يعقد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي محادثات عاجلة مع قادة ومسؤولين من نحو ثلاثين دولة تدعم جهود كييف لتأمين شروط تفاوضية أكثر ملاءمة لإنهاء الحرب مع روسيا، مع دخول النزاع عامه الرابع.
تواجه أوكرانيا ضغوطاً متزايدة من روسيا على جبهات القتال في إقليم دونيتسك الشرقي، ومن الولايات المتحده على الصعيد الدبلوماسي.
قصص موصى بها
عقَد الاجتماع يوم الخميس بعد يوم من محادثة هاتفية أجراها الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع زيلينسكي، بمشاركة رئيس وزراء المملكة المتحدة كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس.
تسعى مجموعة حلفاء أوكرانيا، المعروفة باسم “تحالف المستعدين”، جاهدة لتوجيه المفاوضات السلمية في ظل تحذير حكومات أوروبية من أن أمنها في خطر، ومحاولة لتخفيف المطالب الروسية القصوى التي تميل إليها الولايات المتحدة في سياق المقترحات المطروحة.
يُصِرّ ترامب على تسوية سريعة للنزاع، بعد أن تفاخر سابقاً بأنه سيحله خلال 24 ساعة من عودته إلى السلطة. لقد امتدت الحرب على طول جبهة طويلة في شرق أوكرانيا مع هجمات متكررة من روسيا على بقية الأراضي الأوكرانية، بينما نفذت أوكرانيا أيضاً ضربات منتظمة في عمق الأراضي الروسية.
بعد مكالمة الأربعاء، قال الرئيس الأميركي إن المجموعة ناقشت المقترحات “بشدة”، مضيفاً أن على زيلينسكي “أن يكون واقعياً” بشأن التنازل عن أراضٍ أوكرانية.
من جهته، أكد زيلينسكي في الأيام الأخيرة أن أوكرانيا لن تتخلى عن أراضٍ، وأن دستور البلاد يمنع ذلك.
وصف ميرتس الوضع بأنه “لحظة حاسمة” لأوكرانيا، مشيراً إلى أن “العمل المكثف على خطة السلام سيستمر في الأيام المقبلة”.
بعد لقائه رئيس وزراء هولندا مارك روتة يوم الخميس، نفى المستشار الألماني تقارير عن توتر خلال المكالمة مع ترامب، واصفاً النقاش بأنه “بناء” ومشيراً إلى محادثات حول “التنازلات الإقليمية التي قد تكون أوكرانيا مستعدة لتقديمها”.
وأضاف ميرتس أن الأسئلة الإقليمية شأن “يجب أن يقرّره الرئيس الأوكراني والشعب الأوكراني”.
كشفت المفاوضات عن انقسامات حادة بشأن مقدار الأراضي التي على أوكرانيا التنازل عنها. لقد سيطرت روسيا بالفعل على كامل إقليم لوهانسك وتحتل أجزاء واسعة من دونيتسك — وهما المنطقتان اللتان تشكلان دونباس — إضافة إلى زابوريجيا وخيرسون، مكوِّنة امتداداً على طول الساحل الأوكراني للبحر الأسود.
ووفقاً لمعهد دراسة الحرب، وهو مجموعة رصد أميركية، اكتسبت روسيا حتى الآن في 2025 نحو 0.77% فقط من أراضي أوكرانيا، ما يوحي بأن خطوط الجبهة استقرت إلى حدٍّ كبير رغم الزخم الروسي الأخير.
قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم الخميس إن موسكو نقلت “اقتراحات إضافية” إلى الولايات المتحدة بشأن ضمانات الأمن الجماعي، دون أن يقدم تفاصيل عما اقترحته الكرملين.
الحرب تشتد في شرق أوكرانيا
تأتي الحملة الدبلوماسية بينما تمارس القوات الروسية ضغطاً مكثفاً على المدينة الاستراتيجية بوكرُفسك في دونيتسك، حيث حشدت موسكو نحو 156 ألف جندي.
أفادت أوكرانيا بهجوم ميكانيكي غير معتاد يوم الأربعاء شمل قافلة مكوَّنة من 30 مركبة حاولت اقتحام دفاعات المدينة، وهو أكبر هجوم من هذا النوع داخل بوكرُفسك حتى الآن، وكانت القوات الروسية تحاول الاستيلاء عليها منذ أشهر.
إذا تمكنت روسيا من السيطرة على هذا المركز اللوجستي السابق فسيُمثِّل ذلك أكبر مكسب إقليمي لها منذ ما يقرب من عامين، ما يزيد من إلحاح جهود كييف لتحسين شروط خطة السلام التي يراها كثيرون منحازة لموسكو.
تكبدت روسيا ثمناً باهظاً في هجومها على بوكرُفسك، إذ خسرت أكثر من ألف مركبة مدرعة وأكثر من 500 دبابات في المنطقة منذ أكتوبر 2023، وفقاً للجيش الأوكراني.
في غضون ذلك، أبرزت أوكرانيا قدراتها الضاربة ليلَةً بضربة طائرات مسيَّرة تعد من أكبر هجمات الحرب، ما اضطر موسكو إلى إيقاف رحلات أربعة مطارات لمدة سبع ساعات.
قالت وزارة الدفاع الروسية إن دفاعاتها الجوية تصدت لـ287 طائرة مسيّرة أوكرانية عبر مناطق متعددة.
أثارت مبادرة ترامب للسلام توتراً مع الكونغرس الأميركي، الذي أقرّ هذا الأسبوع مشروع قانون دفاعي واسع يدعم الأمن الأوروبي ويحدّ من صلاحيات الرئيس لتقليص أعداد القوات أو سحب العتاد من القارة.
تنص التشريعات الحزبية المشتركة على تخصيص 400 مليون دولار كمساعدات أمنية لأوكرانيا وتمنع تراجع عدد القوات الأميركية في أوروبا إلى أقل من 76 ألف عنصر.
أرسل مسؤولون أوكرانيون نسخة منقحة من خطة السلام إلى واشنطن. وأخبر زيلينسكي الصحفيين متأخراً يوم الأربعاء أن أوكرانيا ستنسق مع الدول الأوروبية على مستوى ثنائي الأسبوع المقبل. “أوكرانيا تعمل بسرعة”، قال.