دبابات إسرائيلية تتوغل في حي سكني رئيسي بمدينة غزة

مراسل من غزة — إسطنبول

أفادت شهادات السكان المحليين وِشهود عيان بأن عشرات الدبابات والمركبات العسكرية الإسرائيلية توغّلت في حي سكني رئيسي في مدينة غزة، في اليوم الثاني من الهجوم البري الذي تهدف به إسرائيل إلى بسط سيطرتها على المنطقة.

تُظهر لقطات مرئية دبابات وجرافات ومدرعات تتحرك على أطراف حيّ الشيخ رضوان شمال مدينة غزة. وكانت أعمدة دخان كثيفة تتصاعد بينما تقصف القوات الإسرائيلية بالمدفعية وتطلق قنابل دخانية لتأمين تقدمها.

كان حي الشيخ رضوان يقطنه عشرات الآلاف قبل اندلاع الحرب، ويُعد من أكثر أحياء المدينة كثافة سكانية. تقول إسرائيل إن هدف هجومها على مدينة غزة هو تحرير الرهائن المحتجزين لدى حماس وهزيمة ما تصفها بـ«معقلهم الأخير»، وتحدّد أعداد المقاتلين المستهدفين بنحو 3000، لكن العملية استدعت إدانات دولية واسعة.

حذّر قادة أكثر من 20 جهة إغاثية كبرى، بينها منظمة أنقذوا الأطفال وأوكسفام، من أن الوضع الإنساني في غزة «لا يطاق». سكان الشيخ رضوان أفادوا أن التوغل البري اتبع موجة من الغارات الجوية المكثفة التي استهدفت مبانٍ وشوارع رئيسية في الحي، في تحضير واضح للهجوم البري.

قال سعد حمادة، وهو من السكان الذين نزحوا جنوباً مع أسرته، لهيئة البي بي سي: «الطائرات المسيرة لم تترك شيئاً. ضربت الألواح الشمسية والمولدات وخزانات المياه، وحتى شبكة الإنترنت. أصبح العيش مستحيلاً، وهذا ما دفع معظم الناس للنزوح رغم الخطر».

أثار دخول الدبابات إلى شوارع المدينة هلعاً واسع النطاق بين السكان، خصوصاً من لا يزالون يقيمون في الجزء الغربي والوسطى من غزة. وذكر شهود أن مشهد الدبابات يعيد إلى الأذهان توغلات سابقة انتهت بتسوية أحياء كاملة بالأرض.

أصدر الجيش الإسرائيلي بياناً يفيد بأنه ضرب أكثر من 150 هدفاً في أنحاء مدينة غزة خلال يومين دعماً لقواته البرية، كما أفادت تقارير إعلامية إسرائيلية بأن القوات تستخدم مركبات عسكرية قديمة حُملت عليها متفجرات وتم التحكم فيها عن بُعد لاقترابها من مواقع حماس وتفجيرها.

يقرأ  الجيش الإسرائيلي يعلن: بدء المراحل الأولية لهجوم على مدينة غزة

وقال نضال الشربي لبرنامج «الشرق الأوسط اليوم» على البي بي سي العربية: «كانت الليلة الماضية صعبة للغاية، انفجارات وقصف مستمر من الليل حتى الفجر. تقدمت آليات إسرائيلية من الشيخ رضوان وتلّ الهوى وكذلك من الشجاعية. كانت ليلة مرعبة جداً».

الحوادث أدت إلى موجة نزوح جديدة، مع فرار آلاف العائلات جنوباً على طرق مزدحمة بسيارات وعربات محمّلة بالمتاع، بعد أن فتحت القوات الإسرائيلية ممراً نحو الجنوب عبر طريق صلاح الدين. أبلغ السكان عن رحلات استغرق بعضها ساعات ومكّنها تكاليف باهظة نتيجة ندرة وسائل النقل وارتفاع الأسعار.

قبل الحرب كان الشيخ رضوان من الأكثر ازدحاماً في غزة، يضم مدارس ومساجد وأسواقاً كثيرة. وقد تعرّض الحي لغارات جوية متكررة في الأشهر الماضية، لكن رؤية دبابات داخل أحيائه تمثل مرحلة جديدة ومتصاعدة من الحملة البرية.

تقول منظمات إغاثية وهيئات أممية إن المنطقة المرافِضة للمدنيين التي دعتهم السلطات للنزوح إليها مزدحمة بالفعل ولا تكفي لاستيعاب نحو مليوني فلسطيني من المتوقع أن يتوافدوا إليها. وأبلغ بعض النازحين الذين استجابوا لأوامر الإخلاء عن عدم وجود أماكن لنصب خيامهم فاضطروا للعودة شمالاً.

«يُلقى علينا يومياً منشورات تطالبنا بالإخلاء، بينما الجيش الإسرائيلي يقصف المباني من كل الجهات»، قال منير عزام من شمال غزة للبي بي سي، وأضاف: «إلى أين نذهب؟ لا مأوى لنا في الجنوب».

أعلن الجيش الإسرائيلي أن نحو 350,000 شخص غادروا مدينة غزة، بينما قدّرت الأمم المتحدة العدد بنحو 190,000 منذ أغسطس، مع توقع بقاء ما لا يقل عن 650,000 في المدينة.

أطلقت إسرائيل حربها في غزة رداً على هجوم حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، الذي راح ضحيته نحو 1200 قتيل وأُخذ 251 رهينة. ووفق وزارة الصحة التابعة لحماس، فقد قُتل حتى الآن 65,062 شخصاً في الضربات الإسرائيلية، نحو نصفهم من النساء والأطفال. وأضافت الوزارة أن خلال الـ24 ساعة الأخيرة قُتل 98 شخصاً وأصيب 385 بجروح نتيجة إطلاق النار الإسرائيلي، كما توفي أربعة آخرون جراء سوء التغذية، ليرتفع إجمالي الوفيات المتعلقة بسوء التغذية منذ إعلان هيئة تدعمها الأمم المتحدة وجود مجاعة في مدينة غزة إلى 154.

يقرأ  ناريندرا مودي يزور ولاية مانيبور بعد عامين على اندلاع اشتباكات عرقية

حذّرت الأمم المتحدة من أن تصعيد العملية سيقذف بالمدنيين إلى «كارثة أعمق». وفي تقرير أصدرته لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء، قالت اللجنة إن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة، وهو ما رفضته وزارة الخارجية الإسرائيلية ووصفت التقرير بأنه «مشوه وزائف». وكان للانزلاق إلى هذه المرحلة من العمليات العسكرية انعكاسات ضخمة على الحياة اليومية والأمن الإنساني لسكّان غزة، الذين يواجهون أزمة نزوح ودماراً هائلاً ويبحثون عن ملاذ آمن وسط تصاعد القتال.

أضف تعليق