توسّع وايمو في الولايات المتحدة — مخاوف بشأن السلامة ومنافسة متصاعدة في صناعة السيارات

سان فرانسيسكو، الولايات المتحدة — رصيف أمام محل البقالة الذي يملكه ماجد زيدان في حي المِشن ما زال مغطًّى بالزهور والشموع والوشاح واللوحات تذكاراً لـِ «كيت كات»، القطة التي دهستها مركبة ذاتية القيادة تابعة لشركة وايمو أواخر أكتوبر. وبعد شهرٍ فقط وردت تقارير عن إصابة كلب بنفس النوع من المركبات.

على أحد الملصقات بين الصور كتب زائر عبارة استفزازية تحولت سريعاً إلى شعار احتجاجي محلي، فحينها أدرك زيدان أن «كيت كات» — قطة البقالة — صارت رمزاً لغضب متصاعد من انتشار المركبات الذاتية في شوارع المدينة الملونة والمنحدرة.

منذ موافقة السلطات قبل عامين على تشغيل أسطولها الخالي من السائقين، باتت شركة وايمو، المملوكة لشركة ألفابت الأم لغوغل، جزءاً من المشهد الحضري لسان فرانسيسكو. اعتاد السكان ركوب مركباتها، وخرج متجوّلون متنكرون في الهالووين إلى أسطحها للرقص، بل وقام بعض المارة أحياناً بطرق غطاء المحرك لإجبارها على التراجع.

في نوفمبر منحتها السلطات موافقات توسعية كبرى تمثّلت بالسماح لها بالسير على طرق المنطقة السريعة وبالتقاط ركاب من مطار سان خوسيه الدولي. وخلال الأسابيع الماضية أطلقت خدمات أو شرعت في توسيعها إلى دالاس وهيوستن وأورلاندو وميامي وواشنطن العاصمة. لكن هذا التوسع جاء مصحوباً بمخاوف متزايدة حول السلامة ودخول منافس جديد: مركبة أمازون الذاتية «زوكس» بدأت تعمل أيضاً في حي المِشن، ويقول زيدان إن حادثة «كيت كات» أظهرت استياءً مكبوتاً من دمج هذه المركبات الحديثة في شوارع المدينة الضيقة والمتعرجة.

بجانب تذكار القطة وُضع ملصق عليه رمز شريطي للتوقيع على عريضة حملتها النائبة المحلية جاكي فيلدر تطالب فيه بوضع إشراف محلي على المركبات الذاتية، وأن لا تبقى مسؤوليات الرقابة حبيسة الصلاحيات الحكومية على مستوى الولاية فقط. يقول السيناتور كاليفورنيا ديف كورتيز، رئيس لجنة النقل في البرلمان الولائي والذي ينتمي منطقته إلى سان خوسيه ومدن أخرى في وادي السيليكون حيث بدأت خدمات وايمو حديثاً: «وايمو تعمل اليوم في بيئة شديدة التساهل». حالياً تشرف لجنة المرافق العامة في كاليفورنيا وإدارة المركبات (DMV) على اختبارات واعتماد هذه التكنولوجيا.

كورتيز أضاف أنه لا يتوقع أن تستمر قدرة وايمو على التوسع دون تشريعات جديدة طويلاً، وأنه يأمل ألا يتطلّب الأمر مأساة حتى يتحرك المشرّع. وقد سبق له أن اقترح مشروع قانون لنقل شؤون المركبات الذاتية إلى نُظم السلطات المحلية بما يشمل رجال الإطفاء والشرطة.

تدّعي وايمو عبر موقعها أن مركباتها شهدت انخفاضاً نسبته 91% في الحوادث العامة و92% في الحوادث التي تُصاحب إصابات للمشاة مقارنة بالمركبات التي يقودها البشر. وفي بيان صدر وقت وفاة القطة قالت الشركة إن «القطة اندفعت تحت مركبتنا بينما كانت تتحرك. نحن نعرب عن تعازينا العميقة لمالك القطة وللمجتمع الذي عرفها وأحبها». لم ترد وايمو على طلب التعليق لهذه المادة.

يقرأ  غارات جوية إسرائيلية تضرب جنوب لبنان

ستيف لارسون، المدير التنفيذي السابق للجنة المرافق العامة، يربط الأداء الآمن لوايمو ونجاح طرحها الجزئي بتأني المنظمين والنصيحة الجيدة التي قدّمُوها للشركة أثناء التجارب. وكارل براور، كاتب ومحلل مختص بأتمتة المركبات، يقول إنه كان متشككاً في أن تصل المركبات الذاتية إلى هذا الانتشار قبل نهاية العقد، لكن تحسّن الحساسات والقدرة على معالجة الفيديو ساهمت في تفوّق وايمو على وجه الخصوص.

