توسيع صلاحيات قائد الجيش الباكستاني ومنحه حصانة مدى الحياة

تعديل دستوري يمنح قائد الجيش في بكستان سلطات أوسع وحصانة مدى الحياة

كارولين ديفيز — مراسلة إسلام آباد

صوت البرلمان الباكستاني على منح رئيس أركان الجيش، المشير عاصم منير، صلاحيات جديدة وحصانة دائمة من الاعتقال والملاحقة القضائية، خطوة يقول منتقدون إنها تُمهّد الطريق نحو حكم استبدادي. وتم توقيع التعديل الدستوري السابع والعشرين يوم الخميس، وهو ينطوي أيضاً على تغييرات جوهرية في آلية عمل أعلى المحاكم في البلاد.

المؤيّدون للتغيير يؤكدون أنه يوضّح هيكل القيادة العسكرية ويعالج تراكم القضايا أمام المحاكم. لكن الجيش الباكستاني لطالما لعب دوراً بارزاً في السياسة في بلد يمتلك سلاحاً نووياً — أحياناً عبر انقلابات، وأحياناً كقوة مؤثرة خلف الكواليس. على مر التاريخ، انتقلت باكستان بين فترات من الاستقلال المدني وتحكم صريح من قادة عسكريين مثل الجنرال برويز مشرف والجنرال ضياء الحق؛ ويصف المحلّلون هذا التوازن بأنه حُكم هجين. ويرى بعضهم أن التعديل الأخير مؤشر على انحياز الكفة حالياً لصالح المؤسسة العسكرية.

«بالنسبة لي، هذا التعديل هو أحدث دلائل، وربما أقواها حتى الآن، على أن باكستان لم تعد في نظام هجين، بل في ما يمكن تسميته بنظام ما بعد الهجين»، يقول مايكل كوجلمان، مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون بواشنطن. «نحن أمام وضع يكون فيه عدم التوازن المدني–العسكري شديد الوضوح.»

ينص التعديل على أن منير، الذي صار رئيساً للأركان في نوفمبر 2022، سيشرف الآن أيضاً على البحرية والقوات الجوية. وسيظل لقبه كـ«مشير» ولبسه العسكري مدى الحياة، و«تُسند إليه مسؤوليات وواجبات» حتى بعد التقاعد تحددها رئاسة الجمهورية بناءً على مشورة رئيس الوزراء. والرهان الرسمي هو أن ذلك سيضمن له دوراً بارزاً في الحياة العامة طوال حياته.

جاء دفاع ممثلي القانون عن التغيير بأنّه يوضح قيادة القوات المسلحة ويواكب متطلبات الحروب الحديثة. ونقلت وكالة الأنباء الحكومية عن رئيس الوزراء شهباز شريف قوله إن التعديلات جزء من أجندة إصلاحية أوسع لضمان جاهزية الدفاع. لكن آخرين يصفون الأمر بأنه تسليم مزيد من السلطة للجيش.

يقرأ  حقائق يجب أن تعرفها عن الذكاء الاصطناعي في مجال التعلم والتطوير

«لا يوجد توازن بين العسكريين والمدنيين»، تقول مونيزا جهانغير، صحفية ورئيسة مشتركة في لجنة حقوق الإنسان الباكستانية. «مرة أخرى، مالت كفة السلطة صوب المؤسسة العسكرية وزُودت بقدر أكبر من النفوذ في وقت كان من المفترض أن تُقوّض فيه سلطتها».

لا «مساحة مستقلة للعمل»

المجال الثاني المثير للجدل يتعلق بالقضاء. ينشئ التعديل محكمة دستورية اتحادية جديدة تُعنى بالفصل في المسائل الدستورية. ويُعيّن رئيس الجمهورية رئيس المحكمة الاتحادية الدستورية الأول والقضاة الذين يخدمون فيها. وتقول مونيزا جهانغير: «هذا يغيّر إلى الأبد شكل وطبيعة الحق في محاكمة عادلة». «تأثير السلطة التنفيذية توسّع ليس فقط في تسمية القضاة بل وبالتحكم في تشكيل هيئات دستورية. عندما يقرّر الدولة تشكيل تلك الهيئات، فما أمل ذاك المدّعي في الحصول على محاكمة نزيهة؟»

تضيف المعلقة عريفة نور: «السلطة القضائية أصبحت خاضعة بصورة كبيرة للسلطة التنفيذية. الإجماع العام يبدو أن القضاء الآن لن يمتلك مساحة مستقلة للعمل في الوقت الراهن.»

