طهران ترفض التفاوض المباشر مع واشنطن بشأن برنامجها النووي
أعلن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أن أي حوار مباشر مع الولايات المتحدة حول الملف النووي يمثل «نهاية مسدودة محضة»، وذلك في كلمة مسجلة نقلتها قنوات الدولة الثلاثاء، بينما جرت مفاوضات دبلوماسية على هامش جلسات الامم المتحدة العامة.
جاء تصريح خامنئي بعد لقاء لوزير الخارجية عباس عراقجي مع دبلوماسيين من ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة (المعروفون بـE3) ومع مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كايا كالاس، حول إعادة فرض عقوبات مقررة خلال أيام قليلة. وتعتبر استئناف المفاوضات المباشرة مع واشنطن نقطة احتكاك أساسية بين الأطراف.
خلال خطابه في الامم المتحدة، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن إيران «ستبقى بلا سلاح نووي»، ووصف طهران بأنها «الراعي الأول للإرهاب في العالم». ورد خامنئي قائلاً إن «الولايات المتحدة أعلنت نتيجة المباحثات مسبقاً: إغلاق النشاطات النووية والتخصيب. هذا ليس تفاوضاً، بل مرسوم وفرض للرأي».
ومؤخراً رفض مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يمتدّ بموجبه تخفيف العقوبات على إيران، فيما اتهمت دول الـE3 طهران بانتهاك التزاماتها النووية، بما في ذلك تراكم مخزون يورانيوم يفوق أكثر من أربعين ضعف الحد المسموح به بموجب اتفاق 2015، الذي انسحبت منه واشنطن أحادياً عام 2018 في إطار سياسة «الضغط الأقصى». واستمرت إدارة الرئيس جو بايدن إلى حد كبير في تبنّي سياسات سلفه رغم إداناتها الأولية لها.
خطة العمل الشاملة المشتركة ابرمت بين إيران والقوى العالمية ورفعت عقوبات مقابل تقييد طموحات إيران النووية، لكن الأوروبيين أعلنوا استعدادهم لتمديد مهلة العقوبات شرط أن تستأنف إيران المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة، وتمنح مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وصولاً كاملاً إلى مواقعها النووية، وتقدّم تفسيراً لمئات الكيلوجرامات (أكثر من 400 كغ) من اليورانيوم المخصب بدرجة عالية التي تقول الوكالة إنها بحوزتها.
وصف دبلوماسيون أوروبيون اجتماع الثلاثاء على هامش الامم المتحدة بأنه لم يحقق تقدماً يُذكر؛ نقلت تقارير عن وزير الخارجية الألماني يوحان فاديفول قوله إنه «لم يسر على نحو جيد بشكل خاص». وأكدت كايا كالاس أن الفريق الأوروبي بحاجة إلى «رؤية تحرّك حقيقي من الجانب الإيراني» لتجنب إعادة العقوبات: «لدبلوماسية فرصة، والمهل تنفد، فلنرَ. نحتاج إلى رؤية عمل حقيقي من إيران».
الموقف النووي الإيراني
نفت طهران مراراً سعيتها لسلاح نووي، وأكدت في الوقت نفسه حقها في استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية. ومن خلال كلمته، كرّس خامنئي هذا الموقف: إيران لا تسعى إلى قنبلة نووية لكنها لن تخضع للضغوط الدولية، بحسب مراسل الجزيرة من طهران.
تصاعدت التوترات في يونيو حين شنّت إسرائيل، بدعم جوي أمريكي كما أُفيد، ضربات على عدة مرافق نووية إيرانية؛ جاء ذلك بعد أن خلصت هيئة الرقابة النووية التابعة للأمم المتحدة إلى أن إيران لا تلتزم بضوابطها. وصوّت مجلس الأمن مؤخراً بعدم رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران بشكل دائم، وهو قرار وصفته طهران بأنه «انحياز سياسي»، وجاء هذا التصويت بعد سلسلة ضغط قادها E3 بدأت بمهلة ثلاثين يوماً في أواخر أغسطس لإعادة فرض العقوبات إذا لم تستجب طهران.
ردّت إيران بالتحذير من أن إعادة العقوبات ستؤدي عملياً إلى «تعليق» تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وعلى المنخط السياسي الداخلي، طالب نواب متشددون الأسبوع الماضي بأن تبدأ البلاد في بناء قنبلة نووية خشية أن تؤدي عودة العقوبات إلى اندلاع حرب مع إسرائيل.
خطر «العودة التلقائية» للعقوبات
إذا لم يُبرم اتفاق دبلوماسي خلال الأسبوع، فإن العقوبات ستُعاد تلقائياً مساء السبت، ما سيؤدي إلى تجميد أصول إيرانية في الخارج، ووقف صفقات السلاح مع طهران، وفرض عقوبات على أي تطور في برنامج الصواريخ الباليستية، إلى جانب تدابير أخرى اقتصاديّة وسياسية.
إلا أن بارقة أمل بقيت متاحة: قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي الثلاثاء إن فريقاً من المفتشين في طريقه إلى إيران تحسّباً لاحتمال التوصل إلى اتفاق ومنع إعادة العقوبات. وأضاف: «كل شيء ممكن. حيث توجد إرادة يوجد طريق. لدينا مفتشون في الطريق، وهناك إمكانية لبدء العمل، وفق الإرادة السياسية لإيران».