خمس نتائج رئيسية من ميزانية الضرائب والإنفاق في المملكة المتحدة أخبار السياسة

أعلنت المستشارة المالية البريطانية راشيل ريفز يوم الأربعاء الميزانية الجديدة، مُعلنة رفع ضرائب واسع النطاق يُتوقع أن يجلب 26.1 مليار جنيه إسترليني لصالح الخزانة العامة بحلول عام 2030. جاءت الخطوة وسط ضغط سياسي شديد على حزب العمال الحاكم الذي واجه تراجعاً في استطلاعات الرأي خلال العام الماضي، وحتى استطلاع رأي حديث أشار إلى أن حزب ريفورم اليميني المتشدد في ملف الهجرة قد يتصدر نتيجة انتخابات حال إجرائها الآن.

وشاب الإعلان إخفاق محرج بعدما نشر مكتب المسؤولية عن الميزانية (OBR) تقييمه الاقتصادي المتعلق بالميزانية على موقعه قبل ساعتين من الخطاب الرسمي — ما اعتبر سابقة ونُعت خطأً جسيمًا وصفته ريفز بـ«مخيب للآمال وعميق الخطورة».

واعترفت ريفز بأن الزيادات الضريبية — التي ستتحقق إلى حد كبير عبر تجميد حدود الشرائح الضريبية الحالية بحيث يدفع عدد أكبر من الناس ضرائب أعلى مع ارتفاع دخولهم نتيجة التضخم — ستثقل كاهل العاملين، وهو خروج عن وعد أساسي تعهد به حزب العمال في برنامج الانتخابات الماضية. وقالت أمام البرلمان: «نطلب من الجميع المساهمة».

ورغم ذلك، أكدت أن تلك الإجراءات ستمكّن من توفير نحو 22 مليار جنيه كمساحة مالية خلال خمس سنوات، وأن الاقتراض الحكومي سيشهد تراجعاً سنوياً؛ إذ يُتوقع أن يبلغ الاقتراض 138.3 مليار جنيه في 2025-26، ثم ينخفض إلى 112.1 مليار في العام التالي، وصولاً إلى 67.2 مليار بحلول 2031. وتوقعت أن يتحول العجز المتوقّع لموازنة 2026/2027 البالغ 28.8 مليار جنيه إلى فائض في 2028، مع فائض مقدّر بـ24.6 مليار جنيه في 2030/2031. وقالت إن هذا الفائض سيوجه للإنفاق على شبكة الحماية الاجتماعية ولن يعني العودة إلى سياسات التقشف.

وأضافت ريفز: «قلت إنه لن يكون هناك عودة إلى التقشف، وكنت صادقة. هذه الميزانية ستحافظ على استثماراتنا في الاقتصاد وخدماتنا الصحية، وستُخفض تكاليف المعيشة وتُقدّم تخفيفاً فورياً للأسر، وستخفض أيضاً الدين والاقتراض».

فيما يلي أبرز خمس خلاصات من هذه الميزانية:

1) خرق الوعد بعدم رفع الضرائب على العاملين
ريڤز رفعت الضرائب سابقاً بنحو 40 مليار جنيه في ميزانية العام الماضي — أكبر زيادة في إجراءات جمع الإيرادات منذ عقود — قائلة إنها كانت عملية لمرة واحدة لتصحيح أوضاع مالية الحكومة. هذه المرة لم تُرفع معدلات الضريبة على الدخل أو مساهمات التأمين الوطني للأجراء، لكن تم تمديد تجميد حدود الشرائح الضريبية، ما يعني «انكماشًا ضريبياً» (fiscal drag) سيؤدي إلى دخول مئات الآلاف من دافعي الضرائب إلى شُرائح أعلى مع نمو دخولهم اسميًا. يتوقع أن يُجلب التجديد 780 ألف شخص إضافي إلى دافعي ضريبة الدخل على الشريحة الأساسية بحلول السنة المالية 2029-2030، إلى جانب 920 ألف دافع على الشريحة العليا و4 آلاف على الشريحة الإضافية.

يقرأ  قلعة ألمانية خرافية مخفية ومحاطة بخندقإحدى أجمل جواهر عصر النهضة المحفوظة في أوروبا

قالت إيريم جوشيري، أستاذة الاقتصاد والسياسة العامة بمدرسة بلافاتنيك في أكسفورد، إن هذه الخطوة «ستجعل مئات الآلاف يبدأون بدفع ضريبة الدخل لأول مرة، وجميع دافعي الضرائب الحاليين سيواجهون التزامات أعلى». وكان المحافظون السابقون قد جمدوا هذه الشُرَف حتى 2028، وها هي ريفز تمددها حتى 2031، مع اعترافها بأن القرار سيؤثر على العاملين.

