خرق حماس يكشف ذهنية جيش الدفاع الإسرائيلي قبل ٧ أكتوبر بعد ٢٢ شهراً من الحرب

دخل مسلحون من حركة حماس موقعًا لقوات الدفاع الإسرائيلية قرب خان يونس عبر نفق يبتعد نحو 40–50 مترًا، حيث تعطلت الكاميرات ولم تكن هناك دوريات مراقبة على ذلك الجانب، فنجحوا في إصابة ثلاثة جنود قبل أن تُقتل 15 من المهاجمين ويستعيد الجيش سيطرته على الموقع.

في يوم الأربعاء تسلل مقاتلو حماس إلى موقع دفاعي تابع للجيش الإسرائيلي حول خان يونس، وفي النهاية أُصيب ثلاثة جنود إسرائيليين وقُتل 15 من عناصر حماس، واستعاد الجيش السيطرة بسرعة نسبية، لكن مجرد قدرة حماس على اختراق موقع عميق بعد 22 شهرًا من الحرب هزّت المؤسسة الدفاعية.

كيف نجحوا في ذلك؟

أول عامل كان النفق نفسه؛ إذ كان على بعد 40–50 مترًا من الموقع، وهو ما أفاد الجيش بأنه لم يترك لديهم وقتًا فعليًا للرد ومنع الاختراق.

يثير هذا استفسارات إضافية: كيف، وبعد 22 شهرًا من الحرب ومع الدمار الواسع الذي أحدثه الجيش في غزة، لم تُكتشف نفق بهذا القرب من الموقع؟

هنا يلزم قليل من التواضع. في الأشهر الأولى من الحرب وحتى نحو السنة الأولى، صدرت تصريحات من الجيش والقيادة السياسية عن تدمير نسبة كبيرة من الأنفاق في مناطق مختلفة، لكن مع مرور الزمن بدا أن تلك التصريحات كانت متباعدة عن الواقع أو أغفلت تفصيلًا مهمًا.

تقريبًا جميع “الأنفاق الاستراتيجية” الكبيرة لحماس—المستخدمة لنقل أشياء وأسلحة كبيرة أو لإخفاء قواعد اتصالات واستخبارات وتطوير أسلحة—دُمّرت في 2024 (مع اكتشاف نفق كبير إضافي في أبريل من هذا العام). لكن لا أحد يعلم عدد “الأنفاق التكتيكية” الصغيرة الخاصة بتحرك مجموعات محدودة محليًا، وقد قُدِّر قبل أشهر أنها ربما لم تتعرض سوى لحوالي 25% من العمليات التدميرية.

ثانيًا، سيطر الجيش على نحو 75% من أراضي غزة منذ فترات مايو–يوليو؛ أي أن حربًا على 75% من الأنفاق الصغيرة في 75% من غزة بدأت فعليًا في الأشهر القليلة الماضية. لذلك، كان من المنطقي أن يتوقع الجيش وجود أنفاق صغيرة قرب معظم مواقع التقدم الجديدة.

يقرأ  مظاهرات حاشدة من أمستردام إلى إسطنبول تندد بإبادة غزة على يد إسرائيلأخبار الصراع الإسرائيلي‑الفلسطيني

أفاد الجيش أيضًا أنه قبل نحو شهرين أُجريت فحوصات على المنطقة وأجزاء من الشبكة النفقية المرتبطة بنفق الهجوم قد تم التعامل معها، لكن على ما يبدو لم تُعالج بالكامل أو أن جزءًا معينًا من شبكة الأنفاق بقي غير معلوم.

لماذا لم تطلق نيران الجنود المتمركزين في الأعلى أو في الخنادق على المهاجمين خلال الركض القصير لمسافة 40–50 مترًا؟ ربما كان بعض المهاجمين سيصلون على أي حال، لكن البعض ربما كان سيُصاب أو يُبطأ ويصبح أسهل في تعقبه عند الاقتحام.

بدلًا من ذلك، لم يُطلق رصاصة واحدة حتى بدأت حماس بإطلاق النار داخل الموقع بعد أن دخلت دون عائق. تبين أن الجيش اعتمد في تغطية تلك المنطقة الدفاعية على المراقبة الإلكترونية فقط، ولم يكن هناك مراقبون بشريون على مسلك الاقتراب المعين. كما أفاد الجيش أن حماس أصابت الكاميرات، وأن من كان يراقبها لم يتصرف بسرعة كافية لتحذير الجنود.

هذا أعقد من مشكلة النفق، لأنه يكشف عن إهمال مستمر في الاعتماد المُفرط على المراقبة والدفاعات الإلكترونية.

هل يعود الأمر إلى نمط تفكير ما قبل 7 اكتوبر؟ ما لم يكن قد حدث هناك إلا هجوم واحد من هذا النوع في بيت حانون، فلماذا الحذر؟ بالإضافة لذلك، ثارت تساؤلات عن سبب عدم رفع حالة التأهب في الموقع رغم تأكيد مصادر عسكرية على وجود تحركات مريبة حوله خلال الثلاثة أيام السابقة. المصادر تقول إن الجيش استجاب بوضع كمائن، لكنها كانت في المكان الخطأ؛ أي اعتقد الجيش أن محيط الصف الداخلي منيّع ولا يمكن اختراقه، فركز الكمائن أبعد قليلًا معتقدًا أنه سيلتقط المهاجمين قبل أن يقتربوا—منطق يذكّر بتفكير ما قبل 7 اكتوبر.

أظهرت تفاصيل أخرى كيف دمر تانك عدة مسلحين داخل القاعدة، وحتى دهس مقاتلًا كان يطلق قذائف RPG. بينما تسلل عناصر حماس إلى أجزاء مختلفة من الموقع ودخلوا مباني دون مقاومة، فإن الرد لم يتأخر بمجرد أن بدأوا بإطلاق النار؛ فالجنود ردّوا خلال ثوانٍ أو دقائق بحسب موقعهم داخل الموقع.

يقرأ  مقتل خمسة أشخاص في تصادم حافلة سياحية على طريق سريع في نيويورك

أشرس القتال، الذي بدأ عند الساعة التاسعة صباحًا، انتهى تقريبًا خلال عشرين دقيقة، رغم أن القضاء الكامل على 15 مقاتلًا استغرق نحو ثلاث ساعات، نصفهم كانوا منتشرين حول الموقع يطلقون قذائف الهاون.

ما تكشفه الحادثة هو أن وضع الجنود في مواقع جامدة بالقرب من أرض العدو يجعلهم عرضة للخطر؛ وأن الضباط إن لم يكونوا متواجدين مع الجنود باستمرار للاطِّلاع والحفاظ على اليقظة ويعتمدوا على التقنية وحدها في الدفاعات الأساسية، فإنهم يصبحون ضعفاء؛ وأن الحرب إن طالت بما فيه الكفاية، فكل درس تعلموه—بغض النظر عن شدته—قبل عامين أو حتى قبل شهر، يمكن أن يُنسى بسهولة.