بواسطة روزانا لاتيف، دانيال أزهر ومي مي تشو
كوالالمبور/بكين — تدخل الصين وماليزيا في محادثات مبكرة حول مشروع لمعالجة الفلزات الأرضية النادرة، مع ترجيحات بأن يتشارك صندوق الثروة السيادية خزاناه ناسيونال مع شركة صينية مملوكة للدولة لبناء مصفاة في الدولة الآسيوية الجنوبية الشرقية، حسبما أفاد مسؤولون مطلعون على المباحثات.
وإذا تبلور هذا المشروع المشترك، فسيشكّل تحوّلاً بسياسَة بكين التي تُعد أكبر مورد ومكرّر للفلزات الأرضية النادرة في العالم، إذ كانت قد حظرت تصدير تقنيات المعالجة بهدف حماية هيمنتها على الصناعة.
مصادر في ماليزيا قالت إن بكين مستعدة لمقايضة تقنياتها مقابل الحصول على حق الوصول إلى احتياطيات ماليزيا غير المستثمرة من هذه الفلزات، في مسعى للحد من منافسة شركة لايناس الأسترالية، التي تشغّل مصنعًا لمعالجة الفلزات في ولاية فاهانج الوسطى، بحسب مصدرين مطلعين على المحادثات.
جميع المصادر الأربعة التي تحدثت إلى رويترز طلبت عدم الكشف عن هويتها نظراً لحساسية الموضوع. ولم ترد وزارتي الموارد الطبيعية والتجارة في ماليزيا على طلبات التعليق فورًا.
المسؤول التنفيذي للاستثمارات في خزاناه، هشام حمدان، امتنع عن تأكيد وجود محادثات أو خطط للمصفاة المقترحة، واصفًا الأمر بأنه “مبكر جدًا”، لكنه أقر بأن الفلزات الأرضية النادرة تدرج ضمن القطاعات التي يدرسها الصندوق. وقال في مقابلة مع رويترز في سنغافورة: “نجري دراسات عديدة على الصناعات… شيء نسعد باستكشافه ومساعدة الحكومة بشأنه، لكن هذه مسألة على مستوى الحكومة، أليس كذلك؟ فأعتقد أن هذا كل ما يمكننا قوله.”
مكتب مجلس الدولة الصيني المسؤول عن شؤون الإعلام لم يجب على طلب التعليق من رويترز بسبب عطلة العيد الوطني.
عقبات مرتقبة، بحسب مصادر
أشار مصدر ماليزي إلى أن الخطة واجهت عدة عقبات، من بينها قلق الصين بشأن قدرة ماليزيا على توفير مادة خام كافية لتشغيل المصفاة.
وقال مصدران إن ماليزيا قلقة أيضًا من الأثر البيئي المحتمل والعقبات التنظيمية، إذ تتطلب أنشطة التعدين عادة موافقات ورخصًا من السلطات الحكومية على المستويين الولائي والفدرالي. وقد أعلنت ماليزيا أنها لا تؤيد التعدين في مواقع حساسة مثل المحميات الغابية الدائمة ومناطق تحصيل المياه.
وشهد المصنعون العالميون سباقًا لتأمين إمدادات بديلة من الفلزات الأرضية النادرة، بعد أن أدت قيود التصدير التي فرضتها بكين هذا العام إلى تأخيرات في الإنتاج لشركات تصنيع سيارات كبرى ومنتجي المغناطيسات.
تقدّر الحكومة الماليزية مخزون البلاد بنحو 16.1 مليون طن متري من هذه الفلزات، لكنها تفتقر إلى التكنولوجيا اللازمة لاستخراجها ومعالجتها، وقد حظرت تصدير المواد الخام لتفادي استنزاف الموارد. والاستثناء الوحيد تم منحه في 2022 لمشروع تعدين تجريبي هدفه المساعدة في وضع إرشادات وطنية للتشغيل ومنح التراخيص لاستخراج الفلزات.
وفي مايو وقّعت شركة لايناس الأسترالية، أكبر منتج للفلزات الأرضية النادرة خارج الصين، اتفاقًا مع ولاية كلانتان الشرقية في ماليزيا لتوريد كربونات فلزات أرضية نادرة مختلطة في المستقبل، في خطوة اعتبرت محاولة لتطوير الصناعة المحلية.
المصفاة المقترحة ستعالج الفئتين
المصفاة المقترحة من المتوقع أن تعالج كلًا من الفلزات الأرضية النادرة الخفيفة والثقيلة، بحسب مصدرين ماليزيين. وتلعب هذه العناصر دورًا محوريًا في تصنيع منتجات تتراوح من السيارات والهواتف المحمولة إلى المعدات العسكرية. وفي حين تُستخدم الفلزات الأرضية الثقيلة على نحو واسع في تكنولوجيا الطاقة النظيفة، فإنها أقل توافرًا، وبعضها يشهد نقصًا وسط طلب مرتفع.
في أغسطس، قال جوهاري عبد الغني، وزير الموارد الطبيعية الماليزي، إن الصين مستعدة لتقديم مساعدة فنية وتقنية في معالجة الفلزات الأرضية النادرة. لكنه أضاف أن الرئيس شي جين بينغ طالب بأن تقتصر جهود التعاون على شركات مرتبطة بالدولة لحماية الأسرار التجارية، مشيرًا إلى أن المناقشات لا تزال تمهيدية ولم يتم التوصل إلى اتفاق بعد.
وإذا ما نجحت المفاوضات، فإن ذلك قد يجعل ماليزيا من بين قلة البلدان التي تتمتع بتقنيات معالجة وكل من التكنولوجيا الصينية وغير الصينية للفلزات الأرضية النادرة.
(تقرير: روزانا لاتيف ودانيال أزهر في كوالالمبور ومي مي تشو في بكين؛ إضافة تقارير من رايان وو في بكين وزينغهوي كوك في سنغافورة؛ تحرير كلارنس فرنانديز)