زيارة ترامب إلى المملكة المتحدة جدول الأعمال والبرنامج وما الذي يُتوقع حدوثه أخبار الأعمال والاقتصاد

بريطانيا تستعد لاستقبال دونالد ترامب استقبالاً رسمياً بديعاً هذا الأسبوع، مكرِّمةً رئيس الولايات المتحدة بما لم ينَلْه أي زعيم أميركي من قبل: زيارة دولة ثانية.

ستنطلق الزيارة مساء الثلاثاء حين يصل ترامب الى لندن، في توقيت يتقاطع مع مفاوضات تجارية شديدة الحساسية بين واشنطن والعديد من شركائها التجاريين الرئيسين، ومن بينهم المملكة المتحدة. وخلال الإقامة يتوقّع أن تُعلن الحكومتان عن عدة اتفاقيات في مجالات التكنولوجيا والطاقة النووية المدنية، كما يأمل الجانب البريطاني في إتمام تفاهم حول رسوم المعادن الأساسية.

المَنَـظَر الملكي سيكون حاضراً طوال زيارة الزوجين ترامب التي تستمر يومين؛ فسيحظيان باستقبال احتفالي من الملك تشارلز في قلعة وندسور، مع موكبٍ ملكي وحفل عشاء رسميٍ بديعٍ ومسيرةً في عربة تجرها الخيول واستعراض جوي من سرب “ريد أروز”. تؤمن الحكومة البريطانية أن قدرة القصر الرمزية والطقوس الباذخة ستتوافق مع ميول ترامب الاستعراضية.

على الصعيد الداخلي، يأمل رئيس الوزراء كير ستارمر أن تُشكل الزيارة صَدْرَ هروب مؤقت من التكهنات المعلقة حول قيادته، بعد تراجع نسبة تأييده واستقالات بارزة أُثِيرت أخيراً. ومع ذلك، تلقي الإقالات الأخيرة بظلال دبلوماسية على الزيارة: فقد أُقيل اللورد ماندلسون من منصب السفير البريطاني لدى واشنطن بعد نشر رسائل إلكترونية كشفت عن تأييد له لصديقٍ له مطعون في سمعته، جيفري ابستين، وهو أمر أثار جدلاً إعلامياً كبيراً، كما أعادت علاقات ترامب السابقة مع ابستين إدخال اسمه في عناوين الأخبار مجدداً.

متى وأين؟
سيُستقبل الرئيس رسمياً مساء الثلاثاء من قبل السفير الأميركي وارن ستيفنز، ووزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر، وفيزكاونت هود، صاحب المقام الملكي. صباح الأربعاء تبدأ الفعاليات الملكية بتحية رسمية من الملكة كاميلا والملك تشارلز، بحضور الأمير ويليام والأميرة كاثرين في قلعة وندسور، تليها تحية مدفعية واستعراض جوي وموكب العربة. سيُقام غداء مع العائلة المالكة الممتدة، ثم وضع إكليل عند ضريح الملكة إليزابيث الثانية في كابلة سانت جورج. وفي مساء الأربعاء سيكون ترامب ضيف الشرف في مأدبة دولة رسمية قبل أن يودّع العائلة المالكة صباح الخميس ويشرع بلقاء رئيس الوزراء.

يقرأ  الإفراج عن الباحث الإسرائيلي-الروسي في العراق بعد عامين من الاحتجازأخبار السياسة

التجارة على قمة الأولويات
سيستضيف ستارمر ترامب في تشيكرز، المقر الريفي الرسمي لرئيس الوزراء، لمناقشة ملفات متعددة، من بينها أمن أوكرانيا، لكن الهدف الأبرز هو حث ترامب على الالتزام بخفض الرسوم على الصلب والألمنيوم. كانت المملكة المتحدة أول دولة تُبرم اتفاق تعاون ثنائي مع إدارة ترامب في مايو، نص على نية خفض الرسوم من 25% إلى الصفر، إلا أن التنفيذ الفعلي لم يتحقق بعد.

قال وزير الأعمال بيتر كايل إن “عندما يتعلق الأمر بالصلب، سنعمل على إعلان في أقرب وقت ممكن”، وأبدى وزراء آخرون تفاؤلهم بإمكانية تأمين اتفاق حول المعادن الأساسية خلال الزيارة. كما يتوقع توقيع صفقة بمليارات الدولارات لتطوير مشاريع نووية صغيرة قد تُغذي مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي الجديدة، وأعلن ستارمر عن مشروع مشترك لبناء أسطول من المفاعلات المعيارية الصغيرة.

