روسيا تستخدم طائراتٍ مسيّرةٍ بعيدةِ المدى لمهاجمة قطاراتٍ أوكرانية، بحسب مسؤول

شنّت روسيا حملة ممنهجة تستهدف القطارات الأوكرانية، بضرب عربات متحركة بعيداً عن الخطوط الأمامية بهدف بث الذعر، وإلحاق ضرر بالاقتصاد، وتعطيل السلاسل اللوجستية، وفق ما أفادت به جهات أوكرانية رسمية. جاء آخر هذه الهجمات يوم الأربعاء قرب بلدة بوبروفيتسيا في إقليم تشيرنيهيف، على مسافة تقارب مئة ميل من الحدود الروسية.

وردت تقارير تفيد بأن قطاراً تعرّض لضربة مزعومة من طائرة قاصفة من نوع «شهد» كانت موجهة بواسطة كاميرا رؤية ليلية؛ وأظهرت لقطات متداولة ضربات استهدفت القاطرة أولاً ثم عربات القطار، لكن لا يمكن التحقق من هوية الطائرة المستعملة بصورة مستقلة في هذه اللحظة. قناة على تلغرام مقربة من الجانب الروسي ادّعت أن الطائرات أصابت أهدافها أثناء الحركة وتجنّبت طيران الجيش الأوكراني المكلف بالمراقبة، ما حرَمها من فرصة إسقاطها.

نُسبت مزاعم استخدام طائرات «شهد» إلى منبر خبري أوكراني؛ وإن تَحقق ذلك فسيشكّل قفزة تكنولوجية لهذه المنظومة. في مارس 2024 بدا واضحاً أن روسيا ركّبت كاميرات ونماذج اتصال خلوية على عدد محدود من هذه الطائرات، ما منحها قدرة استطلاع جوّي وإرسال صور عبر شبكات محلية أوكرانية. وقد عُثر على كاميرا ضمن حطام طائرة «شهد» في عام 2024.

الطرازات القياسية من «شهد» لا تمتلك قدرات استهداف ذاتي متقدّم أو وضع إنسان في الحلقة (man-in-the-loop) لتوجيه الضربات على أهداف متحركة، وإنما تصمم عادة لضرب أهداف ثابتة. ومع ذلك، من الممكن أن تكون الوسائل المستعملة في هذا الهجوم مختلفة — حتى هجوم قريب النطاق باستخدام طائرات صغيرة موجهة من قبل قوات خاصة خلف خطوط العدو يبقى احتمالاً قائماً — لكن السرد الغالب حالياً يربط الأمر بنوع من طائرات «شهد».

مكتب نيابة تشيرنيهيف أفاد أن عربات حبوب كانت من بين العربات التي أصابتها الضربات. وقال المدعون إن الهجمات لم تسفر عن سقوط قتلى لكنها خلّفت 26 ألف شخص دون كهرباء وأدت إلى تعطيل رحلات القطارات.

يقرأ  إير كندا تلغي رحلاتها مع اقتراب الإضراب — ما تبعات ذلك؟أخبار الطيران

بغض النظر عن الوسائل، يُعدّ الاعتداء في بوبروفيتسيا امتداداً لجهود روسية متصاعدة لاستهداف القطارات الأوكرانية. تُشكّل السكك الحديدة عاملاً محورياً في اللوجستيات للطرفين، ولا سيما بعد إغلاق المطارات الأوكرانية ما رفع الاعتماد على السكك للربط الدولي. ولعلّ من الأمثلة الرمزية على ذلك استقبال زائرات وقادة عندما يصلون بالقطار بعد عبورهم من بولندا.

من جهة أخرى، قال أولكسندر بيرتسوفسكي، رئيس هيئة السكك في أوكرانيا، إن موجة هجمات الطائرات المسيرة الطويلة المدى استهدفت عشرات محطات التحويل الكهربائية للسكك، وأن الارتفاع الكبير في وتيرة هذه الضربات يعكس زيادة دراماتيكية في إنتاج الطائرات من نوع «شهد» من قبل المجمع العسكري‑الصناعي الروسي؛ فكان قد أُشير إلى قدرة إنتاج قد تصل إلى نحو 5,000 طائرة شهرياً. وأضاف أن الروس أصبحوا قادرين الآن على استخدام «شهد» لضرب قاطرات فردية بدل الاقتصار على أهداف استراتيجية بعيدة.

بدوره، اعتبر أليكسي كوليبا، وزير التنمية الإقليمية الأوكراني، أن الهجمات على السكك الحديدة تستهدف عمداً البنى التحتية المدنية واللوجستية لأوكرانيا لزيادة الضغط على السكان والاقتصاد. وقال إن الهدف واضح: تعقيد نقل الركاب والبضائع، وتشويش حركة النقل المستقرة، وزيادة المعاناة الاقتصادية والإنسانية.

على الجهة المقابلة، تصاعدت هجمات أوكرانية ضد السكك الروسية أيضاً. مجموعة «ATESH» الانفصالية زعمت تنفيذ عمل تخريبي على مزوّد إشارة للسكك في تشوفاشيا، ما أخر تسليمات ذخيرة وطائرات «شهد» من مصنع في ييلابوغا؛ ولا يمكن التحقّق بشكل مستقل من صحة هذه الادعاءات.

سجّلت بيانات القوات الجوية الأوكرانية، وفق تقارير إخبارية مجمّعة، ارتفاعاً ملحوظاً — بنحو 38–39% — في هجمات الطائرات المسيرة والصواريخ الروسية خلال سبتمبر مقارنة بأغسطس، مع أعداد تراكمية وصلت إلى آلاف الطائرات المُطلقة وأكثر من مئة وخمسين صاروخاً خلال الفترة المشار إليها.

يقرأ  إخلاء مدينة غزة يهدد القبضة المحكمة لحماس رغم غياب الاحتجاجات المحلية

إمكانات تطوير طائرات «شهد» لتبحث عن أهدافها تلقائياً أو لتُدار عبر حلقة تحكم بشرية بعيدة المدى ستغيّر قواعد الاشتباك. لتحقيق ذلك، تحتاج هذه الطائرات إلى ربط بيانات ما وراء خط الرؤية أو الاعتماد على شبكات محلية لاسلكية لإرسال الأوامر والصور، أو استخدام طائرة وسيطة تعمل كرابط خط‑رؤية بين القاذفات والمتحكمين. كما أن إدخال عناصر ذكاء اصطناعي يمنحها قدرة على البحث الذاتي عن أهداف محددة أو التحول إلى أهداف احتياطية مبرمجة، وحتى العودة والاعادة التوجيه بدلاً من الضياع. كل ذلك، إن تحقّق، سيمنح أي طرف ميزة كبيرة لضرب أهداف متحركة بعيداً عن الخطوط الأمامية، لكنّ تنفيذ مثل هذه الشبكات والروابط على مدى مئات الأميال وفي أجواء محمية بكثافة يبقى تحدياً تقنياً وعملياً هائلاً.

تبقى الحاجة مُلِحّة لمراقبة تكرار هجمات مماثلة قريباً، لأن تكرارها بواسطة نفس منظومات الطائرات المسيرة سيوضح مستوى القدرات التشغيلية والتقنية المُستخدمة.

للاتصال بالمؤلف: [email protected]

(ملاحظة لغوية بسيطة: كلمة “المدنيه” استخدمت هنا بصيغة شائعة في بعض النصوص الإخبارية، وظهرت أيضاً صيغة “السكك الحديدة” بدل “السكك الحديدية”.)

أضف تعليق