أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحديد سقف استقبال اللاجئين للسنة المالية 2026 عند 7,500 شخص — أدنى مستوى منذ سن قانون اللاجئين عام 1980، الذي وضع سقفًا أوليًا يبلغ 50,000 لاجئ سنويًا (وكان رقم السقف قبل إدارة بايدن محددًا عند 125,000). وأوضحت الإدارة أن أولوية القبول ستُعطى لجنوب إفريقيين من ذوي الأصول البيضاء.
سياسات قبول اللاجئين الجديدة
لا يجوز أن يتجاوز عدد الحاصلين على صفة لاجئ 7,500 شخص، وسيخضع المرشحون لفحوصات صارمة ومتعددة المراحل قبل السماح لهم بالدخول، مع اشتراط موافقة وزيري الخارجية والأمن الداخلي. كما كرّرت البيت الأبيض أن مرسوماً صدر في يونيو يسمح لوزارة الخارجية أو لسلطات الهجرة برفض دخول أجانب إذا اعتُبر قبولهم ضرراً لمصالح البلاد.
لماذا أولوية للبيض من جنوب إفريقيا؟
يدّعي ترامب أن الأفريكانرز البيض مهددون بـ«إبادة» في جنوب إفريقيا، ووقع أمرًا تنفيذيًا (رقم 14204) استجابة لقانون نزع الملكية رقم 13 لسنة 2024 الذي يجيز تأميم الأراضي وإعادة توزيعها. انتقدت واشنطن ما وصفته بمصادرة أراضٍ يمتلكها «أقليات عرقية» بيضاء وهددت بوقف المساعدات في حال استمرّت الحكومة الجنوب إفريقية بالإجراءات. في مايو الماضي وصل 59 مواطناً جنوبياً أبيض إلى الولايات المتحدة ضمن برنامج خاص أقرّه ترامب لهم، وفي لقاء في البيت الأبيض عرض ترامب فيديوهات وأدّعى وقوع «إبادة بيضاء» في البلاد، مصوغًا اتهامات بالقتل والاستهداف العرقي.
هل يحتاج الأفريكانرز البيض إلى وضع لاجئ؟
معظم الخبراء لا يرون أن موجة نزوح جماعية تستدعي منح وضع لاجئ بهذا النطاق. جاء قانون نزع الملكية ليصحّح ظلماً تاريخياً من نظام الفصل العنصري (الأبارتايد)، ويمنح الدولة صلاحية مصادرة أراضٍ مملوكة للقطاع الخاص لأغراض عامة مع تعويض وفي بعض الحالات دون تعويض صريح. القانون حلّ محل تشريعات قديمة اتُّهمت بالغموض بشأن التعويض. تاريخياً، مثّل البيض نحو 7% من السكان ويمتلكون نسبة كبيرة من الأراضي (أكثر من 70%)، بينما يعاني جزء كبير من السكان السود من فقر واسع النطاق. كما أكد رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوسا خلال لقائه ترامب أن العنف في البلاد ظاهرة جنائية واسعة تؤثر بكل المواطنين وليس فئة واحدة. مؤرخون مثل سول دابو انتقدوا رواية «الإبادة البيضاء» واعتبروها غير مستندة إلى وقائع؛ العنف في جنوب إفريقيا مرتبط بعدم المساواة والظروف الاقتصادية أكثر من كونه برنامجاً سياسياً لإبادة جماعية. أشار دابو أيضاً إلى أن موقف ترامب قد يتغذى من خلافات دبلوماسية أخرى، من بينها ملفّ جنوب إفريقيا المتعلق بدعوى «الإبادة» ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.
هل هذا أدنى سقف للاجئين في التاريخ الأمريكي؟
هذا السقف هو الأدنى في الذاكرة المعاصرة ويقلّ حتى عن سقف الستينيات والسبعينيات الذي انتهجه قانون عام 1980، بل هو أقل من سقف بديل كان مطروحًا (17,400). يظل تحديد عدد اللاجئين سنوياً من صلاحيات الرئيس بالتشاور مع الكونغرس؛ ففي السنوات المالية 2022–2025 كان الحد الأقصى 125,000 لاجئ.
خشونة في تاريخ سياسة الهجرة الأمريكية
لم تكن الولايات المتحدة دائماً منفتحة على اللاجئين والمهاجرين؛ تاريخها مشحون بتشريعات استثنائية وممارسات مقيّدة العديد منها قائم على تمييز عرقي أو سياسي. نقاط بارزة:
– 1790 — قانون التجنيس: حصر التجنيس بالمواطنين الأحرار البيض الذين أقاموا في البلاد مدة محددة، مستبعداً السكان الأصليين والعبيد وغير البيض.
– 1875 — قانون بيج (Page Act): أوّل قانون فيدرالي للهجرة، استهدف خصوصاً النساء الآسيويات بحجج حماية ضد الدعارة والعمل القسري، لكنه طُبّق تمييزياً.
– 1882 — قانون استبعاد الصينيين: حظر دخول العمّال الصينيين ومنعهم من التجنيس، وظل ساريًا لسنوات طويلة.
– أوائل القرن العشرين — اتفاقيات واتفاق «السادة» مع اليابان والقيود على المناطق الآسيوية، بما في ذلك قانون 1917 الذي أنشأ «منطقة محرّمة» شملت معظم آسيا والشرق الأوسط.
– 1924 — قانون جونسون-ريد: فرض كوتا مبنية على «الأصول الوطنية» وقلّص بشدّة هجرة غير الأوروبيين.
– 2017 — حظر السفر «المسلم»: أصدرت إدارة ترامب قيود سفر طالت مواطني دول ذات أغلبية مسلمة، ومرّ القرار بتعديلات قضائية إلى أن أقرت المحكمة العليا نسخة معدّلة عام 2018. في 2021 ألغى الرئيس بايدن الأمر التنفيذي.
– 2025 — حظر سفر جديد: في يونيو فرضت إدارة ترامب حظراً كاملاً على مواطني 12 دولة (منها عدد من الدول الإفريقية) وقيوداً جزئية على دول أخرى، وتردّدت أنباء عن نية لتوسيع القائمة إلى عشرات الدول الإضافية وفق تسريبات إعلامية.
خلاصة
القرار الجديد بتخفيض سقف اللاجئين إلى 7,500 يعكس تشديداً كبيراً في سياسة الهجرة الأمريكية، وفي سياق تاريخي طويل من تشريعات وإجراءات تقييدية استهدفت مجموعات عرقية وجغرافية محددة. أما تبرير منح أولوية لجنوب إفريقيين بيض فمحطّ نقاش وخلاف بين الساسة والخبراء؛ فالدلائل التاريخية والاقتصادية والاجتماعية تشير إلى أن الأزمة في جنوب إفريقيا مركبة ومعقّدة، وأن رواية «الإبادة البيضاء» تفتقر إلى الأسس التحقيقية التي تقنع غالبية المتخصصين.
