تفاقم نزوح سكان شمال دارفور إثر تشديد قوات شبه عسكرية سودانية للحصار

شهدت مدينة الفاشر موجة نزوح واسعة بعد تصعيد قوات الدعم السريع هجماتها على عاصمة شمال دارفور، وفق تقريرٍ للأمم المتحدة. أكثر من مليون شخص غادروا الفاشر منذ اندلاع الحرب الأهلية في السودان، وتسارع هذا التدفق بشكل كبير بعد أن فقدت القوات غير النظامية سيطرتها على الخرطوم في أواخر ماارس، بحسب بيانات منظمة الهجرة الدولية التي نُشرت يوم الأحد.

انخفض عدد النازحين داخلياً المتواجدين في الفاشر بنسبة نحو 70٪، من نحو 699,000 إلى 204,000 بين مارس وسبتمبر، وفق مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة. ويُقدَّر أن إجمالي سكان الفاشر تقلص بنسبة 62٪ من مستوى ما قبل الحرب (1.11 مليون) إلى نحو 413,454 نسمة.

تراجع حاد

يجري هذا التراجع الحاد بعد استرجاع القوات المسلحة للخرطوم في أواخر مارس، وما رافق ذلك من تركيز قوات الدعم السريع جهودها على تثبيت مواقعها في دارفور. وتعد الفاشر آخر معقل حضري كبير للجيش الحكومي.

كان أبريل من أكثر الأشهر عنفاً هذا العام، إذ نزح ما يقرب من 500,000 شخص — أي ما يمثل تقريباً كل سكان مخيم زمزم — في حادثة واحدة. تصاعد الصراع بين الجيش السوداني والدعم السريع منذ أبريل 2023 أدى إلى ما وُصف على نطاق واسع بأنه أكبر أزمة إنسانية في العالم.

فرّ الملايين إلى دول الجوار، وكان لمصر وتشاد النصيب الأكبر من الوافدين. وارتفعت حركة العبور إلى تشاد بنسبة 45٪ على أساس سنوي في 2025، لتصل إلى نحو 1.2 مليون شخص. أما الذين تعذر عليهم الخروج من البلاد فتم تهجيرهم داخلياً إلى المناطق المحيطة؛ فقد تضاعف عدد النازحين في محلية طويلة التوايلة (تاويلا) من 238,000 إلى 576,000 بين مارس وسبتمبر.

تقيم قوات الدعم السريع حصاراً على الفاشر منذ مايو 2024، قطعت بموجبه خطوط الإمداد وحاصرت نحو 260,000 مدني، من بينهم 130,000 طفل، بعيداً عن وصول إنساني منتظم لأكثر من 16 شهراً. ونشرت مختبرات ييل الإنسانية صور أقمار صناعية أظهرت اعتبارات ترابية بنَتْها قوات الدعم السريع تكاد تحيط بالمدينة، ما ساهم في إحكام الحصار ومنع تحرّك الإمدادات والناس.

يقرأ  ركاب رايان إير يهتفون بعد أن أزالت الشرطة ركابًا «وقحين» إثر اندلاع شجار على متن الطائرة

شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيداً للعنف: هجوم بطائرة من دون طيار في سبتمبر استهدف مسجدًا أثناء صلاة الجمعة وأسفر عن مقتل أكثر من 70 مصلٍّ، ما دفع الأمم المتحدة إلى التحذير من احتمال وقوع “مجازر ذات دوافع عرقية” إذا سقطت المدينة بيد الدعم السريع. وتُجمَع تقارير واسعة على أن قوات الدعم السريع استهدفت مجتمعات غير عربية في دارفور، وغالباً ما ظهر مقاتلوها وهم يرددون السباب العنصري بحق ضحاياهم.

في أوائل سبتمبر اتهم محققو الأمم المتحدة كلا الطرفين بارتكاب فظائع، وذكروا أن الدعم السريع يرتكب “القتل والتعذيب والرق والاغتصاب والاستعباد الجنسي والعنف الجنسي والتهجير القسري والاضطهاد على أسس عرقية وجندرية وسياسية”.

الوضع الإنساني مستمر في التدهور. بين الأسر التي شملها المسح في أغسطس، أفادت 87٪ بأنها بحاجة إلى خدمات صحية، بينما لم تتمكن 78٪ من الحصول على علاج بسبب تدمير المنشآت وانعدام الأمن ونقص الأدوية. تدهور الأمن الغذائي بشكل حاد، حيث تواجه 89٪ من الأسر استهلاكاً غذائياً ضعيفاً أو على الحافة.

منذ بداية الحصار تم توثيق أكثر من 1,100 انتهاك جسيم بحق الأطفال في الفاشر، من بينها أكثر من 1,000 طفل قُتلوا أو شُلّوا، وفقاً لليونيسيف. لقد أصبحت معركة الفاشر محوراً حاسماً في مسار الحرب بأسرها.

مدينة محورية

تسيطر قوات الدعم السريع على معظم غرب السودان، بما في ذلك الجزء الأكبر من دارفور، بينما تحافظ القوات الحكومية على مناطق الشمال والشرق. في يوليو أعلن الدعم السريع وحلفاؤه تشكيلاً لما وُصف بحكومة موازية مُستنكرة على نطاق واسع، مما يعكس عمق الانقسام السياسي المتفاقم في البلاد.

سقوط الفاشر سيمكّن القوة شبه العسكرية من السيطرة على غالبية إقليم دارفور عملياً.

أضف تعليق