مع توسع الأساطيل ستُختبر وايمو عملياً أكثر فأكثر عندما تنتشر مركبات ذاتية أخرى على الطرق وتدفع بها أبعد إلى مناطق لم تُختبر سابقاً.

(مسموح لوايمو الآن أن تعمل على طرق المنطقة السريعة وتلتقط ركاباً من مطار سان خوسيه الدولي)

لا سائق لتصرخ عليه

آوى زيدان «كيت كات» داخل محله رانداس ماركت ست سنوات؛ كان يميّز الزبائن الدائمين ويتبعهم داخل المتجر، وكان موضع مودة كثيرين حتى لُقّب بـ«عمدة شارع 16». روى زبون ثابت أنه كان يداعب ذيل القطة فيرتفع حينها وهو يردّ بمسحة حنونة من مخالبه.

قبل منتصف ليل 27 أكتوبر تلقّى زيدان اتصالاً من ساقٍ في حانة الحي يخبره بأن القطة تعرضت لحادث. توقّفت مركبة وايمو أمام متجره المغلق، وانحنت القطة تحتها. حاولت سيدة تبتعد عن الطريق أن تناديها، ولم تستجب؛ نقرَت على السيارة لمنعها من الحركة، لكن لم يكن هناك سائق لتصرخ عليه، وتحركت المركبة فدهمت القطة. نشر زيدان لاحقاً شريط كاميرا مراقبة أظهر كيف ماتت «كيت كات».

يصف سكوت مورا، أستاذ ومدير مختبر الطاقة والضوابط في جامعة كاليفورنيا-بيركلي، الحادث بأنه تحدٍ تقني لتطوير برمجيات المركبات الذاتية. يقول إن جوانب «الإدراك والتنبؤ والتخطيط» هي حجر الزاوية لهذه البرمجيات، وحادثة قطة البقالة تكشف قصوراً في الإدراك — إذ لم تتمكن السيارة من التعرّف على وجود القطة — لكن الأصعب ربما يكون التنبؤ بما يجب فعله بعد التأكد من الوجود.

قد ينطبق ذلك أيضاً على حادثة الكلب التي وردت عنها تقارير إعلامية أفادت بأنه كان غير مربوط وربما اندفع إلى الشارع، ما أدى إلى مقتله. قالت وايمو في بيان عام: «للأسف، اصطدمت مركبة وايمو بكلب صغير غير مربوط في وسط الطريق. نحن ملتزمون بالتعلّم من هذا الموقف وبكيفية تعاملنا مع مجتمعنا بينما نواصل تحسين السلامة على الطرق في المدن التي نخدمها».

يقرأ  أفضل ٦٠ أغنية شتوية للأطفال من جميع الأعمار

القيادة فعل اجتماعي

يتوقع مورا أن تبرز مشاكل الإدراك والتنبؤ بشكل متكرر أكثر مع تزايد أعداد المركبات الذاتية على شوارع المدن والطرق السريعة وامتدادها إلى مدن ذات أحوال جوية مختلفة. ويحذر براور من أن بقاء وايمو مركزة على مدن دافئة نسبياً قد لا يكفي، فسقوط الثلج قد يسد الحساسات ويُعقّد مهمة الكشف والرؤية لدى هذه الأنظمة. «الطقس سيكون عاملاً حاسماً لفعالية حسّاسات وايمو ولخطط توسّعها»، يقول الباحث.

كذلك أثارت وفاة قطّة كيت كات غضباً مكبوتاً تجاه السيارات الذاتية القيادة، وكشفت مقدار التوتر الذي تسبّب به تغيّر شكل شوارع سان فرانسيسكو ونمط تنقّلها (تصوير: سوميا روي/الجزيرة).

في الحديث عن التنبؤ، يردّ مورا بأن «القيادة فعل اجتماعي»، ويضيف أنّ «ما نريده هو أن تتوقّع السيارة سلوك الآخرين وتتحرّك تبعاً لذلك». لذلك بحث في أنواع الإشارات التي يمكن للمركبات الذاتية أن تبذلها للمشاة والسائقين الآخرين لتنسيق أفضل — إشارات قد تكون مصابيح LED أو إعلانات صوتية تخبر أن السيارة ستنعطف أو تنزل ركابها، وقد برزت هذه الإشارات كعناصر ذات قيمة عملية عند مورا.

تصميم المركبات الذاتية قد يجعل مظهرها وتجربتها مختلفين جذرياً عن السيارات التقليدية. بعض هذه الخصائص المبتكرة موجودة في سيارة زوكس المدعومة من أمازون، التي بدأت العمل في مناطق محدودة من سان فرانسيسكو، ومنها حي المشن منذ نوفمبر، وتوجد قائمة انتظار لتجربتها. زوكس لا تشبه السيارات المألوفة؛ لا تحتوي على مقود وتستطيع التحرك للأمام وللخلف بسلاسة.

