ضابط أمن فيرجينيّا رفع دعوى في محكمة فيديرالية متهمًا وزارة الأمن الداخلي الأميركية (DHS) بممارسة التمييز على أساس الجنس بعد إصدار سياسة تمنع ضباط متحوّلين جنسياً من إجراء تفتيش الجسم باللمس (pat‑down) أثناء الفحص الأمني، وفق ما ورد في الأوراق القضائية.
أصدرت إدارة أمن النقل (TSA) — التابعة لوزارة الأمن الداخلي — هذه السياسة في شباط/فبراير تماشياً مع أمر تنفيذي لرئيس الولايات المتحدة يحدد جنسين ثابتين فقط: ذكر وأنثى. وحصلت وكالة الصحافةAssociated Press على وثائق داخلية من أربعة مصادر مستقلة، من بينهم موظف حالي واثنان سابقان، تبيّن تفاصيل التغيير.
تنص الوثائق على أن «الضباط المتحوّلين لن يشاركوا بعد الآن في مهام التفتيش باللمس التي تُجرى بناءً على الجنس البيولوجي للمسافر والضابط»، وأنهم «لن يعملوا كشهود مطلوبة من TSA عندما يختار المسافر إجراء تفتيش باللمس في غرفة فحص خاصة». قبل شباط، كانت TSA تخصص المهام على أساس الهوية الجندرية وفق توجيه إداري صدر عام 2021، لكنّها ألغت ذلك التوجيه لتتوافق مع الأمر التنفيذي الصادر في 20 يناير.
رغم أن الوثائق تشير إلى أن الضباط المتحوّلين «سيظلون مؤهلين لأداء باقي مهام الفحص الأمني المتوافقة مع شهاداتهم» وأن عليهم حضور الدورات التدريبية المطلوبة، إلا أنها تمنعهم من استعراض كيفية إجراء التفتيش باللمس كجزء من التدريب أو أثناء تدريب زملائهم.
الدعوى المرفوعة عن ضابطة متحوّلة تعمل في مطار دولس الدولي، دانييل ميترِدر، تضمنت أيضاً أن السياسة تحرمها من استخدام دورات المياه في مرافق TSA التي تتوافق مع هويتها الجندرية، وتعدّها انتهاكاً لقوانين الحقوق المدنية. وتقول الشكوى إن «المدعية محرومة، لمجرّد كونها متحوّلة جنسياً، من أداء وظائف جوهرية في عملها، ويُعيق ذلك تقدمها نحو مناصب أعلى وشهادات متخصّصة، ويمنعها من دخول مرافق تخضع لسيطرة TSA، ويجعل هويتها عرضة لتدقيق غير مرغوب فيه يومياً».
رفضت ميترِدر التحدّث لصحيفة الأسوشيتد برس، بينما اعتبر محاميها جوناثان باث السياسة «مهينة إلى حدّ كبير وغير قانونية بنسبة مئة بالمئة». وامتنع المتحدث باسم TSA، راسل ريد، عن التعقيب بسبب التقاضي المستمر، مكتفياً بالقول إن السياسة توجّه «الضباط الذكور لإجراء تفتيشات باللمس للمسافرين الذكور، والضابطات الإناث لإجراء تلك التفتيشات للمسافرات الإناث، وذلك وفق الاحتياجات التشغيلية».
تأتي المعركة القضائية في وقت تتزايد فيه تقارير التمييز في أماكن العمل ضد موظفين فدراليين متحوّلين جنسياً خلال إدارة ترامب الثانية، وفي ظلّ أعباء إضافية على صفوف TSA الناجمة عن إغلاق حكومي مستمر ترك آلاف الوكلاء يعملون بلا أجر. وشهدت قصص أخرى تجارب مشابهة لتلك التي مرّت بها ميترِدر.
