بوتين يتساءل عن ضغوط واشنطن على مشتريات الهند من النفط الروسي ومستقبل العلاقات يحتلّ جدول الزيارة
وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى نيودلهي الخميس مساءً في زيارة دولة تهدف إلى تقوية الروابط بين موسكو ونيو دلهي. استُقبل بوتين عند مطار العاصمة بحفاوة شخصية من رئيس الوزراء ناريندرا مودي، الذي احتضنه في مشهد نادر يعكس العلاقة الشخصية القوية بينهما.
في لقاءات وإطلالات إعلامية قبيل الزيارة، تحدّث بوتين عن ازدواجية مواقف الولايات العالمية حيال مشتريات الطاقة الروسية، مستشهداً بأن “الولايات المتحدة نفسها تشتري منا وقوداً نووياً لمحطاتها”، وأضاف أن كان لأمريكا الحق في شراء الوقود الروسي فلا بد أن تحظى الهند بنفس “الامتياز”. جاءت تصريحاته رداً على ضغوط متزايدة من الرئيس دونالد ترامب الذي فرض تعريفات عقابية على بضائع هندية رداً على شراء نيودلهي للخام الروسي المخفض.
نشر مودي على وسائل التواصل الاجتماعي قائلاً إنه “سعيد باستقبال صديقي الرئيس بوتين في الهند”، ووصف علاقتهما بأنها “علاقة مجرّبة عبر الزمن أفادت شعوبنا كثيراً”. بعد المصافحة على مدرج المطار، توجّه الزعيمان معاً إلى عشاء خاص في مقر إقامة مودي.
وصفت مراسلة الجزيرة نهى بونيا من نيودلهي أن الاستقبال حمل رسالة واضحة؛ خبراء يرون أن هذه الحفاوة تُظهر أن بوتين ليس منبوذاً تماماً وأن ثمة دولاً ستواصل التعامل معه رغم الضغوط من الدول الغربية على خلفية غزو روسيا الشامل لأوكرانيا. وأضافت أن مودي أراد أن يبعث إشارة مفادها أنه لن يستسلم لضغوط ترامب.
دافع بوتين عن أواصر التعاون في مجال الطاقة، مؤكداً أمام وسائل الإعلام الهندية أن التعاون مع نيودلهي “يبقى غير متأثر بالتقلبات السياسية أو بالأحداث المأساوية في أوكرانيا”. ووجّه اتهامات إلى أطراف لم يسمّها تسعى إلى “تقييد دور الهند لأسباب سياسية” مع نمو نفوذها الدولي.
تبيّن الزيارة حساسية موازنة الهند بين موسكو وواشنطن: استحوذت واردات النفط الهندية من روسيا على حصة كبيرة، فقد كانت قبل 2022 نحو 2.5% من إجمالي مشتريات الخام، وقفزت لتقارب 36% حالياً، ما يجعل الهند ثاني أكبر مشتري للنفط الروسي في العالم. هذا التوجه خفّض تكاليف المكرّرين الهنود بنحو 12.20 دولاراً للبرميل تقريباً عند شراء الخام الروسي المخفض، لكنه أيضاً أثار ردود فعل أميركية تضمنت فرض تعريفات عقابية وصلت إلى 50% على بعض السلع الهندية، إضافةً إلى عقوبات أميركية حديثة طالت كبار منتجي النفط الروس وأجبرت مكرّري النفط الهنود على تقليص مشترياتهم.
من جانبها، أعلنت شركة “ريلاينس” —أكبر مكرر خاص في الهند— أنها ستتوقف عن صادرات المنتجات البترولية المصنوعة من الخام الروسي، في حين يتوقع أن يعقد بوتين ومودي مباحثات قمة رسمية يوم الجمعة للإعلان عن اتفاقيات في مجالات الدفاع والشحن والصحة وتنقّل العمالة.
تسعى روسيا لبيع منظومات دفاع صاروخي إضافية من طراز S-400 وطائرات مقاتلة من طراز Su-57 إلى الهند، ويأمل البلدان الوصول بحجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار بحلول 2030، رغم أن هذا الهدف بدا الآن بعيد المنال مع تراجع واردات النفط.