أعلنت إسرائيل عن نيتها المضيّ في بناء آلاف الوحدات السكنية في مشروع استيطاني مثير للجدل في الضفة الغربية المحتلة — قرار وصفه وزير المالية بيتساليل سموتريتش بأنه «يدفن فكرة الدولة الفلسطينية» — الأمر الذي أثار إدانات دولية واسعة النطاق.
أفاد سموتريتش يوم الخميس أنه سيسعى لاستئناف خطط مجمَّدة منذ زمن لمنطقة E1، التي تهدف إلى ربط القدس الشرقية بالمستوطنة الإسرائيلية القائمة معالي أدوميم، الواقعة على بعد كيلومترات شرقي المدينة. يأتي هذا الإعلان بعد أن ظلت الخطة متوقفة لسنوات بسبب اعتراضات الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين.
وكان من المقرر أن يضم المشروع أكثر من 3400 وحدة سكنية على أراضٍ فلسطينية يمتلكها أهل المنطقة، وتعتبر هذه الأراضي بحسب خبراء أساسية لأي دولة فلسطينية مستقبلية ذات تماسك إقليمي في الضفة الغربية. وبرّر سموتريتش إحياء الخطة بأنه رد على نوايا بعض الدول الاعتراف بدولة فلسطينية.
ردود الفعل الدولية جاءت حادة، إذ وصفت حكومات عدة الخطوة بأنها انتهاك صارخ للقانون الدولي يُفاقم عدم الاستقرار الإقليمي ويقضي عملياً على فرص الحل القائم على دولتين. فيما يلي لمحة عن مواقف الفاعلين الرئيسيين حتى الآن.
فلسطين
قال نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم الرئيس محمود عبّاس، إن مشروع E1، إلى جانب الحرب في غزة وتصاعد اعتداءات المستوطنين، سيؤدي حتماً إلى مزيد من التصعيد والتوتر وعدم الاستقرار. حمّل أبو ردينة الولايات المتحدة مسؤولية وقف هذه السياسات التوسعية، مشيراً إلى أن الإعلان تزامن مع حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي عن رؤيته لـ«إسرائيل الكبرى». ودعت وزارة الخارجية الفلسطينية المجتمع الدولي للتدخّل لوقف مخططات الاستيطان، معتبرة أن مشروع E1 «استمرار لخطط الاحتلال لتقويض فرصة إقامة الدولة الفلسطينية على أرضها، وإضعاف وحدتها الجغرافية والديموغرافية، وترسيخ انقسام الضفة إلى مناطق معزولة تحيط بها بحار من المستوطنات، وتمهيداً لاستكمال ضمّها».
قطر
أدانت وزارة الخارجية القطرية القرار، مؤكدة رفض الدوحة القاطع لسياسات الاحتلال الإسرائيلي الرامية إلى توسيع المستوطنات وتهجير الشعب الفلسطيني قسراً، واصفة تلك الإجراءات بأنها تهدف إلى منع إقامة دولة فلسطينية. كما نشرت الوزارة بياناً يدعو إلى تحرّك دولي عاجل لوقف المخططات الاستيطانية.
السعودية
أدانت وزارة الخارجية السعودية خطط الاستيطان «بأقوى العبارات»، معتبرة أنها تشكّل انتهاكاً للقانون الدولي وتهديداً خطيراً لإمكانية التوصل إلى حل الدولتين. ودعت الرياض المجتمع الدولي لتحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية لحماية الشعب الفلسطيني والاعتراف بحقه المشروع في إقامة دولته.
الأردن
أدانت وزارة الخارجية الأردنية القرار بأشد العبارات، وأكد المتحدث صفوان القضاة رفض المملكة القاطع لهذه المخططات والإجراءات الإسرائيلية غير القانونية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن. وحذّرت الوزارة من أن السياسة التوسعية المتواصلة تُغذي دوائر العنف والصراع في المنطقة.
