شهادات طبية وفواتير مصرية قديمة تُعرض للجمهور

صناع مصر القديمة: من الشظايا إلى الحياة

قبل نحو ثلاثة آلاف وخمسمئة عام، سجّل لصانع اسمه بانبو غيابه عن العمل — لأنه تعرّض للعضّ. هذه الملاحظة البسيطة ظلت محفوظة على قطعة فخارية وتروي لمحة يومية من حياة عمّال مصر القديمة.

تُعرض الآن عشرات من هذه الشظايا المكتوبة، المعروفة بالأوستراكا، في متحف فيتزويليام في كامبردج، لتسَلِّط الضوء على الأشخاص الذين بنوا حضارة استمرت آلاف السنين. تكثف المعروضات اهتمامها بمن هم وراء الصناعة: اليد العاملة والورش والإدارة اليومية.

تقول القيمَة هيلين سترودويك: «هذه الوثائق جزء من مخزون هائل من المعلومات عن هؤلاء الحرفيين؛ إنهم يتحوّلون إلى أفراد أحياء، يملكون هموماً تشبه همومنا اليوم». وملاّحظات الغياب التي تدون على الأوستراكا تُظهر وجهاً إنسانياً بسيطاً: بانبو غاب لأنه تعرّض لعضّ، بينما سُجل أيضاً تغيّب المشرف رامري لمرض، وفي يومين متعاقبين حضر العمال جنازة امرأة فلم يُنجز عمل.

من بين القطع منشور عاجل لطلب نوافذ، مصحوب برسمة رجل رافعاً ذراعيه لإظهار المقاس المطلوب. ويُذكر في نص يعود تاريخه إلى نحو 1295–1186 قبل الميلاد عبارة تحث على السرعة: «اصنعوا أربعة من هذا النوع تماماً، تماماً! استعجلوا، استعجلوا حتى الغد». تقول سترودويك: «يمكننا جميعاً تمييز نبرة صوت الرجل الذي احتاج نوافذه في اليوم التالي».

الأوستراكا — شظايا من الحجر أو الفخار — كانت تستعمل كمفكرات أو سجلات إدارية يومية، فتسجل ملاحظات الغياب والطلبات والإيصالات. ومن بين المعروضات إيصال تزيين تابوت يعود إلى نحو 3200 سنة، يكشف أن تكلفة التابوت الكامل كانت تقارب متوسط أجر ثلاثة أشهر.

إحدى الأوستراكا التي أُعيرت من متحف اللوفر في باريس تسجّل غياب بانبو، لكنها لا تحدّد من عضّه أو ما الذي أصابه. وكان بانبو حينها يعمل في مقابر الملوك بوادي الملوك بالقرب من ثيبس القديمة.

يقرأ  «كريستيز» تعرض أعمالًا من متحف كاوامورا التذكاري للفنون (DIC) في مزاد علني

تكشف القطع غير المكتملة عن طرق العمل نفسها: تعديلات على التصاميم، أخطاء مُصحّحة أو مُستُخفت، ما يمنحنا فهماً عملياً لبيئة الورش. كما أعلن القيمون عن اكتشاف «نادر ومثير» لآثار يد يرجع تاريخه إلى نحو أربعة آلاف عام على ظهر إحدى القطع، ما أضاف لمسة شخصية مباشرة.

يعرض متحف فيتزويليام مجموعات معارة من متاحف بريطانية وأوروبية، ويصف هذا المعرض بأنه الأول الذي يحيي وجوه صانعي مصر القديمة أثناء عملهم. يستمر معرض «صُنِع في مصر القديمة» حتى 12 أبريل الان.

أضف تعليق