دبابات تُعاد تشكيلها كيف غيّرت الحرب الأوكرانية‑الروسية وجه المدرعات

عندما شنّت روسيا غزوها الشامل لأوكرانيا في 2022، كانت تشكيلات الدبابات لدى الطرفين تبدو إلى حد كبير كما كانت في عهد الحرب الباردة. اليوم، تجوب دبابات الحقبة السوفياتية لدى موسكو وكييف ساحات القتال مكسوة بشبكات مضادة للطائرات المسيرة ومسامير معدنية وسلاسل متدلية وأقفاص ضخمة غير متناسقة.

تُعَدُّ هذه التحولات الخارجية في شكل المدرعات دليلاً صارخاً على السرعة التي غيّرت بها الطائرات المسيرة مجرى الحرب في أوكرانيا خلال أكثر من ثلاث سنوات. فقد دفعت الطائرات القاتلة الصواريخ التقليدية والمدفعية إلى هامش المواجهة.

بدأت تغييرات الدرع مبكراً، بعدما استغلت القوات الأوكرانية صواريخ مضادة للدبابات زوّدها بها الجيش الأميركي لاستهداف دبابات روسية من الأعلى، مخترقة نقاط ضعف في دروع المركبات. وللتصدي لهذه القذائف الانفجارية، شرع طواقم الدبابات الروسية بتركيب أقفاص منزلية الصُنع فوق البرج لتخفيف أثر الانفجار.

منذ ذلك الحين، تغيرت ساحة المعركة تماماً. تقود اليوم الطائرات الصغيرة الرخيصة المزودة بكاميرات «نظرة الشخص الأول» (FPV) المواجهة، إذ تُستخدم كقذائف موجهة. وردّاً على ذلك، خضعت دبابات الجانبين لتحولات سريعة لمعالجة نقاط ضعفها. فيما يلي تسلسل ما حدث:

1) في المراحل الأولى من الحرب، كانت الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات المسيرة الهابطة تُشكّل تهديداً أساسياً للقِمم والسطوح العليا للدبابات.
2) لحماية السطوح العليا بنى الميكانيكيون هياكلاً فوق الأبراج. ثم بدأ الجنود استعمال طائرات FPV للمناورة مثل المقذوفات الموجَّهة نحو مناطق أخرى معرضة للخطر في المركبة.
3) ردّاً على ذلك، تعلّم طواقم الدبابات بناء دفاعات مؤقتة بسرعة، مثل شبكات مضادة للطائرات المسيرة، لتأمين زوايا إضافية.
4) وعندما بدأت أجهزة التشويش تعطيل الطائرات اللاسلكية، ظهر نوع جديد من الطائرات المسيرة الموجهة بكابلات الألياف الضوئية، فأضاف الجنود مسامير ومخالب لالتقاط هذه الكوابل.

يقرأ  ملف الحرب الروسية على أوكرانيا: أبرز الأحداث — اليوم ١٢٨٨ | آخر المستجدات

المصدر: صور مراسلي الحرب في أوكرانيا، ومقاطع وصور نُشرت من قبل مدونين عسكريين على تيليغرام وX.
الاعتمادات: نيويورك تايمز؛ وكالات صور صحفية.

منذ إدخال الدبابات على نطاق واسع لعبور ساحة المعركة المحشوة بالقذائف في الحرب العالمية الأولى، بقيت هياكلها ودروعها على نحوٍ عام متمركزة للدفاع من الجبهة، حيث كان يُنتظر أن يأتي الخطر. لكن مع وجود الطائرات الصغيرة الموجَّهة في ساحة المعركة بأوكرانيا، أصبح الخطر قادراً على الاقتراب من أي اتجاه بدقة تكفي لاستهداف نقاط ضعف الدرع.

التصاميم نادراً ما كانت موحدة، ومن الصعب تحديد لحظة انتشار هذه التغييرات على نطاق واسع. غير أن بروز أنواع جديدة من الحماية تزامن مع انتشار طيف متنوّع من الطائرات المسيرة، لا سيما عام 2023 عندما عمّ استعمال طائرات FPV ساحات القتال.

