زيارة تاريخية لمسؤول سوري إلى الولايات المتحدة تقرير توضيحي: كل ما تحتاج معرفته

وصول تاريخي إلى واشنطن

وصل الرئيس السوري أحمد الشراع إلى الولايات المتحدة يوم السبت، تمهيداً لاجتماع مُرتقب مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب. تُعد هذه الزيارة أول زيارة لرئيس سوري إلى البيت الأبيض منذ نحو ثمانين عاماً، مما يعطيها بعداً رمزياً وسياسياً بارزاً.

لماذا هذه الرحلة مهمة لسوريا؟

تكمن أهمية الزيارة بالنسبة لدمشق في السعي لإلغاء ما يُعرَف بقانون قيصر، حزمة العقوبات التي فرضتها واشنطن على سوريا عام 2019. أصدرت إدارة ترامب أمراً تنفيذياً برفع بعض العقوبات عن سوريا، لكن إلغاء قانون قيصر يتطلب تصويت الكونغرس. رفع القيود الاقتصادية سيمكن سوريا من العودة إلى النظام المالي الدولي ويسهّل الاستثمار وإجراء المعاملات التجارية، وسيكون ذا أثر حاسم في جهود إعادة الإعمار وإصلاح منظومة الرعاية الصحية والبُنى التحتية التي دمرتها اثنتا عشرة سنة من الصراع. تقدر مجموعة البنك الدولي أن تكلفة إعادة بناء ما تدمر في البلاد تتجاوز 216 مليار دولار.

ما الذي يعنيه ذلك للولايات المتحدة؟

للولايات المتحدة دوافع مختلفة؛ تأمل واشنطن في إقناع دمشق بالانضمام إلى التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). هذا التحالف يضم نحو 89 دولة من مختلف أنحاء العالم ويشمل عدة دول عربية، وانضمام سوريا إليه قد يرمز إلى تحرك نحو دمج إقليمي تحت إدارة الشراع الجديدة. كما تسعى إدارة ترامب إلى توسيع ما يُعرف باتفاقيات إبراهيم لتشمل مزيداً من التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، ويمكن أن تُعتبر مشاركة سوريا إضافة استراتيجية لتلك الجهود.

هل ستنضم سوريا إلى التحالف ضد داعش؟

تقارير إعلامية عربية تشير إلى احتمال توقيع دمشق اتفاقية للانخراط في محاربة داعش. ومع هبوط الشراع في واشنطن، أعلنت وزارة الداخلية السورية عن إطلاق «عملية أمنية واسعة النطاق»، شملت 61 مداهمة استهدفت خلايا لتنظيم الدولة في محافظات حلب وإدلب وحماة وحمص ودمشق. وأعرب مبعوث الولايات المتحدة لدى سوريا، توم باراك، عن أمله أن يوقع الشراع اتفاقية وان تكون سوريا شريكة في التحالف، لكن مسار التطبيع الكامل قد يتطلب وقتاً أطول. (هنا استخدمت لفظة إنضمت في بعض التصريحات الإعلامية بمعنى المشاركة.)

يقرأ  التوأم المفرج عنهما يظهران في أول رسالة مصوَّرة

لماذا تُعتبر الزيارة تاريخية؟

هذه الزيارة الأولى لرئيس سوري إلى البيت الأبيض منذ استقلال سوريا عن الانتداب الفرنسي عام 1946، وهي مؤشر على دفء محتمل في العلاقات بعد عقود من الحكم العائلي. التقى الشراع وترامب سابقاً في السعودية، ووصف ترامب الشراع بأنه «رجل جذاب وقوي»، لكن زيارة البيت الأبيض تعكس مستوى مختلفاً من الانفتاح الدبلوماسي. تأتي الزيارة بعد أن زار الشراع مقر الأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر، وكانت تلك زيارته الأولى إلى الولايات المتحدة.

خلفية وتداعيات محتملة

تبدو الزيارة أقل اعتباطاً بالنظر إلى مسيرة الشراع: قاتل القوات الأمريكية في العراق في فترة سابقة، ونُقِل إلى معسكرات اعتقال أمريكية بين 2006 و2011، ما يجعل التحول إلى ضيف في واشنطن أمراً غير متوقع. في الوقت نفسه، تَذكر تقارير أن الولايات المتحدة تعمل على وجود عسكري في مطار المزة بدمشق، وأن هذا التواجد قد يستخدم كمنصة لتيسير مفاوضات سلام بين إسرائيل وسوريا—نفيت دمشق هذه التقارير رسمياً. وبالمقابل، يتكرر حديث باراك عن إمكان توقيع اتفاقية عدم اعتداء بين دمشق وتل أبيب كجزء من مساعي التسوية الأوسع.

خلاصة

الزيارة تحمل أبعاداً اقتصادية وأمنية ودبلوماسية كبيرة: لسوريا فرصة لرفع العقوبات واستقطاب تمويل لإعادة الإعمار، وللولايات المتحدة فرصة لتعزيز جهود مكافحة داعش وتوسيع محاور التطبيع الإقليمي. رغم ذلك، تظل المسائل التشريعية والضغوط السياسية داخل الكونغرس، إضافةً إلى الاستحقاقات الإقليمية والأمنية، عوامل قد تطيل أو تعقّد مسار أي اتفاق نهائي.

أضف تعليق