زيلينسكي يحذّر: أوكرانيا مهددة بفقدان الدعم الأميركي على خلفية خطة سلام البيت الأبيض

وجه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كلمة إلى الأمة بمناسبة يوم الكرامة والحرية، محذِّراً من أن كييف قد تُعَرّض نفسها لخطر فقدان الدعم الأمريكي نتيجة خطة للبيت الأبيض لوقف الحرب مع روسيا.

قال زيلينسكي في خطابه الجمعة إن أوكرانيا «قد تواجه خياراً عسيراً للغاية: إما فقدان الكرامة أو المخاطرة بفقدان شريك رئيسي»، مضيفاً أن «اليوم هو أحد أصعب اللحظات في تاريخنا».

الخطة الأمريكية المسربة على نطاق واسع تتضمن اقتراحات كانت كييف قد رفضتها سابقاً: التنازل عن مناطق شرقية تخضع حالياً لسيطرتها، تقليص كبير في حجم الجيش، والالتزام بعدم الانضمام إلى حلف الناتو. تُعتبر هذه البنود منحازة إلى حد كبير لصالح روسيا، التي وصفها رئيسها فلاديمير بوتين بأنها قد تشكل «أساساً» لتسوية السلام.

في اجتماع لمجلسه الأمني يوم الجمعة، قال بوتين إن موسكو تلقت الخطة لكنها لم تُناقَش مع الكرملن بالتفصيل. أشار إلى استعداد روسيا «إظهار مرونة» لكنه أضاف أنها مستعدة أيضاً للاستمرار في القتال.

في وقت لاحق، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن زيلينسكي «سيضطر إلى قبول» الخطة، وأنه بخلاف ذلك ستستمر المواجهات بين أوكرانيا وروسيا.

تعتمد أوكرانيا اعتماداً حاسماً على إمدادات الأسلحة المتقدمة المصنوعة في الولايات المتحدة، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي لصد الغارات الجوية الروسية القاتلة، فضلاً عن المعلومات الاستخباراتية التي تقدمها واشنطن. روسيا شنت غزواً واسع النطاق على أوكرانيا في 2022.

في كلمة مدتها نحو عشر دقائق أمام مقر الرئاسة في كييف، حذر زيلينسكي من أن أوكرانيا ستواجه «ضغوطاً كبيرة… لإضعافنا، لتفريقنا»، مؤكداً أن «العدو لا ينام». ودعا الأوكرانيين إلى البقاء موحَّدين، مشدداً على أن «المصلحة الوطنية للدولة يجب أن تُؤخذ في الاعتبار».

قال: «لن نطلق تصريحات صاخبة، سنعمل بهدوء مع أمريكا وكل الشركاء… ونقدّم بدائل» للخطة المقترحة. وأكد أنه تلقى طمأنات باستمرار الدعم خلال مكالمات هاتفية مع رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس.

يقرأ  الولايات المتحدة تستحوذ على حصة في شركة أخرى — هذه المرة في منجم ليثيوم ضخم

بعد المحادثات، شدد ستارمر أن «مبدأ أن تحدد أوكرانيا مستقبلها ضمن سيادتها هو مبدأ أساسي». وأوضح زيلينسكي أنه تحدث «قرابة ساعة» مع نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس ووزير الجيش دان دريسكول، مؤكداً أن أوكرانيا «كانت دائماً تحترم» جهود الرئيس ترامب لإنهاء الحرب.

في واشنطن، حذّر ترامب من أن أوكرانيا ستفقد المزيد من الأراضي لصالح روسيا «في وقت قصير»، وقال إنه من «المناسب» أن تُمنح أوكرانيا مهلة حتى 27 نوفمبر—يوم عيد الشكر في الولايات المتحدة—للموافقة على اتفاق السلام، مع احتمال تمديد المهل إذا سارت الأمور «على نحو جيد». وفي كلمة لاحقة في البيت الأبيض قال الرئيس الأمريكي: «نعتقد أننا وجدنا طريقاً إلى السلام… زيلينسكي سيكون مضطراً للموافقة عليه».

