سان فرانسيسكو، الولايات المتحدة — قبل أسابيع قليلة كان القس براندون برايلو، من نورفولك بولاية فرجينيا، يشرح للأسر في مجتمعه برنامجاً ممولاً اتحاديًا يساعدهم على تركيب أنظمة شمسية فوق الأسطح في منازلهم. كانت الأموال الحكومية مخصصة لتغطية تكاليف التركيب، وما إن تُركّب الألواح حتى تُخفّف من عبء ارتفاع فواتير الكهرباء، وهو همّ بات يلحّ على كثير من الأسر.
ثم ما لبث برايلو أن تلقّى نبأ إلغاء الحكومة الفيدرالية برنامج «طاقة شمسية للجميع» بقيمة 7 مليارات دولار، الذي كان من المفترض أن يمول مشروعه ومشاريع شمسية أخرى في أنحاء البلاد، تاركاً هذه المبادرات في مهبّ الريح.
هذا واحد من عدة مشاريع طاقة متجددة ممولة اتحاديًا أُلغيت أو ستُنهي قبل موعدها، مما يعرقل التحول المخطط للبلاد نحو الطاقه المتجددة ويزيد صعوبة الوفاء بأهداف المناخ.
برايلو، الذي يعمل مديراً لبرنامج ولاية فرجينيا لدى منظمة سولار يونايتد نايبرز، كان يشارِك في إطلاق مشروع نال 156 مليون دولار من التمويل الفيدرالي لدعم تركيب الألواح لما يقرب من 7,500 أسرة من فئات الدخل المتوسط والمنخفض. يقول برايلو إنه شعر بـ«صدمة ذهنية» أمام هذا الانسحاب المفاجئ.
كما أن الحكومة الفيدرالية ستنهي الاعتماد الضريبي بنسبة 30% لتركيب الألواح على أسطح المنازل في ديسمبر المقبل. أما الشركات فستظل مؤهلة لجزء من هذه الاعتمادات الضريبية فقط إذا بدأَت إنشاء المصانع أو المراكز التجارية أو المشاريع التي تُرسى عليها الألواح بحلول يونيو 2026.
كما سحب مكتب الطاقة 13 مليار دولار من تمويل مجموعة أخرى من مشاريع الطاقه المتجددة، شملت تحديث شبكات الكهرباء، وإنتاج أسمنت محايد الكربون، وتخزين الطاقة بالبطاريات. وأنهت الإدارة عدداً من مبادرات تمويل طاقة الرياح كذلك.
قال الرئيس ترامب: «لن نعتمد توربينات رياح إلا إذا حصل طارئ ما». بحسب تقرير لبْلومبرغ إن إي إف في أبريل 2025، قد تؤدي تلك القرارات إلى خسائر بقيمة 114 مليار دولار نتيجة تأخيرات أو إلغاءات في مشاريع طاقة الرياح.
في فلوريدا كانت استمارات التسجيل لعشرة آلاف أسرة من ذوي الدخل المتوسط والمنخفض جاهزة للتقديم على المنح الفيدرالية لتركيب أنظمة شمسية فوق الأسطح عندما ألغي المشروع المموّل بمبلغ 156 مليون دولار في أغسطس.
أخبرت إحدى ساكنات مقاطعة ميامي-دايد المتطوعين الذين كانوا يساعدونها على ملء الاستمارات أنها «خائفة من تشغيل الكهرباء. أخشى تشغيل المكيف»، إذ أصبح ارتفاع أسعار الطاقة في الولاية يفوق قدرتها على التحمل.
قالت هيڤن كامبل، مديرة برنامج فلوريدا لدى سولار يونايتد نايبرز، في حديث إلى الجزيرة، إن تكلفة الكهرباء ارتفعت بنسبة تصل إلى 60% لبعض السكان منذ 2019.
وسجَّلت ولايات أخرى زيادات متفاوتة في تكاليف الكهرباء نتيجة الأعاصير وحرب أوكرانيا التي جرّت معها ارتفاع تكلفة الغاز الروسي.
ومن جانبها تطلب شركة فلوريدا للقدرة والضوء زيادة في التعرفة لرفع نحو 10 مليارات دولار خلال الأعوام الأربعة المقبلة، بحسب مكتب المستشار العام العام في فلوريدا.
حاول موظفو سولار يونايتد توعية السكان بأن تقليل استخدام الكهرباء قد يجعلهم عرضة للفصل عن الشبكة، وأن إعادة الاتصال تأتي مع رسوم.
تقول بيرناديت ديل كيارو، نائبة الرئيس لكاليفورنيا في المجموعة البيئية العاملة، إن إنهاء الاعتماد الضريبي مبكراً سيترك «المستهلكين تحت رحمة شركات المرافق» وارتفاع تعرفة الكهرباء.
تأثير «ظل المطر»
مع اقتراب انتهاء الاعتمادات الضريبية لتركيب الألواح على الأسطح في ديسمبر، ساد سباق لتركيب الأنظمة، ويفيد بعض مركبي الألواح بأنهم يضطرون إلى رفض عملاء لعدم القدرة على تلبية الطلب.
تتوقع ديل كيارو «تأثير ظل المطر» في 2026، في إشارة إلى الهبوط الحاد في حجم الأعمال وفرص العمل التي تستعدّ لها الصناعة العام المقبل.
يصف باري سينامون، الرئيس التنفيذي لشركة سينامون إنرجي سيستمز في سان فرانسيسكو، المشهد بأنه «انهيار كبير في مرونة سوق الطاقة الشمسية».
