أستراليا تفرض حظراً شاملاً على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم دون 16 عاماً
ما الذي تقرّه استراليا؟
ابتداءً من 10 ديسمبر ستمنع القواعد الفدرالية الجديدة الأطفال دون سن 16 من إنشاء حسابات أو استخدام حسابات على أكبر منصات التواصل الاجتماعي. تطلب القواعد من الشركات حظر الحسابات الجديدة للمُقلّين عن السن وإزالة الحسابات الحالية التي تخص مستخدمين دون 16 عاماً، كما تلزمها بوضع آليات لاكتشاف محاولات الولوج من قِبل قُصَّر. الاستثناء الوحيد الواضح هو منصات ألعاب الفيديو، التي لم يُشر إليها في التعديلات.
لماذا اتخذت الحكومة هذا الإجراء؟
استند القرار جزئياً إلى دراسة حكومية صدرت عام 2023 أظهرت أن أربعة من كل خمسة أطفال بين 8 و16 عاماً يستخدمون وسائل التواصل، وغالباً ما يبدأ ذلك بين سنَي 10 و12. التقرير، الذي أعدّه أندرو ثوربورن، أوصى بفرض قيود عمرية. الحكومة تقول إن الهدف حماية الأطفال من تصاعد المخاطر الإلكترونية مثل التنمر والابتزاز الجنسي، ومحتوى تشجيع إيذاء النفس، والمضار النفسية الأخرى.
كيف سيُطبق الحظر ويُنفَذ؟
مفوّض السلامة الإلكترونية سيصدر معايير إلزامية للمنصات التي تريد العمل داخل استراليا، تشمل نظم تحقق من العمر مثل فحوصات الهوية وقد تصل إلى تحميل صورة وجه المستخدم، وفحوصات دورية وإلزامية تقارير عن طرق اكتشاف القُصّر. وستُفرض غرامات قد تصل إلى 49.5 مليون دولار أسترالي (نحو 31.95 مليون دولار أميركي) على الشركات غير الملتزمة؛ العقوبات موجّهة إلى الشركات وليس إلى الأطفال أو أولياء أمورهم.
هل التطبيق ممكن عملياً؟
خبراء يحذرون من صعوبة التطبيق على نطاق واسع. يوضح باحثون في رفاهية الاستخدام الرقمي أن المراهقين الملمّين بالتقنية قد يلجأون إلى شبكات افتراضية خاصة (VPN)، أو صور مزيفة لمسح الوجه، أو إلى منصات أقل تنظيماً مثل Lemon8، أو ببساطة إلى ألعاب الفيديو. بعض طرق التحقق غير دقيقة أو يمكن التملّص منها بسهولة، كما أن أنظمة القياسات الحيوية قد تُخطئ وتُميّز ضد أصحاب البشرة الداكنة وذوي الإعاقات. لذلك من المتوقع أن يتجنّب بعض القُصّر القيود بينما يُحرم آخرون بالغلط.
مخاطر الخصوصية
تُعدّ آليات التحقق من العمر—سواء برفع بطاقات هوية أو بيانات بيومترية—مصدر قلق كبير للخصوصية. يتطلب ذلك مشاركة معلومات حساسة قد تتعرّض للاختراق أو الاستغلال، ما يجعل الأطفال أهدافاً لسرقة الهوية. كما يحذر البعض من تطبيع المراقبة لدى الناشئة.
موقف الشركات الكبرى
أعلنت منصات كبرى مثل Meta (الشركات المالكة لفيسبوك وإنستغرام وThreads) وتيك توك وسناب شات ويوتيوب وX نيتَها الامتثال للقانون الجديد. وقالت Meta إنها بدأت بالفعل إزالة حسابات القُصّر على بعض خدماتها، فيما تواصل تيك توك مراجعة المتطلبات.
آراء المؤيدين والمعارضين
يرى مؤيّدون، بينهم منظمات للصحة النفسية للشباب، أن المنصات فشلت في تطبيق حدود العمر داخلياً وأن التأخير في التعرض لوسائل التواصل قد يقلل مخاطر التعرض للتنمّر والمحتوى الضار خلال مراحل حساسة من النمو. منظمات مثل Headspace وOrygen رحّبت إلى حدّ ما بإجراءات توفر حماية إضافية لفئات معينة من الشباب.
في المقابل يحذّر منتقدون من أن الحظر قد يضر بذات الفئات التي يرمي لحمايتها. الوصول إلى وسائل التواصل يمكن أن يكون متنفساً مهماً للدعم الاجتماعي، والتعليم، والتعبير الفني، وخاصة للشباب من المجتمعات المهمشة الذين يعتمدون على هذه المساحات للعثور على شبكات دعم أو معلومات قد تنقذ حياتهم. كما أنّ بعض الأذى يحدث على منصات غير مغطاة بالسياسة الحالية، لذا قد لا تحلّ هذه الخطوة المشكلة بشكل كامل.
الدليل العلمي
الأبحاث تشير إلى علاقة مركّبة بين وسائل التواصل وصحة الشباب النفسية: بعض الدراسات تربط الاستخدام المكثّف بمشكلات نفسية، بينما تُظهر دراسات أخرى أن المنصات يمكن أن تقدّم دعمًا واتصالاً مهمّاً للمراهقين. لا توجد بحوث تثبت أن حجب الوسائل سيفضي وحده إلى تحسّن كامل في الصحة النفسية؛ العوامل الأسرية والاقتصادية والاجتماعية تظل مؤثرة بقوة.
ماذا عن الوضع الدولي؟
توجد تجارب أخرى لكنها ليست موحّدة: في الولايات المتحدة مررت ولايات قيود محلية، وغالبها طعن قضائياً. ماليزيا أعلنت عن نية تشريع مماثل. في المملكة المتحدة، قانون السلامة على الإنترنت يفرض التزامات لحماية دون 18 لكنها لا تصل إلى حظر شامل، ويشترط إثبات العمر للوصول إلى مواد معينة. الدنمارك أعلنت نيتها منع من هم دون 15 من امتلاك حسابات، مع استثناءات بإذن الوالدين لسنَي 13 و14، وتشارك عدة دول أوروبية في اختبار تطبيق للتحقق من العمر. أيضاً قوانين في ألمانيا وفرنسا تطالب بموافقات أبوية أو ضوابط عمرية، لكن التنفيذ التقني يمثل تحدياً.
الخلاصة
تهدف أستراليا من خلال هذه الخطوة إلى قيادة جهد عالمي لحماية الأطفال على الإنترنت، لكنها تواجه عملياً توازناً صعباً بين الحدّ من الأضرار وحماية الخصوصية وضمان ألا تُعيق هذه الإجراءات مداخل الدعم المهمة للشباب. النجاة من هذه المُعقّدة تتطلّب حلولاً تقنية واجرائية ومجتمعية متكاملة، لا حظر أحادي الجانب وحده.