ستارمر: لم يعد هناك إجماع على التصدي لتغير المناخ

شهد قمة المناخ العالمية في مدينة بيلم اجتماعاً متوتراً اتسم بتراشق الاتهامات وتصعيد اللغة ضد مواقف رفض العلم المناخي، خصوصاً تجاه رؤى الولايات المتحدة التي أغاب رئيسها عن القمة.

حذّر رئيس البرازيل لويز إيناسيو لولا دا سيلفا من “قوى متطرفة” تُروج للأخبار الكاذبة وتُحكم على الأجيال القادمة بحياة على كوكب مُعدّل إلى الأبد بفعل الاحتباس الحراري، ودعا إلى تعبئة جهود دولية لحماية الغابات الاستوائية.

وانصبّ الاهتمام أيضاً على الموقف الأميركي؛ فقد وصف عدد من القادة، ومن بينهم قادة تشيلي وكولومبيا، مواقف الرئيس دونالد ترامب بأنها كذب مفضوح، مشيرين إلى أن الانسحاب من سياسات المناخ الأساسية بمثابة مساس بمصلحة البشرية جمعاء.

اعتبر رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر أن الإجماع السياسي العالمي حول قضية المناخ يتآكل، قائلاً إن القضية التي كانت توحّد الرؤى باتت اليوم تعاني من تراجع ذلك الإجماع. ورغم تأكيده على التزام المملكة المتحدة، فقد فاجأ بلده المنظمين باختيار الانسحاب من صندوق دعم الغابات المطروح بقيمة 125 مليار دولار، ما أثار استياء المنظمين البرازيليين.

سعى الرئيس لولا للحصول على 25 مليار دولار من المصادر العامة لصندوق “الغابات الاستوائية إلى الأبد” لتمويل جهود الحكومات والمجتمعات المحلية في حماية أماكن مثل الأمازون وحوض الكونغو، مع التذكير بأن هذه النظم البيئية تغطي نحو 6% فقط من مساحة اليابسة لكنّها تخزن كميات هائلة من غازات الاحترار وتحتضن نصف أنواع الكائنات الحية على الكوكب — وهو ما يجعل حمايتها محورياً في معركتنا ضد التغيّر المناخي.

وعبّرت شخصيات مؤثرة عن دعمها للصندوق؛ فقد وصفه وليام، أمير ويلز، بأنه خطوة رؤيوية نحو الاعتراف بدور الطبيعة في استقرار المناخ، وضمّنه ضمن ترشيحات جائزة “إيرثشوت” التي يرعاها. في المقابل شهدت القاعة إحباطاً عقب قرار لندن المفاجئ، إذ وصف اللورد زاك غولدسميث الانسحاب بأنه خيبة أمل كبيرة وصادماً للشركاء الذين شاركوا في تصميم الصندوق.

يقرأ  أكثر من ٦٥ مقطع فيديوعن تاريخ السوديجب على الجميع مشاهدتها

على الصعيد العملي، بدا أن الوصول إلى تفاهمات جديدة صعب: حضر القمة عدد قليل نسبياً من قادة أكبر الدول — مع غياب لافت لقيادات من الهند وروسيا والولايات المتحدة والصين — وغالبية الدول لم تُقدّم حتى الآن خططاً جديدة فعّالة لخفض انبعاثات الكربون، المسبب الرئيسي لارتفاع درجات الحرارة.

في مداخلاته أمام الأمم المتحدة، وصف الرئيس الأميركي الادعاءات المناخية بأنها “أكبر عملية احتيال” ورفض تشجيع استخدام الطاقات المتجددة، ما أدى إلى استنكار واسع في صفوف الحاضرين الذين رأوا أن مثل هذه التصريحات تُعوّق الجهود الجماعية المطلوبة.

طالبت وزيرة البيئة التشيلية مايسا روجاس بوقف تحريف الحقائق، مؤكدة أنّ الدليل العلمي واضح لا لبس فيه، وأن التلاعب بالبيانات أو إنكار الأدلة يهدد قدرة المجتمع الدولي على التقدّم باتفاقات ملموسة.

بينما تواصل الوفود مناقشات مكثفة خلال الأسبوعين المقبلين حول تمويل حماية الغابات والتزامات التعويض للدول الأكثر تضرراً، تظل العقبات كبيرة: التباين السياسي بين الدول، وتردّد بعض المانحين الرئيسيين، ونقص الخطط الوطنية الطموحة لخفض الانبعاثات تعقد مسار المفاوضات.

جغرافياً، شهد ميناء أوتيرو في بيلم توسّعاً استعداداً لاستقبال سفن سياحية تعمل كـ”فنادق عائمة” للمندوبين؛ مشهد يعكس الرغبة في تسهيل انعقاد القمة رغم التحديات المحلية واللوجستية.

تتزامن المحادثات مع موجة من الظواهر الجوية المتطرفة عالمياً: إعصار ميليسا الذي ضَرَب الكاريبي تسبب بمقتل عشرات الأشخاص ودمار واسع، وقد ربط باحثون في كلية إمبريال زيادة هطول الأمطار الشديدة المصاحبة للإعصار بظاهرة تغيّر المناخ بنسبة تصل إلى نحو 16%.

مع انقضاء الأيام القليلة المقبلة، يظل السؤال الجوهرى: هل ستنجح الدول في ترجمة الخطابات العاطفية والدعوات الأخلاقية إلى التزامات مالية وسياسية ملموسة تحمي الغابات والمجتمعات المعرضة للخطر؟ الزمن صار ضيقاً، والرهان الآن على قدرة القادة على تجاوز الخلافات والاتفاق على خطوات قابلة للتنفيذ.

يقرأ  الدانمارك تستدعي كبير الدبلوماسيين الأمريكيين على خلفية مزاعم بعملية نفوذ

أضف تعليق