الآن، باتت الدبابات تُستخدم في القتال أقل بكثير مما كانت عليه في 2022. وللحفاظ على أهميتها، غطّى الجنود الروس والأوكرانيون دباباتهم بتكوينات درعية متباينة وحلول مرتجلة تتماشى مع تكتيكات تتبدل بسرعة.

تُظهر صور أحد الدبابات الروسية الشبيهة بـ«السلحفاة» شبكات معدنية لمواجهة هجمات الطائرات المسيرة وزاحف تفجير أمامي لتمهيد الطريق. (الاعتماد: قنوات عسكرية على تيليغرام)

جاءت بعض أولى تعديلات الدبابات في وقت مبكر من الحرب، حين كانت التهديدات الرئيسية للمركبات العسكرية تتمثل في صواريخ أوكرانية مضادة للدبابات والدرونات القاذفة للقنابل. تُظهر مقاطع مبكرة جنوداً روساً يرمّمون طراز T‑72، واحداً من أكثر دباباتهم استخداماً في الدونباس، عبر إضافة حماية إضافية متنوعة: أقفاص معززة فوق الأبراج، طبقات من الشبك، دروع إضافية مُعلّقة وأجهزة لفكِّ الألغام أمام المركبة.

وردّت أوكرانيا بترقيع دروع دباباتها أيضاً عندما ازدادت أعداد الطائرات الروسية لتوازي أسطولها المحلي القاتل. ونشأت كثير من التطوّرات—في الطائرات القاذفة وفي طائرات FPV—من داخل أوكرانيا نفسها، حيث واجهت كييف جيش موسكو الأكبر حجماً بالابتكار بأسلحة أرخص لكنها فتاكة.

يقرأ  اعتقال رجل أوكراني في إيطاليا بتهمة تفجير خط أنابيب نورد ستريم — أخبار الحرب الروسية‑الأوكرانية

أرسلت الولايات المتحدة دبابات قتال من طراز إم‑1 ابرامز إلى أوكرانيا في خريف 2023، لكنها وصلت إلى ساحة المعركة مع نقص في التدابير الواقية الملائمة ضد الطائرات المسيرة. وبعد إدراك القوات الأوكرانية أن الدبابة الأميركية عرضة لنفس التهديدات كالنماذج السوفياتية القديمة، شرعوا بتكييف الأبرامز لمقتضيات ساحة المعركة الحديثة.

تلك الإضافات الواقية تأتي بثمن: الأقفاص والغطاءات والدرع الزائد تُقلّص من مجال رؤية الطاقم عبر الفتحات والنوافذ الصغيرة. لذا يواصل ميكانيكيو الجانبين تعديل ابتكاراتهم باستمرار لإبقاء الدبابات قادرة على القتال.

صورة من تحت شبكة مضادة للطائرات على دبابة روسية. (الاعتماد: وزارة الدفاع الروسية / وكالات صور)

اليوم، يبدو خط المواجهة الذي يمتد نحو 750 ميلاً مختلفاً تماماً عمّا كان قبل ثلاث سنوات. تنتشر كابلات الألياف الضوئية في الحقول المهجورة، وتطارد الطائرات المسيرة الجنود فرادى على مدار الساعة. إن تحريك مركبات كبيرة، وبالذات الدبابات، بات محفوفاً بالمخاطر: طائرة مسيرة تُكلّف بضع مئات من الدولارات قد تقضي سريعاً على دبابة تُقدّر قيمتها بملايين الدولارات.

رغم تقلُّص دورها بالمقارنة مع الوضع قبل ثلاث سنوات، تبقى الدبابات مهمة خصوصاً في عمليات الاستيلاء على الأرض وحجزها. وبفضل قدرتها النارية الثقيلة، ستظل تلعب دوراً أساسياً في الهجوم والدفاع ودعم المشاة في الميدان.

أضف تعليق