الاستثمارات وشراكات التكنولوجيا
أحد مواضيع النقاش الكبرى سيكون شراكة تكنولوجية محتملة، تتضمن زيادة الاستثمارات الأميركية في المملكة المتحدة وتعاوناً أوسع مع وادي السيليكون في مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية. كان هذا الملف من أولويات ماندلسون، واصفاً إياه في رسالته الوداعية لموظفي السفارة بأنه “فخري ونجاحي الشخصي” الذي سيكتب فَصْلاً جديداً في العلاقة الخاصة بين البلدين. لم يتم تسمية خلف دائم له بعد، ويشغل جيمس روسكوا مهمة القائم بالأعمال مؤقتاً.

من المتوقع أن تعلن شركات مثل نفيديا وأوبن إيه آي وجوجل عن صفقات استثمارية كجزء من الشراكة، بينما أعلنت الحكومة البريطانية عن تعهدات استثمارية خاصة بقيمة 1.25 مليار جنيه إسترليني من باي بال وبنك أوف أميركا. وعلى صعيدٍ أوسع، تخطط شركة بلاكستون لاستثمار نحو 100 مليار جنيه إسترليني في أصول بريطانية خلال العقد القادم، ضمن حزمة استثمارية أوروبية سبق الإعلان عنها قيمتها 500 مليار دولار.

يقرأ  الأمين العام للأمم المتحدة يدين فظائع غزة ويطالب بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات في ظل المجاعة — أخبار غزة

لماذا تكتسب الزيارة أهمية استثنائية؟
تمثل هذه الزيارة دولة ثانية لترامب، وهي سابقة لم يَنلها أي رئيس أميركي آخر. جاءت أيضاً عقب زيارة له إلى اسكتلندا قبل شهرين، لكن طابع الزيارة الرسمي هذه المرة يمنحها بعداً سياسياً ودبلوماسياً أكبر. التوقيت ليس مناسباً تماماً، إذ يُلقي الإقالة الأخيرة لماندلسون والارتباطات العاطرة المثيرة للجدل مع ابستين بظلالٍ على الحدث، كما عرضت علاقات ترامب السابقة مع ابستين الرجل الرئيس لانتقاداتٍ وإشكالات إعلامية أثرت حتى داخل قاعدته الشعبية. أصدر الديمقراطيون في مجلس النواب مؤخرًا نسخة من رسالة تهنئة بعيد ميلاد يُزعم أنها أُرسلت إلى إيبستين عام 2003، ونفى الرئيس ترامب مسؤولية كتابتها.

من جهته، يأمل كير ستارمر أن تغطي هيبة الزيارة الرسمية على التحديات الداخلية التي يواجهها، خصوصًا الانتقادات الموجهة إليه بعد قرار حظر وتصنيف مجموعة «فلسطين أكشن» كـ«منظمة إرهابية».

عقب هفوات في إصلاحات الضمان الاجتماعي، وتعديل وزاري ارتجالي، وضعف في نمو الاقتصاد، بدأ عدد من النواب يشكك في تقديراته السياسية، لا سيما في ظل تزايد شعبية حزب Reform UK شعبوي التوجه بقيادة نايجل فاراج في استطلاعات الرأي.

الهدف الأساسي لستارمر خلال هذه الزيارة هو تسليط الضوء والدفاع عن أي مكاسب سياسية واقتصادية تتحقق مع مضي الزيارة قدمًا، ومحاولة تحويلها إلى ورقة لشرعنة إنجازاته.

لكن إقامة الرئيس لن تخلو من العقبات؛ فمن المتوقع خروج احتجاجات محلية اعتراضًا على تواجده في قلعة وندسور. كما تبرز لقطات لمارة يسيرون على الممر الطويل في حديقة وندسور الكبرى قرب القلعة، في مشهد يعكس الانقسام الشعبي حول الزيارة.

سيحاول رئيس الوزراء أيضًا إقناع ترامب بأن دخول عشرين طائرة مُسيّرة إلى المجال الجوي البولندي يوم الأربعاء الماضي لم يكن حادثًا، خلافًا لما ألمح إليه الرئيس الأمريكي. ورفض وزير الخارجية البولندي رادوسواف سيكوريسكي هذا التفسير خلال مؤتمر صحفي في كييف في 12 سبتمبر، قائلاً: «لا نؤمن بعشرين خطأ في آن واحد».

يقرأ  خريطة: إسرائيل هاجمت واعترضت كل الأساطيل المتجهة إلى غزة منذ عام ٢٠١٠— أخبار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

أخيرًا، أعلن متحدث باسم ستارمر أنه ستُكشف مبادرات لتعميق الروابط الثقافية بين البلدين، تشمل تعزيز كرة السلة في المملكة المتحدة وتطوير شراكات بين مؤسسات التراث والفنون، فيما يسعى ستارمر إلى الاستفادة من هذه الملفات ويدافععن مواقفه داخليًا.

أضف تعليق