دوريات عسكرية في كاتماندو وسط اتهام جيل زد بأن الاحتجاجات «اختُطفت»

العنف يتصاعد في نيبال بعد احتجاجات مناهضة للفساد

كاڤين بوتليرين — سنغافورة، وفانيندرا دايال — بي بي سي نيبالي في كاثماندو
غيتي إيماجز

انتشرت دوريات الجيش في شوارع العاصمة كاثماندو مع تفشّي حالة من الاضطراب تُعدّ الأسوأ منذ عقود في الجمهورية الهيمالية.

تحوّلت التظاهرات الغاضبة ضد الفساد والمحسوبية يوم الثلاثاء إلى أعمال حرق ونهب وعنف مفتوح؛ استقال رئيس الوزراء بينما تعرّضت منازل سياسيين للتخريب وأُضرم النار في مبان حكومية كما اقتحم متظاهرون البرلمان وأحرقوه.

لكن المجموعات الشبابية المعروفة بجيل “زد” التي قادت الحراك سارعت إلى التبرؤ من أعمال التدمير، قائلة إن الحركة تعرّضت لـ«اختطاف» من قبل عناصر «انتهازية» تسلّلت إليها.

شهدت شوارع العاصمة هدوءاً ظاهرياً يوم الأربعاء، لكن الدخان ما زال يتصاعد من مبانٍ محترقة، ومركبات متفحّمة متناثرة على الطرقات.

أعلن الجيش فرض حظر تجوّل على نطاق البلاد حتى صباح الخميس، وحذّر من معاقبة كل من يشارك في أعمال العنف والتخريب.

وقالت القوات إنها اعتقلت 27 شخصاً لتورطهم في أعمال عنف ونهب، وعثرت على 31 قطعة سلاح نارٍية. والجيش يعمل على احتواء وضع متقلّب تسبّبت به استقالة رئيس الوزراء كي.بي. شارما أولي والتي خلّفت فراغ قيادة واضحاً.

جاءت الشرارة المباشرة للاحتجاجات بعد محاولة فاشلة من حكومته لحظر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أدّت تلك الخطوة إلى تحرّك شعبي واسع أدّى إلى اشتباكات مع الشرطة أودت بحياة 19 متظاهراً يوم الاثنين — ثم ارتفعت حصيلة القتلى إلى أكثر من 20 لاحقاً — مما زاد تأجيج الاحتجاجات يوم الثلاثاء.

وتحوّلت مشاهد العنف والتخريب إلى رمز لشدة الغضب الشعبي ضد الحكومة، بينما أعرب كثير من المتظاهرين عن مخاوفهم من أنّ الحركة سُيّست بتسلّل «مخربين» و«متربّصين».

يقرأ  مَعْرِضٌ لِلْفَنِّ الْمُعَاصِرِ فِي مَنْزِلٍ تَارِيخِيٍّ مِنَ القَرْنِ الثَّامِنِ عَشَرَ

وقالت مجموعة المتظاهرين التي نظّمت مسيرة الثلاثاء إن هدفهم كان واضحاً: المطالبة بالمحاسبة والشفافية ووضع حد للفساد. وصدرت عنهم بيان يؤكّد أن حركتهم كانت وما تزال سلمية ومبنية على مبادئ الانخراط المدني السلمي.

وأضاف البيان أنهم يشاركون في جهود تطوعية ميدانية لـ«إدارة» الموقف بمسؤولية، وحماية المواطنين والممتلكات العامة؛ وأنه لم تُجدول أي تظاهرات جديدة اعتباراً من يوم الأربعاء، ودعوا الجيش والشرطة إلى تطبيق حظر التجوّل حسب الضرورة.

كما أعلنت القوات المسلحة أنّ «أفراداً وجماعات فوضوية» استغلّوا الاحتجاجات لترويع السكان وإتلاف الممتلكات الخاصة والعامة. وقال المتحدث العسكري راجارام باسنت لهيئة الإذاعة البريطانية: «نحن بصدد ضبط العناصر التي تستغل الوضع للسرقة وإشعال الحرائق والتسبّب بحوادث متعددة».

ما الذي أطلق الشرارة؟

بدأت التظاهرات، بحسب ظاهرها، احتجاجاً على قرار الحكومة الأسبوع الماضي حظر 26 منصة تواصل اجتماعي، بينها واتساب وإنستغرام وفيسبوك، لكن الاحتجاجات توسّعت لتعبّر عن استياء أعمق من نخب سياسية متنفّذة في نيبال.

قبل الحظر، انطلقت حملة بعنوان «نِبو كيد» تسلّط الضوء على أساليب حياة مترفة لأبناء السياسيين ووجهت اتهامات بالفساد عبر منصات التواصل، مما غذّى الغضب الشعبي.

ورغم أن الحظر أُلغي على عجل ليلة الإثنين، كانت الموجة الاحتجاجية قد اكتسبت زخماً لا يمكن إيقافه، فأدخلت البلاد في فوضى واسعة النطاق.

على أرض الواقع، واصل المتظاهرون تحرّكهم يوم الثلاثاء: اقتحم حشد مقر حزب المؤتمر النيبالي، أحد أحزاب الائتلاف الحاكم، وأضرم النار في منزل زعيمه وشغل منصب رئيس الوزراء الأسبق، شير بهادور ديوبا.

في كاثماندو، استهدف المحتجون عدة مواقع منذ يوم الإثنين، حيث اقتحم مئات المتظاهرين مبنى البرلمان وأشعلوا فيه النار وحطّموا النوافذ ووسّموا الجدران برسائل مناهضة للفساد.

كما نُهبت واحتُرقت منشآت في مجمع سينغا دوربار الحكومي، وأعلنت المحكمة العليا يوم الأربعاء تعليق جميع الجلسات المقررة إلى أجل غير مسمّى بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت بملفات القضايا والخوادم وغرف المرافعات.

يقرأ  الجيش المالي يعتقل جنرالات وعميلًا فرنسيًا مشتبهًا به في مخطط انقلابأخبار عسكرية

في رسالة استقالة إلى الرئيس رامشاندرا باودل، قال رئيس الوزراء أولي إنه «وبالنظر إلى الوضع السلبي في البلاد، قدّمت استقالتي اعتباراً من اليوم لتيسير الحل السياسي وفق الدستور»، لكن لم يتبيّن بعد من سيخلفه أو كيف سيتم إدارة شؤون الدولة في ظل غياب قيادة واضحة.

طالب قادة الاحتجاجات من جيل زد بأن تكون القيادة القادمة خالية من الانتماءات الحزبية المتأصلة، مستقلة تماماً، ومبنية على الكفاءة والنزاهة والمؤهلات. وقال البيان: «نطالب بحكومة شفافة ومستقرة تعمل لصالح الشعب لا لصالح أفراد فاسدين أو نخب سياسية»، مؤكدين أن هدفهم يبقى حكومة كفؤة يقودها مسؤولون نزيهون.

أضف تعليق