رحيل المصور البريطاني الشهير مارتن بار عن عمر 73 عاماً — أخبار الفنون والثقافة

وفاة المصوّر الوثائقي البريطاني مارتن بار عن 73 عاماً

أعلنت مؤسسة مارتن بار على إنستغرام وفاة المصور الوثائقي البارز مارتن بار في منزله بمدينة بريستول بغرب إنكلترا، دون تفصيل حول ظروف الوفاة، علماً بأنه كان قد أعلن سابقاً تشخيصه بمرض المايلوما، وهو نوع من سرطانات الدم.

بار، أحد أشهر مصوّري الوثائقي في عصره، اشتهر برؤيته الحادة للحياة اليومية وبألوانٍ مشبعة وقوية تعكس تناقضات المجتمع البريطاني. ولد ونشأ في سري جنوب لندن خلال خمسينيات القرن الماضي، وتأثر بهواه التصوير من جده، فانخرط في المهنة منذ مراهقته، ثم درس في جامعة مانشستر وبدأ مسيرته بلغاتٍ من الأبيض والأسود مستلهماً عمايستره من أساليب أساتذة ذلك العصر مثل هنري كارتيه‑بريسون.

لكن تحول بار إلى التصوير بالألوان كان نقطة فاصلة في عمله؛ فقد استوعب أسلوب البطاقات البَريَّة الساحلية والأغراض الشعبية الطريفة في سبعينيات بريطانيا، فحوّل تلك البصمة إلى لغة بصرية خاصة به. كما قال لمراسل وكالة الأنباء في عام 2022: «بمجرّد أن جرّبت الألوان لم أنعد أنظر إلى الوراء».

ارتفعت سمعته مع مجموعته في ثمانينيات القرن العشرين “الملاذ الأخير” (The Last Resort)، التي صور فيها زوّار الشاطئ العاملين في نيو برايتون بصورٍ مشبعة وفلاش صارخ أظهر الإرهاق والفراغ المصاحب للترفيه الجماهيري. وفي مجموعة أخرى بعنوان “ثمن العيش” (The Cost of Living) وثّق بار ظاهرة الارتقاء الطبقي والتغيّر الاجتماعي خلال حقبة حكومة مارغريت ثاتشر، مُسجِّلاً طبائع الطبقات الوسطى في حفلات الحدائق وجمع التبرعات بعين ساخرة لا تُخفى عليها المظاهر.

أسلوبه الاستفزازي لم يكن محطّة إعجابٍ جماعي؛ فقد وُجّهت له اتهامات بالقسوة لامتناعه عن تلميع مواضيعه، لكنه ظل غير نادِم وصار يُعتبر على نطاق واسع سيداً في حرفته وألهم أجيالاً كثيرة من المقلِّدين. حتى كارتيه‑بريسون نفسه كان من بين المصوّرين الذين حاولوا عرقلة انضمام بار إلى ماجنوم، قائلاً إنه «يبدو كأنه قادم من كوكبٍ مختلف». فأجاب بار لاحقاً: «أعرف ما تقصد، لكن لماذا تُطلِق النار على رسول الخبر؟»

يقرأ  تشريح تصميم المواد التعليميةفي فضاء التعلم الإلكتروني

ورغم أسفاره المتعدّدة حول العالم —من كوريا الشمالية إلى ألبانيا واليابان وروسيا— بقي عمله مرتبطاً بصورةٍ مباشرة وغير مموّهة لبريطانيا، بكل شوائبها ونقائصها. عَرَف عن نفسه ارتباطه بتقاليد السخرية والفكاهة في بريطانيا وكان يصف علاقته مع وطنه بأنها «علاقة حبّ وكراهية»، لا سيما في ظل الانقسامات التي برزت بعد استفتاء 2016 حول الخروج من الاتحاد الأوروبي، والتي وثّقها بصورٍ كشفت تقلبات تلك الحقبة. كما قال في تعليقٍ له: «أحب هذا البلد… والكَرْه ينبع من التعصّب وكراهية الأجانب التي أدّت إلى تصويت البريكست».

وفي مقابلة نشرَت الشهر الماضي مع وكالة الأنباء، أكد أن العالم بحاجة اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى إلى نوع السخرية الفنّية التي تبرزها صوره، معبّراً عن قلقه من الوضع الراهن: «الواقع الذي نعيشه فظيع؛ نحن جميعاً أغنياء أكثر مما ينبغي، نستهلك كلّ هذه الأشياء في العالم، ولا نستطيع الاستمرار. هذا غير مُستدام».

وأوضحت المئسسة عبر حسابها أنها ستتعاون مع ماجنوم فوتو لحفظ إرث مارتن بار ومشاركته مع الجمهور، حفاظاً على إرث فني ترك بصمة واضحة في تصوير الحياة اليومية البريطانية.

أضف تعليق