ويتوقع إد موراي، رئيس جمعية كاليفورنيا للطاقة الشمسية والتخزين، أن يؤدي إلغاء الاعتمادات الضريبية إلى مضاعفة زمن استرداد تكلفة التركيب وغيرها من المصاريف المرتبطة بالألواح ليصل إلى 12 عاماً، مما سيؤدي إلى تسريح آلاف العمال المهرة في القطاع، وتدهور جودة الهواء، وفشل الولاية في تحقيق أهدافها المناخية.
في إشعارها بالانسحاب من هذه المشاريع وصف وزارة الطاقة أن مشاريعها «تقدّم أجندة الصفقة الخضراء السابقة المهدِرة» — لغة حملتها الحكومية السابقة. وفي البيان قال وزير الطاقة كريس رايت إنه «بعيداً عن تبذير أموال دافعي الضرائب، تعيد هذه الإدارة الأموال إلى المواطن الأمريكي مؤكدة التزامها بتعزيز طاقة أمريكية أكثر توفراً وموثوقية وأمناً ولتكون أوصياءً أمثل على أموال دافعي الضرائب».
جاءت انتقادات لمشروعات الطاقة الشمسية من كونها ترفع تكاليف الأسر المتبقية على الشبكة لأن مستهلكي الطاقة الشمسية يدفعون أقل لشركات المرافق بينما يظلُّون يعتمدون على الشبكة عند الحاجة.
بدلاً من ذلك، دعمت إدارة ترامب إنتاج النفط والغاز عبر عدة إجراءات، منها خطط لفتح محمية الأركتيك الوطنية (ANWR) للتأجير النفطي وتسهيل التصاريح للتنقيب على الأراضي الفيدرالية.
تصاعد التكاليف
كانت إدارة بايدن قد مولت مشاريع طاقة متجددة ضمن ما سمّته «الصفقة الخضراء الجديدة»، برنامجاً لتسريع النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل مع أثر إيجابي على المناخ. ومع ذلك، ارتفعت تكاليف الكهرباء في ولايات كثيرة، منها فرجينيا.
وجدت دراسة حديثة لمختبر لورنس بيركلي أن ارتفاع تكاليف الكهرباء فاق التضخّم في 26 ولاية، وعزت الدراسة أسباب الارتفاع إلى عوامل عدة منها حرب أوكرانيا وظواهر جوية متطرفة مثل حرائق الغابات والأعاصير التي ألحقت أضراراً بأعمدة وشبكات كهرباء بالية أصلاً.
في كاليفورنيا، ارتفعت الأسعار بنحو 34% منذ 2019 جزئياً لأن حرائق قياسية أجبرت شركات المرافق على استبدال وتقوية خطوط التوتر العالي. وكان من بين المشاريع الملغاة تمويل اتحادي بقيمة 630 مليون دولار لتقوية شبكات الولاية.
يقول رايان شليتر، مدير الاتصالات في مركز المناخ، إن «غالبية المشاريع التي أُلغيت كانت في منتصف التنفيذ».
كما أدت الحوافز الفدرالية إلى أن أكثر من 20% من السيارات المباعة في الولاية خلال العامين الماضيين كانت كهربائية، ما مكّن عائلات متوسطة الدخل من اقتناء سيارات كهربائية. ومع انتهاء الحوافز في 30 سبتمبر، «التحدي المركزي سيكون كيفية ضمان العدالة»، كما يقول شليتر.
تقول سوزان ستيفنسون، المديرة التنفيذية لجهة تدعم أماكن العبادة للتحول إلى طاقة متجددة، إن عدة مؤسسات دينية كانت تخطط للانتقال للطاقة الشمسية أو تركيب محطات شحن للسيارات الكهربائية تواجه الآن صعوبات في إيجاد مركّبين ورأت ارتفاعاً في التكاليف تجاوز ميزانيتها الأولية إثر التخفيضات الفيدرالية.
في فرجينيا كان ارتفاع تكاليف الكهرباء من أبرز هموم المصلين لدى برايلو، الذي يرى أن تركز مراكز البيانات في الولاية قد يكون سبباً إضافياً في زيادة الطلب وارتفاع الأسعار.
كان سخط الناخبين بشأن ارتفاع فواتير الكهرباء من القضايا الرئيسة في انتخابات حاكم الولاية التي جرت في الرابع من نوفمبر. ومن وعود المرشّحة الفائزة، الديمُوقراطية أبيجيل سبانبيرغر، خفض كلفة الكهرباء بزيادة إنتاج الطاقة ومطالبة مراكز البيانات بتحمّل حصة أكبر من تكاليف الطاقة.
يأمل برايلو أن يُعاد إحياء مشروع الطاقة الشمسية، الذي تُقام نزاعات قضائية بشأن تخفيضاته، على يد الحاكم الجديد. وفي فلوريدا جارية أيضاً دعاوى قضائية حول التخفيضات التمويلية الفيدرالية.
أعلنت عدة ولايات، بينها كاليفورنيا، عن تراجعات خاصة بحوافز الطاقات المتجددة. ومع تزايد تأثير انسحاب التمويل على السكان، يتوقع ستيف لارسون، المدير التنفيذي السابق للجنة المرافق العامة في كاليفورنيا، تصاعد المزيد من الدعاوى القضائية لاستعادة البرامج وتعلّم «تقنيات التأجيل» لمواجهة التخفيضات الفدرالية في المنح والسماح لمشروعات الطاقة المتجددة بالاستمرار.