حتى أدنى موظف».

اتهمت غارسيا كارياش إدارة بايدن بـ«الملاحقة السياسية» واصفةً ما حدث بأنه حرب قانونية (lawfare) ومؤامرة من «الدولة العميقة». حين ذكرت أن الاتهامات أُعدّت في الغالب من قبل وكالة مكافحة المخدرات ووزارة العدل الأميركية خلال ولاية ترامب، لم تلبّ هذه الحجة قبولها؛ قالت إن ذلك «ليس منطقياً» وأضافت استنكاراتٍ حول منطق اتهام رجل يُزعم أنه متورط بإعطاء معلومات سرية إلى أجهزة مثل الـCIA والـDEA.

يقرأ  سبع نقاط مهمة حول خطاب ترامب في الجمعية العامة للأمم المتحدة

عَلَنيةً، اعترفت القيادية بدور اثنين من وجوه تيار MAGA في تأمين عفوه: المستشار المحافظ روجر ستون والنائب السابق عن فلوريدا مات غايتس. «كلاهما تدخّل في القضية»، قالت، «وأنا أُقِرّ بهما وأشكرهما. في الواقع تحدثت مع السيد ستون في برنامجه الإذاعي يوم الأحد وقال إنه سلّم رسالة كتبتها خوان أورلاندو طالباً فيها العفو مباشرةً إلى الرئيس ترامب».

وفيما تستمر عملية فرز الأصوات ليلًا، يبقى السؤال ما إذا كان ترامب سينال ما يريد في هندوراس، فيشهد انتخاب حليفٍ جديدٍ في البلد نفسه الذي أعفى فيه حليفاً قديماً.

أضف تعليق