الناتو يحذّر روسيا تحذيراً صارماً بشأن انتهاكات متزايدة لمجالات الدول الأعضاء
أصدر حلف شمال الأطلسي (الناتو) بياناً لاذعاً موجهًا إلى روسيا انتقد فيه ما وصفه بسلسلة «متزايدة من التصرفات غير المسؤولة» التي تنطوي على انتهاكات لمجالات الدول الأعضاء الجوية، مؤكداً أنه سيلجأ إلى «إجراءات عسكرية وغير عسكرية» للدفاع عن نفسه.
وجاء في بيان الحلف يوم الثلاثاء: «التزامنا بالمادة الخامسة راسخٌ لا يتزعزع»، في إشارة إلى النص التأسيسي لحلف الناتو الذي يلزم الدول الأعضاء بالدفاع المتبادل في حال تعرض أي منها لهجوم. وأضاف البيان أن هذه الأفعال «تصعيدية، وقد تؤدي إلى سوء حساب للمخاطر وتهدد الأرواح. يجب أن تتوقف».
وجاء تحذير الناتو عقب اجتماع طارئ دعت إليه استونيا بعد أن قالت إن طائرات روسية اخترقت مجالها الجوي. وذكر الحلف أن ثلاث طائرات من طراز ميغ‑31 الروسية دخلت المجال الجوي الإستوني لأكثر من عشر دقائق قبل أن تتم مواجهتها وتجبر على التراجع.
واتهمت موسكو إستونيا باتهامات «لا أساس لها» ووصفت ما يجري بأنه «استمرار لنمط متهور من تصعيد التوترات وتهييج أجواء المواجهة». واستدعت إستونيا مجلس الأمن الدولي، حيث تمتلك روسيا مقعدًا دائمًا، مؤكدة أن مزاعمها ضد موسكو مبنية على «أدلة قوية». وقال وزير خارجية إستونيا مارغوس تساهكنا: «روسيا تكذب مرة أخرى، كما كذبت عدة مرات من قبل».
وفي مؤتمر صحافي، قال رئيس الناتو مارك روتّيه إن الطائرات التي اخترقت المجال الجوي الإستوني لم تشكل تهديدًا فوريًا، وأن التقديرات المستقبلية بشأن ما إذا كان ينبغي إسقاط طائرات روسية ستُتخذ «في الوقت الحقيقي، استنادًا إلى المعلومات الاستخباراتية المتاحة حول الخطر الذي تمثله تلك الطائرات». وأضاف: «لكن إذا لزم الأمر، فاطمئنوا، سنفعل ما هو ضروري للدفاع عن مدننا وشعوبنا وبُنيتنا التحتية».
تأتي الحادثة بعد أسبوعين فقط من مرور سرب مؤلف من 20 طائرة مسيرة روسية فوق أوكرانيا واخترق بعضها المجال الجوي البولندي، بينما رصدت القوات الرومانية مسيّرة من طراز جيران، النسخة الروسية من الطائرة الإيرانية شَهِد، داخل مجالها الجوي.
كما أغلقت الدنمارك مطار كوبنهاغن الرئيسي بعد رصد طائرتين على الأقل دون طيار في محيط المطار، ما أوقف العمليات، ووصفته رئيسة الوزراء ميتّ فريدريكسن بأنه «أخطر هجوم على البنية التحتية الحيوية الدنماركية حتى الآن». ولا تزال التحقيقات جارية لتحديد الجهة المسؤولة عن التسلل. وأُغلِق مطار أوسلو أيضاً بعد رصد طائرات مسيرة هناك، ولم تتضح بعد صلة هذه الحوادث بعضها ببعض، لكن المحققين الدنماركيين والنرويجيين يدرسون هذا الاحتمال.
من جهتها، قالت حكومة النرويج يوم الثلاثاء إن روسيا خرقت مجالها الجوي ثلاث مرات عام 2025 — في أبريل ويوليو وأغسطس — مضيفة أنه لم يتضح ما إذا كانت تلك الانتهاكات عن طريق الخطأ أم مقصودة لاستفزاز النرويج. وأشار بيان الناتو إلى أن فنلندا ولاتفيا وليتوانيا، وهي أيضاً جيران لروسيا، تعرضت لانتهاكات جوية.
وقد أثارت هذه التحركات ردود فعل حادة من عدة دول أعضاء في الحلف التي وعدت كلٌ على حدة بعدم الوقوف مكتوفة الأيدي إذا ما دخلت روسيا أراضيها. وقال رئيس وزراء بولندا دونالد توسك للصحفيين: «أريد أن أكون واضحًا للغاية. سنصدر قرارًا بإسقاط الأجسام الطائرة دون نقاش حينما تنتهك أراضينا وتحلق فوق بولندا. لا مكان هنا للنقاش».
وفي وقتٍ لاحق، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل زيارته المرتقبة إلى الولايات المتحدة لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة: «أعتقد أننا نضيع الكثير من الوقت إن لم تُفرض عقوبات أو تُتخذ خطوات ضد روسيا». وحدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب شروطه لفرض عقوبات على موسكو في وقت سابق من الشهر، قائلاً إنه سيتخذ إجراءات إذا ما امتنع حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيون عن شراء النفط الروسي وانضمّوا إلى واشنطن في حرب تجارية مع الصين بفرض تعريفات جمركية مرتفعة.
ومن المقرر أن يلتقي زيلينسكي بالرئيس ترامب على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.