كما أعلنت عن استهداف أثرياء عبر ضريبة على العقارات الفاخرة التي تزيد قيمتها على مليونَي جنيه، وتقييد بعض استحقاقات الإعفاء الضريبي على مساهمات المعاشات لصالح أصحاب الدخول المرتفعة، وزيادة بمقدار نقطتي مئوية في ضريبة الدخول على إيرادات الإيجارات والأرباح الموزعة والأرباح الرأسمالية. قال نايجل غرين، الرئيس التنفيذي لشركة DeVere، إن هذه الإجراءات ستؤدي إلى «تأثيرات سلوكية» أوسع لأن الناس تتخذ قرارات طويلة الأمد حول مكان العمل وبناء الثروة والتقاعد.

وعقب الإعلان، وصفت كيمي بادينوك، زعيمة حزب المحافظين المعارض، قرار ريفز برفع الضرائب على رغم وعود سابقة بأنه «إذلال تام».

2) إنفاق على الرفاهية وإلغاء حد استحقاق الطفلين
أعلنت الحكومة إلغاء حد الاستفادة المحدود لطفلين من مزايا الأطفال اعتباراً من أبريل 2026. حالياً يقتصر الحصول على مزايا ضريبية خاصة على أول طفلين بنحو 3,455 جنيهًا لكل طفل، وهو سقف فرضه الحزب المحافظ السابق. قالت ريفز إن رفع الحَد سيخرج آلاف الأطفال من دائرة الفقر.

يرى خبراء أن هذه الخطوة ستنال استحسان نواب حزب العمال المعارضين للحد، وأن إلغاؤه كان مهماً لبقاء ريفز سياسياً. قال كولم مورفي، محاضر في السياسة البريطانية بجامعة كوين ماري بلندن، إن حد الطفلين يُعد سببًا رئيسياً لفقر الأطفال بين صفوف الناقدين داخل حزب العمال، وكان إلغاؤه شرطاً ضرورياً لبقاء ريفز سياسياً. واعتبر غريغوري ثويتس، مدير الأبحاث في مؤسسة ريزوليوشن، أن هذا التوجه يمثل خطوة إيجابية للحد من فقر الأطفال في المملكة المتحدة.

3) آثار اقتصادية وميزانية طويلة الأمد
ريڤز تقول إن خفض الدين والاقتراض وإيجاد «مساحة مالية» سيمكن من الحفاظ على الإنفاق الاستثماري والخدمات العامة دون العودة إلى موجة تقشفية. لكن المحلّلين حذروا من أن اعتماد الإيرادات على تجميد الشُّرَف الضريبية قد يضاعف الأعباء على الطبقات المتوسطة، ويخلق ضغوطاً سياسية طويلة الأمد. كما أشاروا إلى أن الإجراءات الخاصة بالثروات والأرباح قد تدفع بعض رؤوس الأموال إلى البحث عن ملاذات أكثر استقراراً ضريبياً في المستقبل، مما سيؤثر على قرارات الاستثمار والادخار.

يقرأ  وفاة نجم نوليوود أوديرا نوبو في جنوب أفريقيا عن عمر يناهز الثالثة والأربعين

4) ردود فعل سياسية وسوقية
أثارت الميزانية ردود فعل متباينة: ترحيب من قطاعات رحبت بإلغاء حد استحقاق الطفلين وإجراءات لحماية الخدمات، وانتقاد من محافل محافظة وأرباب أعمال خشيت من تأثيرات ارتفاع الضريبة على الاستثمار وثقة القطاع الخاص. قال محللون إن تكرار التغييرات في قواعد المعاشات والضرائب قد يُضعف الثقة في الاستقرار الضريبي طويل الأمد، ومع ذلك رأت الحكومة أنها اختيارات لازمة لإعادة التوازن المالي دون المساس بالإنفاق الاجتماعي.

5) إصلاحات ضريبية مرحّب بها لكنها متباينة التأثير
إلى جانب الإجراءات المذكورة، تضمنت الميزانية إصلاحات ضريبية أخرى وصيَغاً تهدف إلى زيادة العدالة الضريبية وتقليص الامتيازات لبعض الفئات ذات الدخل المرتفع. يقول مؤيِّدو هذه الإصلاحات إنها تضيف بعداً من العدالة إلى النظام الضريبي، بينما يحذرون المنتقدون من أن بعض التغييرات قد تُعيق حوافز الادخار والاستثمار، خاصة إذا اعتُبرت تغييرات مفاجئة وغير متسقة على مدى الزمن — وهو ما قد يدفع الثروات إلى التحرك صوب أسواق تُظهر استقراراً ضريبياً أطول أمداً.