تركيا
وصفت وزارة الخارجية التركية الخطة بأنها «تجاهل صارخ للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة» وتستهدف «السلام القائم على حل الدولتين ووحدة أراضي فلسطين». وأكدت أن تركيا تدعم قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
المملكة المتحدة
قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن على الحكومة الإسرائيلية إيقاف الخطة فوراً، مؤكداً معارضة المملكة المتحدة القوية لمخططات E1 التي من شأنها تقسيم دولة فلسطينية مستقبلية إلى شطرين وتمثل خرقاً فاضحاً للقانون الدولي. ودعا أيضاً إلى ضرورة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن وتدفق المعونات وخطة لتحقيق سلام دائم.
ألمانيا
حثّت الحكومة الألمانية، التي تُعد من الداعمين التقليديين لإسرائيل، تل أبيب على «وقف عمليات البناء الاستيطاني» وعبّرت عن رفضها القوي للخطة الجديدة. وذكرت وزارة الخارجية في برلين أن البناء في المستوطنات ينتهك القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، ويعقّد مسار التفاوض حول حل الدولتين وانهاء الاحتلال، كما طالبت بالالتزام بقرارات محكمة العدل الدولية.
إسبانيا
اعتبر وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس أن توسيع المستوطنة يشكّل «انتهاكاً جديداً للقانون الدولي» ويمسّ جدوى حل الدولتين بوصفه الطريق الوحيد لتحقيق السلام.
الأمم المتحدة
دعت الأمم المتحدة إسرائيل إلى التراجع عن قرارها ووقف تنفيذ مخططات الاستيطان التي تقوّض آفاق السلام وتزيد من تعقيد الحلول السياسية الممكنة. قال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، للصحفيين إن هذا الاقتراح سيقضي عملياً على فرص التوصل إلى حل الدولتين. وأضاف أن بناء المستوطنات يتعارض مع قانون الدولي ويصبّ في ترسيخ نظام الاحتلال.
الاتحاد الأوروبي
انتقدت كايا كالّاس، المسؤولة عن السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، الخطة واعتبرتها خروجا عن القانون الدولي يزيد من إضعاف أفق حل الدولتين. وحذرت من أن إقامة مستوطنات في هذه المنطقة ستقضي نهائياً على التماسّ الأرضي والإقليمي بين القدس الشرقية المحتلة والضفة الغربية، وتقطع الرابط بين شمال الضفة وجنوبها. ودعت الاتحاد الأوروبي إسرائيل إلى التراجع عن هذه الخطوة، مع التنبيه إلى تبعاتها البعيدة الأمد والحاجة إلى اتخاذ إجراءات تحمي قابلية حل الدولتين.
كما طالبت كالّاس بوقف سياسة الاستيطان بكاملها، مشيرة إلى أن مزيج سياسة الاستيطان، وأعمال العنف التي يمارسها المستوطنون، والعمليات العسكرية المتواصلة يغذي توتراً متصاعداً على الأرض ويقوض أي فرصة للسلام.
منظمة التعاون الإسلامي
أدانت منظمة التعاون الإسلامي أيضاً الخطط، مؤكدة أن الاحتلال والتوسع الاستيطاني غير قانونيين بموجب قرارات الأمم المتحدة والرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، وأنه يجب إنهاؤهما فوراً. وطالبت المنظمة المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته ومحاسبة إسرائيل وفرض عقوبات وفق المعايير الدولية وقرارات الأمم المتحدة.
منظمات حقوقية إسرائيلية
حذّرت مجموعة حقوقية إسرائيلية معروفة باسم «السلام الآن» من أن المضيّ قدماً في هذه الخطة سيضمن سنوات إضافية من إراقة الدماء. ورأت أن مشروع E1 كارثي على مستقبل إسرائيل وعلى أي فرصة لتحقيق حل الدولتين، وأن الحل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وللحرب المروعة في غزة يبقى قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، وهو حل سيظهر عاجلاً أم آجلاً.
الولايات المتحدة
لم تصدر الولايات المتحدة، الحليف الرئيس لإسرائل، انتقادات فورية للخطة. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية إن واشنطن تركز حالياً على إنهاء الحرب في غزة وضمان ألا تعود حركة حماس إلى حكم تلك الأرض مجدداً. وأضاف أن «ضمان استقرار الضفة الغربية يحافظ على أمن إسرائيل ويتماشى مع هدف هذه الإدارة في تحقيق سلام إقليمي»، مع إحالة الاستفسارات عن التفاصيل إلى الحكومة الإسرائيلية.