وايمو بدورها تضيف مركبات مصممة خصيصاً من شركة زيكر الصينية وهيونداي، إلى جانب أسطولها الذي يزيد على 1500 مركبة من جگوار.

خفض خدمات النقل العام

إدخال زوكس وتوسّع وايمو أثار مخاوف بشأن طبيعة شوارع سان فرانسيسكو ومستقبل المدينة نفسها. «كلّ المشكلات التي نواجهها ستتفاقم الآن»، تقول كلير أمابل، مديرية الحملات في ائتلاف درّاجي سان فرانسيسكو، الذي يدعو إلى تشجيع وسائل نقل مستدامة.

في 2023، كتبت أمابل إلى لجنة مرافق المُشغِّلين بعد حادثة أثناء قيادتها رحلة درّاجات للأطفال؛ اقتربت مركبة وايمو إلى مجموعتهم من الخلف حتى اضطرّ المنظّمون للطرق على سقف السيارة لإيقافها قبل أن تصطدم بالأطفال. حتى مع ازدياد انتشار المركبات الذاتية، ترى أمابل أن النقل العام يعاني من تقصير في التمويل ويجب أن يحظى بالأولوية.

يقرأ  محكمة تقضي بمسؤولية جامعة هارفارد قانونياً لسرقة أجزاء من جثث في المشرحة — أخبار الجريمة

في أغسطس، سمحت السلطات المدينة بعودة السيارات الذاتية وخدمات الركوب إلى شارع ماركيت التجاري بعد ثلاث سنوات كان الشارع خالٍ فيها من السيارات. وفي الوقت نفسه، تراجع عدد باصات الخدمة في الشارع نتيجة تقليصات الميزانية. وامتنع متحدث باسم هيئة النقل في المدينة عن التعليق على الموضوع.

تتنافس سيارة زوكس الذاتية مع وايمو وتُعدّ عنصراً جديداً في المعادلة.

دفعة متدرّجة أم انتشار فوري؟ تدعو أمابل وآخرون إلى طرح تدريجي للمركبات الذاتية. لكن توفّر سيارات الأجرة الروبوتية بسهولة قد يُلحِق ضرراً إضافياً بشبكة نقل عام بالفعل مُهمَّشة وبوسائل نقل مستدامة مثل ركوب الدراجة.

جول سميث، الذي اعتاد أن يذهب إلى عمله على دراجته في متجر بقالة مشهور بالمدينة، جرّب وايمو عندما أرسل دراجته للصيانة الشهر الماضي. حمّل التطبيق وركب أول رحلة له، «كانت مريحة جداً، وأفضل شيء أني استطيع تشغيل أيّ موسيقى أريدها وبالحجم الذي أفضله». يخطط الآن لمزج رحلات وايمو مع الدراجة بعد أن استعاد دراجته.

براور يوضح أن التطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي لمعالجة الفيديو اللحظي، وليس اللغة وحدها، ساهم في نجاح السيارات الذاتية أسرع من المتوقع؛ فأصبح بإمكان وايمو التعرّف على حركة المرور والمارة بدقّة والقيادة وفق ذلك من دون حوادث كبيرة. مركبات كروز التابعة لشركة جنرال موتورز — التي انطلقت مع وايمو — تعرّضت لحادث مع أحد المارة في 2023 وتوقّفت خدماتها لاحقاً، بينما سمح سجل وايمو الأمني لها بالتوسع بوتيرة متأنية.

«قد تكون أكثر أماناً، لكن هذا لا يعني أن الحكومة لا ينبغي أن تقوم بدورها»، يقول السيناتور كورتيز، الذي يفكّر في إعادة تقديم نسخة من قانون سابق يطالب بتشريعات محلية أكبر على سيارات الأجرة الروبوتية. «التنظيم يساعد الشركات على تطوير منتجات آمنة ويقلّل المسؤولية.»

يرى براور أن التحسّن المستمر في قدرة الأنظمة على الرؤية ومعالجة مدخلات الطريق يعني أنه بين 2028 و2030 «سنندهش من عدد السيارات غير البشرية في أنحاء الولايات المتحدة»، وأن تلك ستكون نقطة التحول التي جعلت الأمر واقعياً.

في غضون ذلك، صنع زيدان قبعات وقمصاناً مكتوباً عليها هاشتاغ تذكاري لكتكات لبيعها في متجره. يرى أن البضائع تخلّد ذكرى كيت كات وفي الوقت نفسه تجمع معارضة المدينة المتصاعدة ضد النمو السريع للسيارات الذاتية.

أضف تعليق