قبل إقرار هذا التعديل، كانت المحكمة العليا تنظر في القضايا الدستورية، مما أدى بحسب بعض الآراء إلى تراكم قضايا جنائية ومدنية انتظاراً للفصل لأن القضاة كانوا يضطرون للاستماع إلى المسائل الدستورية أيضاً. ويُقال إن فصل الجانبين من شأنه أن يسرّع العمل القضائي. لكن المحامي صلاح الدين أحمد، المقيم في كراتشي ويعمل أمام المحكمة العليا، يعتبر هذا الطرح غير مبرّر. ويشير إلى أن غالبية القضايا المعلقة في البلاد ليست أمام المحكمة العليا، قائلاً: «إحصائياً، لو كنتم مهتمين حقاً بتسريع التقاضي لركّزتم على إصلاح تلك القضايا».

في الساعات التي تلت توقيع التعديل إلى قانون، قدّم قاضيان في المحكمة العليا استقالتيهما. قال القاضي آثر مينالله في خطاب استقالته: «الدستور الذي أقسمت أن أحافظ عليه وأدافع عنه لم يعد قائماً». وأوضح القاضي منصور علي شاه أن الجهاز القضائي وُضع تحت سيطرة الحكومة وأن التعديل السابع والعشرون «مزّق المحكمة العليا إلى أشلاء».

يقرأ  ترامب يتوقع توسيع اتفاقات إبراهيم قريبًاويأمل انضمام المملكة العربية السعودية

ردّ وزير الدفاع خواجة آصف على الاستقالات قائلاً إن «ضميرهم أيقظهم لأن احتكارهم للمحكمة العليا قد تراجع والبرلمان حاول إثبات سيادة الدستور». ويبيح التعديل أيضاً نقل القضاة إلى محاكم أخرى من دون موافقتهم؛ فإذا رفض القاضي الانتقال يمكنه الاستئناف أمام اللجنة القضائية، وإذا اعتُبرت مبرراته غير مقنعة يُرغم على التقاعد. ويؤكد الموالون أن ذلك سيضمن توافر القضاة في جميع أرجاء البلاد، لكن البعض يخشى أن يُستغل كوسيلة ضغط.

«أن تُنقل قاضياً من الإقليم الذي يخدمه إلى محكمة عليا أخرى فذلك سيزيد الضغط عليه ليتبع خط الحكومة»، يحذّر صلاح الدين أحمد، معرباً عن قلقه من أن التغيير سيخلّ بتوازن السلطات في باكستان. يضيف أن النظام القضائي قد تعاون مع الديكتاتوريين في الماضي، لكنه في مناسبات أخرى دفع السلطة التنفيذية باتجاه التهدئة أو التراجع. «أعتقد أنه إذا حُرِم الناس نهائياً من تلك الآمال، فإن ذلك يدفعهم إلى مسارات أخرى أبشع بكثير.»

يتفق السيد كوجلمن: «الامتعاض المكبوت لا يبشر بخير للاستقرار الاجتماعي.»

تقول السيدة نور: «هذا مؤشر على انزلاق نحو السلطوية»، مضيفة أنها ترى أن التعديل الأخير يُبنى على التعديل السادس والعشرين الذي أُقر العام الماضي والذي منح المشريعين سلطة اختيار أعلى قاضٍ في باكستان. وهناك تكهنات بوجود التعديل الثامن والعشرين.

إن ذلك يدلّ على أن ميزان القوى منحاز، ومنحاز بشدة، لصالح المؤسسه.

أضف تعليق