رئيس وزراء فرنسا ليكورنو ينجو من تصويت حجب الثقة في البرلمان ويتجه الآن نحو ملف الميزانية

نجا رئيس الوزراء الفرنسي سباستيان ليكرونو من تصويتين لحجب الثقة، بعد أيام قليلة من تعيينه حكومته الجديدة في الوقت المناسب لتقديم مشروع ميزانية إلى البرلمان في محاولة لوأد الاضطراب السياسي الذي اجتاح البلاد منذ شهور.

سقطت، يوم الخميس، محاولة لحجب الثقة رعتها قائمة التجمع الوطني اليمينية المتطرفة بزعامة مارين لوبان وحلفاؤها، بعدما حازت على تأييد 144 نائبًا فقط من أصل 577 مقعدًا في الجمعية الوطنية.

وقبل ذلك بقليل، جمعت محاولة حجب ثقة أخرى طرحتها حركة «فرنسا الأبية» اليسارية المتشددة تأييد 271 نوااب، أي أقل بثمانية عشر صوتًا من العتبة المطلوبة البالغة 289 لنيل الأغلبية.

جاءت هذه التصويتات بعد قرار ليكورنو، يوم الثلاثاء، بدعم تعليق إصلاح التقاعد المثير للانقسام لعام 2023، في محاولة للحفاظ على حكومته طافية بما يكفي لتمرير ميزانية تقشفية لعام 2026 قبل نهاية العام.

وكان الحزب الاشتراكي قد هدد بالتصويت لإسقاط رئيس الوزراء إذا لم يتحرك لتجميد الإصلاح الذي يرفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة.

وبعد فشل محاولتي الحجب، حذر النائب عن الحزب الاشتراكي لوران بوميل من أن إنقاذ رئيس الوزراء «ليس بأي حال من الأحوال ميثاقًا» للمستقبل، داعيًا إلى «تنازلات جديدة» في مفاوضات الميزانية المرتقبة.

أما رئيسة الجمعية الوطنية يائيل براون-بيفيه، الحليفة لماكرون، فبدت أكثر تفاؤلًا بعد التصويتات، وقالت إنها ترى اليوم أغلبية تعمل بروح العمل والبحث عن compromis وبذل أقصى جهد ممكن.

يُعَد ليكورنو، الذي كان عند تعيينه الأول الشهر الماضي سادس رئيس وزراء في أقل من عامين، مكلفًا الآن بتمرير ميزانية تقشّفية عبر برلمان مُمزق بشدة قبل نهاية السنة، في قتال يُتوقع أن يكون عنيفًا.

تلت تلك التصويتات أسابيع درامية في الحياة السياسية الفرنسية، وقد وصفت مراسلة الجزيرة ناتاشا باتلر المشهد بأنه يتعلق بمهلة مؤقتة، «لكنه بعيد عن أن يكون خارج الغابة بعد، إذ أمامه أسابيع صعبة للغاية».

يقرأ  معرض بيروتان في هونغ كونغ ينتقل إلى سنترال

وأضافت باتلر أن على ليكورنو الآن «المحاولة لتمرير ميزانية ترضي أطراف المجلس كافة، ومع أنه يدير حكومة بلا أغلبية فإن اعتماده يرتكز على النواب الأفراد»، مشيرة إلى أن هناك نوابًا من اليمين المتطرف واليسار المتطرف ومن الوسط يسعون لإسقاطه بزعم أن سياساته ليست سوى امتداد لسياسات الرئيس، ويطالبون بإجراء انتخابات جديدة ولا يريدون رؤية نجاحه.

استقال ليكورنو الأسبوع الماضي بعد انتقادات وجهت لحكومته الأولى، لكنه أعيد تعيينه بعد أيام وكشف عن تشكيلة وزارية مُعدّلة في الوقت المناسب لتقديم مشروع الميزانية للبرلمان.

وتواجه فرنسا، تحت ضغط من الاتحاد الأوروبي لكبح العجز والدين، معركة شاقة بشأن إجراءات التقشّف التي أطاحت بسلفي ليكورنو. نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في فرنسا هي الثالثة بين دول الاتحاد بعد اليونان وإيطاليا، وتقارب ضعف سقف الاتحاد البالغ 60 في المئة.

تعهد ليكورنو بعدم اللجوء إلى الأداة الدستورية التي تُستخدم لتمرير كل ميزانية دون تصويت منذ 2022، وأكد أنه سيعرض كل مشاريع القوانين للنقاش. وقال، مخاطبًا النواب: «ستقدم الحكومة اقتراحات، وسنجري المناقشات، وأنتم ستصوّتون»، مشددًا على موقفه بصفته مواليًا لماكرون ويبلغ من العمر 39 عامًا.

لكن المعارضة شككت في تفاؤله؛ إذ اتهمت لوبان النواب بمنح ليكورنو مهلة بدافع «الرعب من الانتخابات»، وقالت إنها تنتظر بحماسة متزايدة حل البرلمان.

وترى اليمين المتطرف أن أمامه أفضل فرصة حتى الآن للوصول إلى السلطة في انتخابات الرئاسة 2027، حين تنتهي فترة ماكرون الثانية والأخيرة.

وقالت باتلر إن هذا التصويت يشكل «مهلة» لماكرون أيضًا، على الأقل في الوقت الحالي، لأن حكومته نجت — وهذا أكثر مما يمكن قوله عن الصورة العامة التي رُسمت هنا في فرنسا.

أضف تعليق