واشنطن كانت تضغط على كييف لقبول الخطة بسرعة، وأرسلت كبار مسؤولي البنتاغون إلى العاصمة الأوكرانية في وقت سابق من الأسبوع.

أظهر بوتين يوم الخميس عزيمة على مواصلة الحرب بالرغم من التقارير عن خسائر قتالية فادحة للجيش الروسي. قال لقياداته العسكرية مرتدياً الزي العسكري: «لدينا مهامنا وأهدافنا… والرئيسية هي تحقيق أهداف العملية العسكرية الخاصة بلا قيد أو شرط».

ظهرت خطة أمريكية في 28 بنداً تزامناً مع ادعاءات عن مكاسب إقليمية صغيرة لروسيا في جنوب شرق أوكرانيا، بينما يواجه زيلينسكي أزمة داخلية تورط فيها مسؤولون كبار في فضيحة فساد بقيمة نحو 100 مليون دولار. ونفت إدارة البيت الأبيض مزاعم استبعاد أوكرانيا عن صياغة المقترح، بعد لقاءات بين المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف ونظيره الروسي كيريل دميتريف.

أبلغ مسؤول أمريكي غير مسمى شبكة CBS وبي بي سي أن الخطة وُضعت «فوراً» بعد مناقشات مع كبير مسؤولي الأمن الأوكراني روستم عمرُوف، الذي وافق على الجزء الأكبر منها، ويُقال إنه أجرى عدة تعديلات قبل أن يعرضها على زيلينسكي.

يقرأ  قوات أمريكية تقتل شخصين بضربةاستهدفت زورقاً يشتبه في استخدامه لتهريب المخدرات في المحيط الهادئ

النص المسرب يقترح انسحاب قوات أوكرانية من أجزاء من منطقة دونيتسك الشرقية التي تسيطر عليها الآن، ويفضي إلى سيطرة روسية فعلية على دونيتسك، وكذلك منطقتَي لوهانسك وشبه جزيرة القرم الجنوبية التي ضمّتها روسيا في 2014. كما يقترح تجميد حدود منطقتي خيرسون وزابوريجيا الجنوبية على خطوط القتال الحالية؛ وكلاهما محتلتان جزئياً من قبل روسيا.

الخطة الأمريكية تقيد أيضاً عدد عناصر القوات الأوكرانية إلى 600 ألف فرد، مع تمركز طائرات مقاتلة أوروبية في بولندا المجاورة. وستتلقى كييف «ضمانات أمنية موثوقة» وفق الخطة، من دون تقديم تفاصيل. يذكر الوثيقة أنها «تتوقع» ألا تغزو روسيا جيرانها وألا يتوسع حلف الناتو أكثر.

يقترح المسوَّدة كذلك أن تُعاد روسيا إلى الاقتصاد العالمي عبر رفع العقوبات ودعوتها للعودة إلى مجموعة الدول السبع، ما سيعيدها إلى مجموعة الثمانية.

ردّ الأوكرانيون، سواء تحت الاحتلال أو خارجه، بنبرة متحدية إزاء أخبار المقترح الأمريكي. في كييف قالت أرملة جندي أوكراني لبي بي سي: «هذه ليست خطة سلام، إنها خطة لمواصلة الحرب». وقال آخر من إحدى المناطق المحتلة إنه «يحاول الحفاظ على عقله في ظل دعاية مستمرة تُشيع أن أوكرانيا نسيتنا. آمل ألا يوقعوا عليها».

تسيطر روسيا حالياً على نحو 20% من الأراضي الأوكرانية، وتحقق قواتها تقدّماً بطيئاً على طول جبهة واسعة رغم خسائر فادحة أُبلغ عنها. القناة الرسمية لفولوديمير زيلينسكي
على منصة تيليغراам

أضف تعليق