نائب الكونغرس الأمريكي راندي فاين، الحليف المقرب للرئيس دونالد ترامب، اقترح علانية إبادة الشعب الفلسطيني، مفتخراً بأنه لانخشى وُصمه بالإسلاموفوبيا.
خلال جلسة استماع في الكونغرس يوم الثلاثاء، استند فاين — الذي يُعرف بسجل طويل من التصريحات المعادية للمسلمين والفلسطينيين — إلى اختزال خاطئ مفاده أن الإسرائيليين محرومون من دخول بعض المناطق في الضفة الغربية المحتلة بفعل «نظام الفصل العنصري».
في الواقع، القوات الإسرائيلية التي تسيطر على الأرض تضع لافتات تحذّر المستوطنين من دخول المدن والقرى الفلسطينية لأسباب تتعلق بالأمن، غير أن المستوطنين، غالباً وهم مسلّحون وتحت حماية قوات الاحتلال، يقتحمون القرى الفلسطينية وينهبونها بشكل متكرر. وقُتِل هذا العام اثنان من المواطنين الأمريكيين في هجمات نفّذها مستوطنون.
سأل فاين مورْتون كلاين، رئيس منظمة الصهيونية في أمريكا، خلال الجلسة: «عندما تتعامل مع مجموعة تدعو باستمرار لتدمير دولة إسرائيل، وتقبل لافتات تقول ‘اليهود قد لا يدخلون هذه المناطق’، كيف تصنع سلاماً مع ذلك؟ كيف تبني حلّاً طويل الأمد أم علينا أن نسلك طريقاً آخر؟»
كلاين، الذي سبق أن استخدم عبارة مسيئة ضد العرب ودعا إلى استهداف المسلمين في عمليات تفتيش، شدد على أن الإسلام بحاجة إلى «إصلاح» وأن يقبل بـ«إسرائيل كدولة يهودية»، قائلاً إن أحداً لا يريد مناقشة هذا المطلب خشية وسمه بالإسلاموفوبيا. فاين قاطعه قائلاً: «أنا لست خائفاً من ذلك».
ثم مضى نائب الكونغرس الجمهوري، الذي يمثل دائرة في ولاية فلوريدا، إلى تشديد خطابه العدائي، مؤكداً: «لا أعرف كيف تصنع سلاماً مع من يسعون إلى تدميرك. أعتقد أنه يجب تدميرهم أولاً».
تعرف اتفاقية الأمم المتحدة الإبادة الجماعية بأنها «أفعال تُرتكب بنية تدمير كلي أو جزئي لمجموعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، بما في ذلك القتل والتسبب بأذى جسيم ومنع الولادات والنقل القسري للأطفال وفرض ظروف حياة تهدف إلى التدمير».
ووصفت منظمات حقوقية ومحققون تابعون للأمم المتحدة الحرب الإسرائيلية على غزة بأنها حرب إبادة، بعد أن قتلت نحو 70,400 فلسطيني وحوّلت شطراً كبيراً من القطاع إلى أنقاض، في حملة هدفت بحسب هؤلاء إلى تدمير الشعب الفلسطيني.
عبّر عبد أيوب، المدير التنفيذي للجنة الأمريكية لمكافحة التمييز ضد العرب، بغضب عن فاين، واصفاً إياه بـ«نسخة تمو من بنيامين نتنياهو»، في إشارة ساخرة إلى شركة البيع الإلكتروني ورئيس الوزراء الإسرائيلي. وأضاف أن فاين مكروه حتى داخل حزبهين بسبب سياسة «إسرائيل أولاً، إسرائيل ثانياً، إسرائيل ثالثاً — الأمريكيون في آخر القائمة»، وأنه صار بمثابة متحدث أجنبي لصالح حكومة أخرى، وغير ناجح حتى في هذا الدور.
انتقادات مماثلة نُطقت من نشطاء فلسطينيين أمريكيين، الذين استهجَنوا سماع خطاب عنصري وعنيد من مسؤول منتخب في بلد يُفترض أن يعبر فيه الحديث العلني عن خطوطٍ قُرِرتْ ألا تُجتاز.
وليس هذا أول تجلٍّ لخطاب فاين التحريضي تجاه الفلسطينيين: ففي 2021 علق على صورة طفل فلسطيني مقتول سائلاً كيف ينام المرء في الليل؛ فأجاب فاين بسخرية «بشكل جيد جداً، شكراً على الصورة!». وفي وقت سابق من هذا العام كتب «let them starve away» رداً على تقرير عن المجاعة في غزة الناجمة عن الحصار الإسرائيلي. كما أشاد العام الماضي بمقتل الناشطة الأمريكية أيسِنور إزجي ييغي، وعلّق في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي «ارمِ حجراً، ستُطلق النار — واحد أقل #إرهابي_مسلم»، في لغة تحقيرية ومهدّدة.
فاين، الذي يلقب نفسه أحياناً بـ«المطرقة العبرية»، استمر في الظهور كضيف على محطات إعلامية رئيسية، بما في ذلك شبكة سي إن إن، ما أثار تساؤلات حول مسؤولية الإعلام في مواجهة خطاب تحريضي من مسؤولين منتخبين.
هاجم حاتم عبداية، رئيس الشبكة الفلسطينية الأمريكية، الجمهوريين في الكونغرس وترامب لعدم إدانتهما لفاين، معتبراً أن السماح لسياسي بترويج خطاب عنصري وإبادي دون محاسبة يرسّخ مناخ الكراهية الذي ميّز عهد ترامب في الساحة السياسية.
هذا المسلك والخطاب المتطرف الذي لا يواجهه حزب فاين أو زعماؤه يُظهران، حسب منتقديه، يأس هؤلاء السياسيين ومحاولتهم تلميع مواقفهم أمام قاطني تل أبيب وداعميهم، على حساب حياة وكرامة المدنيين الفلسطينيين.
الامر لم يأتِ من فراغ: تصريحات تاريخية وممارسات على الأرض تتقاطع لتشكّل صورة أوسع عن النهج السياسي والعملياتي التي تعتمدها عناصر متمسكة بأولوية الدعم لإسرائيل بغض النظر عن التكلفة الإنسانية والسياسية.