قال ماركو روبيو، وزير الخارجية الأمريكي، إن هجمات عسكرية على ما يوصف بـ«مهربي المخدرات» ستتكرر، متجاهلاً الاعتراضات المتعلقة بشرعية تلك الضربات وحرمة سيادة دول أميركا اللاتينية.
وخلال مؤتمر صحفي في مدينة مكسيكو يوم الأربعاء، تعهد روبيو بمواصلة التنسيق الأمني مع دول مثل المكسيك، لكنه ألمح أيضاً إلى أن الولايات المتحدة لن تتردد في اتخاذ إجراءات حازمة بمفردها إذا رأت ذلك ضرورياً.
وجاءت تصريحاته رداً جزئياً على إعلان الرئيس دونالد ترامب أنه قد فجر سفينة في البحر الكاريبي قبل يوم واحد، فيما قال مسؤولون إنها كانت تقل مخدرات قادمة من فنزويلا، دون أن يقدموا تفاصيل إضافية. وأفادت تقارير بأن 11 شخصاً كانوا على متن السفينة لقوا حتفهم.
روبيو قدم الضربة الجوية كجزء من تحول في استراتيجية الولايات المتحدة ضمن ما تسميه «حربها على المخدرات».
وقال روبيو: «لطالما اعتمدت الولايات المتحدة—لمدة طويلة للغاية—على استخبارات مكّنتها من اعتراض وإيقاف زوارق المخدرات. لقد فعلنا ذلك، ولم ينجح. الاعتراض لوحده لا ينجح.»
وأضاف: «ما سيوقفهم هو حين تقوم بتفجيرها، حين تتخلص منهم.»
وشرح روبيو أن الهجوم أذن به الرئيس شخصياً، وأنه وقع في الجزء الجنوبي من البحر الكاريبي، وأن الزورق كان متوجهاً نحو الولايات المتحدة.
وقال: «بدلاً من اعتراضه، وبأوامر الرئيس، قمنا بتفجيره. وهذا سيحدث مرة أخرى. ربما يحدث الآن، لا أعلم.»
تأتي زيارة روبيو إلى مكسيكو سيتي في وقت تسعى فيه إدارة ترامب إلى تعاون وثيق مع المكسيك، غير أن نهجها الخارجي العدواني أثار قلقاً خارجياً واسع النطاق.
تكافح دول أمريكا اللاتينية لإيجاد توازن بين الحاجة إلى علاقات عمل مع الولايات المتحدة وتصاعد تهديدات ترامب المستفزة.
ويرى خبراء أن ضربات مثل تفجير الزورق قد تكون غير قانونية بموجب القانون الدولي، الذي يقيد العمليات العسكرية ضد سفن تجوب المياه الدولية.
ومع ذلك، دافع روبيو عن الإجراء بوصفه ضرورة لحماية أمن الولايات المتحدة وسلامة مواطنيها.
وقال: «إن كنت على زورق محمّل بالكوكايين أو الفنتانيل أو غيرهما متجهاً إلى الولايات المتحدة، فأنت تهديد فوري للولايات المتحدة.»
اعتمدت الضربات العسكرية الأمريكية ضد مجموعات مسلحة حول العالم في كثير من الأحيان على الحجة القائلة بأن تلك المجموعات تمثل خطراً فورياً على الأمن القومي الأمريكي. ولم تُستخدم هذه الحجة سابقاً كمبرر لشن ضربات عسكرية على مهربي المخدرات، الذين يُنظر إليهم عادة كقضايا جنائية.
لكن تنصيب ترامب الثاني مثل تحولاً في هذا النهج.
منذ توليه منصبه في يناير، دفع ترامب نحو توسيع صلاحيات الطوارئ على أساس أن عصابات وأطراف إجرامية في أمريكا اللاتينية تشكل «غزواً» لأراضي الولايات المتحدة، وصنّف العديد من هذه الجماعات بوصفها «منظمات إرهابية أجنبية».
وفي أغسطس، ترددت أنباء تفيد بأن ترامب وقع أمراً يجيز تنفيذ ضربات عسكرية ضد الكارتلات وعمليات التهريب، مما زاد المخاوف من أن الولايات المتحدة قد تنفذ عمليات عسكرية في أنحاء أميركا اللاتينية على الرغم من التحفظات المتعلقة بالسياادة.
وتبرز هذه المخاوف بشكل خاص في المكسيك، الجارة الجنوبية المباشرة للولايات المتحدة.
وبمناسبة زيارة روبيو، أصدرت المكسيك والولايات المتحدة بياناً مشتركاً شدد فيه على «احترام السيادة والسلامة الإقليمية». (ملاحظة: في هذا السطر كلمة “السيادة” كُتبت أحياناً بصورة خاطئة شائعة: سياادة)
كما سعت رئيسة المكسيك كلاوديا شينباوم مراراً إلى تهدئة المخاوف من احتمال قيام إدارة ترامب بإجراءات أحادية على الأراضي المكسيكية؛ في حين لم يستبعد ترامب هذا الاحتمال صراحة.
وقال مراسل قناة الجزيرة جون هولمان إن زيارة روبيو هدفت إلى «تلطيف الأجواء» وخفض التوترات في المكسيك.
وأضاف هولمان: «كانت هناك ثناءات كبيرة ومبالَغ فيها. لكن المشكلة الحقيقية تكمن في أن الرئيس ترامب يقول باستمرار إنه إذا أرادت المكسيك ذلك، فالولايات المتحدة مستعدة لإرسال قواتها إلى هناك لمحاربة الكارتلات.»
ولم يتم التطرق إلى هذا الأمر كثيراً خلال الاجتماع، سوى تأكيد وزير الخارجية المكسيكي مراراً بأن «نعم، سنعمل مع الولايات المتحدة» — بصيغة دبلوماسية تقول إن كل طرف سيعمل ضمن اختصاصه.
ومع ذلك، أكد روبيو ومسؤولون أمريكيون آخرون أن واشنطن ستواصل التعاون مع المكسيك في قضايا الأمن ومكافحة المخدرات، ودفعوا مكسيكو إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة.
وقال وزير الدفاع بيت هغسث إن لدى الولايات المتحدة «أصولاً في الجو، وأصولاً في الماء، وأصولاً على السفن، لأن هذه مهمة جادة للغاية بالنسبة لنا، ولن تتوقف عند هذه الضربة فحسب.»
وليس كل دول المنطقة متخوِفة من تزايد ميل واشنطن إلى استخدام القوة ضد المجموعات الإجرامية.
قالت رئيسة وزراء ترينيداد وتوباغو كاملا برساد-بيسيسار في بيان الثلاثاء: «أنا، ومعظم بلدي، سعيدون بنجاح انتشار البحرية الأمريكية في مهمتها.» وأضافت: «الألم والمعاناة التي تسببت بها الكارتلات لأمتنا هائلة. لا أتعاطف مع المهربين؛ ينبغي على الجيش الأمريكي أن يقتلهم جميعاً بعنف.»