خلاصة: طرحت ريفز ميزانية تصطف فيها محاولات إعادة التوازن المالي مع وعود بالحفاظ على الإنفاق الاجتماعي والاستثماري، لكنها اعتمدت أدوات إيرادية (خصوصاً تجميد حدود الشرائح الضريبية وزيادات على مصادر دخل معينة) تُعتَبر بمثابة عبء على العاملين والطبقة المتوسطة، بينما تمنح إجراءات اجتماعية مثل إلغاء حد الطفلين دفعة سياسية واجتماعية واضحة. ستكون قدرة الحكومة على تنفيذ هذه الرؤية السياسية والاقتصادية مرهونة بردود الفعل الشعبية والسوقية والبرلمانية خلال الأشهر المقبلة. سوفيؤدي ذلك إلى اختبار جدي لاستراتيجية ريفز وسياسات حزب العمال في إدارة الاقتصاد. «على سبيل المثال، زيادة تحصيل مبالغ طفيفة من أصحاب العقارات الفاخرة — ذلك أمر مرحب به للغاية»، قال ثويتس في مقابلة مع الجزيرة.

وقال البروفيسور جاسبر كِنتر، الباحث الأكاديمي في كلية الأعمال بآبريستوِث: «في النهاية، لا ينبغي أن تُنظر المسؤولية الميزانية فقط من زاوية التوازن المالي، بل أيضاً عبر مقاييس الرفاهية الأوسع. ومن هذا المنطلق، رفع سقف استحقاق دعم الطفلين أمر جوهري».

رحب غاري سميث، الأمين العام لنقابة GMB للعاملين، بقرار ريفز فرض ضريبة على الثروات وزيادة الإنفاق على شبكة الحماية الاجتماعية، واصفاً هذا الموازنة «بالوتد الأخير في نعش مشروع التقشف الفاشل لدى المحافظين».

يقرأ  ١٠١ فكرة فريدة لمجلس الطلاب لتعزيز الوحدة بين أفراد المجتمع الطلابي

وأضاف بيان سميث: «تعرضت الخدمات العامة الأساسية والبُنى التحتية الوطنية الحيوية والمجتمعات عبر المملكة المتحده لجروح عميقة لأن المحافظين اتخذوا قرارات اقتصادية خاطئة — ولا يجوز لنا أبداً أن نعود لتلك الأيام المظلمة».

وتابع البيان: «التحدي أمام حزب العمال هو أن يتولى مهمة إعادة بناء اقتصادنا وبلدنا، ويؤمن الاستثمارات الضرورية لخلق النمو، وأن يبدأ بإضفاء بعض الأمل على حياة الناس».

3. سيُلغى بند “الاغتصاب” المثار الاحتجاج ضده في المملكة المتحدة
ريڤز أعلنت أنها ستلغي ما يُعرف بـ«بند الاغتصاب» الذي يعفي النساء من حد استحقاق دعم الطفلين إذا استطعن إثبات أن الطفل وُلد نتيجة حمل غير طوعي. ووصفت شرط الاستثناء بأنه «بغيض، ومقزز، ومُحط من الكرامة، وقاسٍ».

قالت ريفز أمام البرلمان: «أفتخر بكوني أول امرأة تتولى منصب المستشارة المالية في بريطانيا، وأتحمل بجدية المسؤوليات المصاحبة لذلك. لن أتحمل بذلّة هذا البند للنساء بعد الآن».

4. توقعات نمو اقتصادي أبطأ من المتوقع
ردّاً على الموازنة، عدّل مكتب الميزانية المستقلة (OBR) توقعاته لنمو الاقتصاد هذا العام من 1٪ إلى 1.5٪. ومع ذلك خفّض توقعاته لأعوام الأربعة التالية. الآن يُتوقع أن يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي في 2026 بمعدل 1.4٪ (بعد أن كان 1.9٪)، بينما خفّض المكتب توقعاته لكل من 2027 و2028 و2029 إلى 1.5٪ (من نحو 1.8٪).

ويعزى كثير من هذا الخفض إلى تراجع التوقعات لنمو الإنتاجية. وأصرت ريفز على أن الآفاق المتباطئة هي إرث الحكومة المحافظة السابقة.

كما أعلنت ريفز تجميد ضريبة الوقود وأجور السكك الحديدية، فضلاً عن دعم فواتير الطاقة، ما دفع الـOBR إلى تخفيض توقعاته للتضخم بمقدار 0.4 نقطة مئوية للعام المقبل، بحسب قول غوتشري. ومع ذلك، رفع المكتب توقعاته لهذا العام إلى 3.5٪ «انعكاساً لقوة نمو الأجور الحقيقية واستمرار الضغوط على أسعار الغذاء»، أضافت.

5. الجنيه والأسواق المالية استجابا بشكل إيجابي
ارتفعت قيمة الجنيه بنسبة 0.3٪ مقابل الدولار إلى 1.3213 دولار قبيل إعلان الموازنة، ثم عادت إلى نحو مستواها عند نهايتها.

وصعد مؤشر فوتسی القيادي ومؤشر فوتسي 250 في لندن بنحو 0.6٪ لكل منهما عقب الموازنة.

وقالت غوتشري: «حتى الآن، أظهرت الأسواق رد فعل طفيف تجاه الموازنة — وهو أمر ستعتبره المستشارة المالية نجاحاً».

أضف تعليق