أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن موسكو مستعدة لضمان “شحنات متواصلة” من الوقود إلى الهند، في وقت تواجه فيه نيودلهي ضغوطًا أمريكية لوقف وارداتها من النفط الروسي.
وخلال لقاء جمعه برئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في دلهي، تساءل بوتين عن مبرر معاقبة الهند على شراء النفط بينما تواصل الولايات المتحدة شراء وقود نووي من روسيا.
وكان الرئيس دونالد ترامب قد فرض رسوماً جمركية نسبتها 50% على معظم المنتجات الهندية، مبرراً ذلك بأن استمرار نيودلهي في شراء النفط الروسي يساهم في تمويل الحرب في أوكرانيا — وهو ما تنفيه الهند.
تأتي زيارة بوتين فيما تجري الولايات المتحدة سلسلة محادثات مع روسيا وأوكرانيا في محاولة للتوسط على نحو يؤدي إلى اتفاق سلام يضع حدّاً للصراع. وفي مقابلة مع India Today قال بوتين إن روسيا تعمل على “حل سلمي” لإنهاء الحرب، محذراً من أن على أوكرانيا الانسحاب من دونباس وإلا فإن روسيا ستستعيد هذه المناطق بالقوة.
وأكد بوتين: “إما نحرر هذه الأراضي بالقوة، أو تغادرها القوات الأوكرانية”.
من جهته، كرر مودي موقف الهند بأنها ليست محايدة تجاه الحرب في أوكرانيا وأنها تقف “في صف السلام”، مرحبًا بكل الجهود التي تهدف إلى إيجاد حل دائم لإنهاء النزاع. وأكد أن تعزيز “الربط والاتصال” بين روسيا والهند يشكل أولوية استراتيجية لدى نيودلهي.
في الأشهر الأخيرة تدهورت العلاقات الهندية ــ الأمريكية إلى مستوى قياسي بسبب أزمة الرسوم الجمركية والعجز عن التوصل إلى حل. فرض ترامب في البداية رسماً قدره 25% ثم أضاف 25% أخرى كعقوبة على شراء الهند للنفط الروسي، وهو قرار وصفته الحكومة الهندية حينها بأنه “غير عادل وغير مبرر وغير معقول”.
علق بوتين على هذه الإجراءات قائلاً إن الهند يجب أن تحظى بنفس الفرص المتاحة للولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن “الولايات المتحدة نفسها ما زالت تشتري منا وقودًا نوويًا لمحطاتها”، متسائلاً عن سبب حرمان نيودلهي من نفس الامتياز.
وأفادت تقارير، من بينها تقرير بلومبرغ استنادًا إلى بيانات وزارة الطاقة الأمريكية، أن روسيا ظلت في العام الماضي المورد الأول لوقود مفاعلات نووية إلى الولايات المتحدة، رغم أن حظر استيراد اليورانيوم المخصب من روسيا سيدخل حيز القانون منذ مايو.
تبادل الزعيمان مذكرات تفاهم خلال مؤتمرهما الصحفي، حددت أهدافًا مشتركة في مجالات التجارة والزراعة. وأعلن مودي عن مبادرتين جديدتين لمنح تأشيرات لمدة 30 يومًا للسياح الروس القادمين إلى الهند، كما افتتحت نيودلهي قنصليتين جديدتين في روسيا. وأكّد أيضًا أن شبكة Russia Today، التي تمولها الكرملين وتخضع لسيطرة الدولة، ستُطلق في الهند.
لم تُعلن صفقات دفاعية كبرى، لكن الطرفين وقّعا اتفاقات في مجالات بناء السفن والاستثمارات في الطاقة النووية المدنية والمعادن الاستراتيجية. كما اتفقا على برنامج اقتصادي ممتد حتى عام 2030 يغطي التشغيل البحري وصناعة السفن والقطاع الصحي وخلق فرص عمل.
أعرب بوتين عن ثقته في رفع حجم التبادل التجاري الثنائي من 60 مليار دولار إلى 100 مليار دولار خلال السنوات المقبلة. من جهته، قال مودي إن “أمن الطاقه كان ركيزة قوية ومهمة لشراكة الهند وروسيا”، من دون الإشارة صراحةً إلى النفط.
تعد الهند — ثالث أكبر مستهلك للنفط في العالم — مستوردًا بكميات كبيرة من النفط الروسي منذ التدخل الروسي واسع النطاق في أوكرانيا عام 2022، رغم أن بعض الشركات الهندية شرعت بالفعل في تقليص وارداتها من روسيا امتثالاً للعقوبات الأمريكية.
وأشار بوتين أيضًا إلى “مشروع رائد” لبناء أكبر محطة للطاقة النووية في الهند ستساهم روسيا في تنفيذه. وفي بيان مشترك عقب اللقاء أكدا أن الشراكة تُعاد توجيهها نحو البحث والتطوير وإنتاج منصات دفاعية متقدمة. وأضاف بوتين أن التعاون الدبلوماسي بينهم يمتد داخل إطار دول بريكس لتعزيز عالم “أكثر عدلاً” ومتعدد الأقطاب.
بريكس، التحالف غير الرسمي لعدد من الدول النامية الكبرى — بما في ذلك الهند وروسيا والصين والبرازيل وجنوب إفريقيا — تأسس عام 2006 بهدف تحدي الهيمنة السياسية والاقتصادية التقليدية لأمريكا الشمالية والدول الأوروبية الغربية.