تقرير جديد: الانتماء الأوروبي قوي رغم محاولات ترامب لتفكيكه عبر حرب ثقافية
تتردد أصداء حملة «اجعل أميركا عظيمة مجدداً» (MAGA) للرئيس دونالد ترامب في اوروبا، إذ تعمل حرب ثقافية مدعومة من حلفائه السياسيين على تقويض شعور الانتماء القاري، بحسب تقرير صدر الثلاثاء عن المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية والمؤسسة الثقافية الأوروبية.
رغم ذلك، يبقى الإحساس بالانتماء إلى الاتحاد الأوروبي متيناً. يشير التقرير إلى أن كثيرين في دول عدة ينظرون إلى الاتحاد ليس كقيمة مثالية فحسب، بل كأداة عملية تعزز الفعل الجماعي في عالم متقلب — قناعة عملية تدفعهم إلى التمسك بالمشروع الأوروبي.
ويضيف التقرير أن الأشهر الأولى من رئاسة ترامب ربما سرّعت هذا الاتجاه، إذ أوضحت أكثر القيم الجوهرية التي يتوق المواطنون إلى تجسيدها في أوروبا، مثل سيادة القانون وحماية الحقوق الأساسية.
ويشرح التقرير أن ترامب يسعى، عبر حرب ثقافية حول تعريف الهوية المشتركة، إلى تقويض اندماج القيم الأوروبية. هذه المعارك الأيديولوجية عالية الشحنة تتناول قضايا مثل الهجرة، المناخ، ما يُصطلح عليه بـ«الصحوة» (wokeism)، وحرية التعبير — وهي صراعات تحدد أي النقاشات ستهيمن على السياسة الأوروبية ومعنى ما يُفهم من «القيم الغربية».
باول زيركا، مؤلف التقرير وزميل سياسة أول في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، يرى أن أثر الحرب الثقافية لترامب بات جلياً في استبعاد بعض الدول من محادثات حول مستقبل أوكرانيا أثناء الحرب مع روسيا، وكذلك في مفاوضات تجارية مستمرة. وأضاف أن أوروبا تمتلك مزايا داخلية كبيرة تتيح لها الازدهار بدلاً من المعاناة في نظام عالمي تفاقمت فيه الاضطرابات بفعل سياسات الرئيس الأميركي، وأن المواجهة الثقافية مع أميركا بقيادة ترامب تمنح أوروبا فرصة لإثبات هذا الأمر.
غير أن التقرير يؤكد أن قدرة ترامب على استغلال هذه المعارك الأيديولوجية تنبع من اعتمادات حقيقية أو متخيلة على الولايات المتحدة، ما يترك الفضاء السياسي الأوروبي عرضة للتأثر الخارجي. في تشبيه لافت، يصور التقرير الاتحاد الأوروبي بشخصية ترومان بوربانك في فيلم «عرض ترومان»، فيقول إنه أمضى وقتاً أطول في الرد على أزمات تُدار من الخارج بدلاً من صياغة أجندته الخاصة.
أندريه ويلكنز، مدير المؤسسة الثقافية الأوروبية، شدد على ضرورة أن يفكر القادة سياسياً في رابطة الناس الثقافية مع أوروبا. «فقط عندما يُدرك الساسة تعلق المواطنين بأوروبا سيقدر قادة الأحزاب أن يؤطّروا استراتيجيات انتخابية تستجيب لهذا التعلق الحقيقي — وبذلك يحدّون من جاذبية حلفاء ترامب الأيديولوجيين داخل بلدانهم»، قال ويلكنز.