أعلنت السلطات السنغافورية تشديد العقوبات على استهلاك أجهزة التبخير الإلكترونية بعدما تزايد تداول أجهزة ممزوجة بمخدرات، لا سيما عقار الإيتوميديت المخدّر، في شوارع المدينة-الدولة. وتشمل الإجراءات غرامات أشد، مدد سجن أطول، وحتى الجلد بالعصا (الصولجان)، مع احتمال ترحيل الأجانب العاملين الذين تُسحب منهم تصاريح الإقامة والعمل.
رُفع تصنيف الإيتوميديت مؤقتاً إلى مادة خاضعة للرقابة من الفئة C لمدة ستة أشهر، على أن تدخل القواعد الجديدة حيّز التنفيذ في الأول من سبتمبر. وأوضحت السلطات أن من يُضبط وهو يستخدم أجهزة التبخير، حتى إن كانت عادية، سيواجه غرامة تبدأ من 500 دولار سنغافوري وإحالة إلزامية لبرامج إعادة التأهيل، فيما ستزداد العقوبات بشكل ملحوظ على من يُضبط بحوزته أجهزة ملوّثة بالإيتوميديت.
أجريت في يوليو فحوص على عيّنة عشوائية مكوّنة من 100 جهاز مُصادر، فتبين أن ثلثها يحتوي على الإيتوميديت. وقد تسبّبت مقاطع فيديو انتشرت على منصات التواصل تُظهر مراهقين وشباباً يتصرّفون بصورة متشنّجة أثناء استعمالهم لهذه الأجهزة في استياء واسع بمجتمع يعرف بقسوته في التعامل مع جرائم المخدرات.
أطلق السكان على الأجهزة الملوّثة اسم “Kpods” اختصاراً لـ ketamine pods، في إشارة لتشابه تأثيرات الإيتوميديت مع الكيتامين. وحذّر وزير الصحة أونغ يي كونغ من أن أجهزة التبخير تحوّلت إلى “بوابات” تؤدي إلى تعاطي مواد خطيرة، إذ أصبحت وسيلة لتوصيل المخدرات بدل استخدامها لأغراض تدخين إلكتروني بسيطة.
المورّون والمتاجر التي تزوّد السوق بأجهزة مخدّرة ستواجه عقوبات صارمة قد تصل إلى 20 سنة سجناً و15 جلدة. كما شُدّدت عمليات التفتيش في نقاط الدخول إلى الجزيرة؛ فمعظم الأجهزة كانت تصل عبر دول مجاورة مثل ماليزيا وإندونيسيا، فتكثّفت المراقبة على المعابر البرية، في المطار، ونقاط الدخول الأخرى.
تنطبق القواعد أيضاً على السياح؛ وتعتزم السلطات وضع لوحات إرشادية في مطار تشانغي تُنبّه القادمين إلى حظر التبخير، إلى جانب مرافق للتخلّص من الأجهزة تتيح للزائرين التخلص منها دون التعرض لعقوبات. وتُعدّ هذه الإجراءات مؤقتة حتى يتم إقرار تشريعات جديدة تعالج الإيتوميديت وأي مادة أخرى قد تُدخَل عبر أجهزة التبخير.
تأتي هذه الحملة التشديدية موازيةً لحملة توعوية وإنفاذ كبيرة، إذ غطت رسائل التوعية الحافلات والقطارات والمساحات العامة في الأسابيع الماضية، وانتشرت تقارير إعلامية محلية حول الظاهرة. كما وُزِّعت صناديق للتخلّص من الأجهزة في مراكز المجتمع والجامعات، وأُطلق برنامج تربوي لمكافحة التبخير في المدارس.
أُنشئت دوريات متنقلة في القطارات ومحطات الحافلات والحدائق لإجراء تفتيشات مفاجئة على الجمهور وتفتيش حقائبهم، في محاولة لكبح انتشار الأجهزة الملوّثة. وتأتي سنغافورة في سياق دول أخرى اتّجهت لتشديد قواعد التبخير للحد من الانتشار بين الأطفال والشباب؛ ففي الأشهر الماضية حظرت دول مثل بلجيكا والمملكة المتحدة بيع أجهزة التبخير ذات الاستخدام الواحد، بينما فرضت أستراليا قيوداً شملت النماذج غير الموصوفة طبياً ثم الأجهزة القابلة للتصرف.
تهدف السلطات من هذه الإجراءات المزدوجة — تشديد العقاب والتثقيف العام — إلى استعادة السيطرة على سوق الأجهزة الإلكترونية ومنع تحوّلها إلى وسيلة لنشر تعاطي مواد خطيرة داخل المجتمع. سيطبق القرار رسمياً ابتداءً من الأول من سبتمبر، وتبقى متابعة فعاليته مرهونة بمدى التزام الجمهور وتعاون الجهات الإقليمية في مراقبة الحدود.