كاى ريغان عمل ست سنوات في مطار هاري ريد في لاس فيغاس قبل أن يغادر في تموز/يوليو إلى حدّ كبير بسبب السياسة الجديدة؛ خوفاً من أن يُسرح من عمله بسبب هويته الجندرية، تقاعد مبكراً بدلاً من «انتظار انفجار القنبلة». انتقل ريغان من أنثى إلى ذكر في 2021، وكان يؤدّي تفتيشات باللمس للذكور دون مشكلات حتى تغيير السياسة، قائلاً إن ذلك جعله يشعر بالعجز المهني ليس لقصور بدني بل لأنهم «وضعوا ذلك عليه».
ووصفت سكاي بيريمان، رئيسة ومنظمة Democracy Forward القانونية التي طعنت مراراً في سياسات الإدارة، سياسة TSA بأنها «تعسفية وتمييزية». من جهتها، دافعت وزارة الأمن الداخلي عن سياستها، وطرحت المتحدثة تريشيا ماكلولين تساؤلاً بلاغياً حول ما إذا كانت الوكالة تريد أن يخضع المسافرون الإناث لتفتيشات باللمس يجريها ضباط ذكور، ووصفت فكرة تقديم «الوهم الذهني» على راحة وسلامة المسافرين بأنها خطيرة وعديمة الفائدة.
قال خبير أمن المطارات وأستاذ جامعة إلينوي شيكاغو شيليدون جيكوبسون، الذي ساهمت أبحاثه في تصميم برنامج TSA PreCheck، إن مطابقة جنس الضابط مع جنس المسافر تهدف لتقليل الانزعاج أثناء الفحص، وأشار إلى أن المسافرين يستطيعون عادةً طلب ضابط آخر إذا رغبوا. واعتبر أن إدراج الضباط المتحوّلين في هذا الإطار «يخلق بعض الغموض»، لكنه أضاف أن نسبة الضباط المتحوّلين قد تكون ضئيلة نسبياً فلم يَخِف أن يتسبب التغيير في تعطيل كبير لعمليات نقاط التفتيش.
تؤكد وثائق TSA كذلك أن الضباط المتحوّلين «لن يتأثروا سلباً» في الأجور أو الترقيات أو الجوائز، وأن الإدارة «ملتزمة بتوفير بيئة عمل خالية من التمييز والانتقام غير القانونيين». لكن الدعوى تنفي ذلك، مشيرة إلى أن السياسة تقف حاجزاً أمام مسار ميترِدر المهني لأن «كل طرق التقدم تتطلب أن تكون قادرة على أداء التفتيش باللمس وتدريب الآخرين عليه»، بحسب محاميها.
تفيد الشكوى بأن ميترِدر بدأت العمل في يونيو 2024 ولم تتلقّ شكاوى تتعلق بأدائها، بل منحها المشرفون أعلى تقييم أداء متاح وأثنوا على احترافيّتها ومهاراتها ومعرفتها وتواصلها مع الزملاء والجمهور. وأوضح محاميها أن هذه الموظفة «مخلصة لعملها وترغب في بناء مسيرة مهنية داخل TSA، وبينما لم تكن هويتها الجندرية مشكلة سابقاً، أصبحت الآن مسألة يجب مواجهتها كل يوم».
وتورد الشكوى أن عدم تمكّنها من أداء كامل واجباتها تسبب لها في خوف وقلق واكتئاب، بالإضافة إلى إحراج وإذلال ناجمين عن إجبارها على الإفصاح عن هويتها لزملائها. كما ألقت الحظر على ضباط متحوّلين بعبء إضافي على الضابطات الإناث اللواتي يضطررن لتحمل مهام تفتيش باللمس بالنيابة عنها.
ودعا إيفرت كيلّي، رئيس الاتحاد الوطني للعاملين في الحكومة، قيادات TSA إلى إعادة النظر في السياسة «لمصلحة قوة العمل وجمهور المسافرين». وقال إن «هذه السياسة لا تحسّن أمن المطارات»، بل قد تؤدي إلى تأخيرات في فحص الركاب نظراً لانخفاض أعداد الضباط المؤهلين لإجراء تفتيشات باللمس.