صحافيو غزة يخشون الاستهداف من قِبَلِ إسرائيل

طالما عرف الصحفيون الفلسطينيون أن غزة، المعروفه بأنها أخطر مكان على وجه الأرض للعاملين في الإعلام، لكن الهجوم الأخير على خيمة تضم صحفيين في مدينة غزة ترك الكثيرين في حالة صدمة وخوف.

قُتل أربعة من طاقم قناة الجزيرة من بين سبعة أشخاص في ضربة بطائرة مسيّرة إسرائيلية قرب مستشفى الشفاء في 10 أغسطس. واعترف الجيش الإسرائيلي باستهداف الخيمة عن عمد بعد اتهامات لا سند لها بأن أحد القتلى، الصحفي أنس الشريف، كان عضواً في حركة حماس.

قُتل على الأقل 238 من العاملين في وسائل الإعلام منذ أكتوبر 2023، وفق مكتب الإعلام الحكومي في غزة. هذا الرقم يفوق مجموع الخسائر المسجلة في الحربين العالميتين الأولى والثانية والحرب في فيتنام والحرب في أفغانستان وحروب يوغسلافيا مجتمعة.

قال مراسل الجزيرة هاني محمود: «السترات والخوذ الصحفية التي كنا نعتبرها درعاً أصبحت الآن تبدو كأنها هدف».

وأضاف محمود: «الخوف مستمر — ومبرر. كل مهمة ترافقها نفس الأسئلة غير المعلنة: هل سأعود حياً؟»

أدانت عدة منظمات، من بينها لجنة حماية الصحفيين ومقرها الولايات المتحده، نمط إسرائيل الطويل في اتهام الصحفيين بأنهم “إرهابيون” دون تقديم أدلة موثوقة.

وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط في اللجنة سارة قدرة: «ليس من قبيل الصدفة أن التشويهات ضد الشريف — الذي كان يغطّي ليل نهار منذ اندلاع الحرب — تظهر كلما غطّى تطوراً مهماً، وآخرها التقارير عن الجوع الناجم عن رفض إسرائيل إدخال مساعدات كافية إلى القطاع».

في ظل الاستهداف المنهجي للصحفيين من قبل إسرائيل، يُجبر العاملون في الإعلام بغزة على اتخاذ قرارات قاسية.

قالت الصحفية الفلسطينية سالي ثابت لقناة الجزيرة: «كأم وصحفية أمر بصراع ذهني شبه يومي: هل أذهب إلى عملي أم أبقى مع بناتي وأخشى القصف العشوائي من جيش الاحتلال الإسرائيلي؟»

يقرأ  قصف إسرائيلي يودي بحياة رضيعة في غزة بينما تتزايد وفيات الفلسطينيين بسبب الجوع

على بعد خطوات من أطلال كلية دراسات الإعلام في جامعة القدس المفتوحة في مدينة غزة، حيث كان يدرّس سابقاً، يتعافى حسين سعد من إصابة أصيب بها أثناء ركضه بحثاً عن مأمن.

«الاستهداف المتعمّد للصحفيين الفلسطينيين يسهم بقوة في اختفاء القصة الفلسطينية وسردها في وسائل الإعلام»، قال سعد، مضيفاً أن القطاع «يشهد اختفاء الحقيقة».

بينما يغطّي الصحفيون عمليات قتل جماعية والمعاناة الإنسانية والجوع، يواجهون أيضاً خسائرهم الشخصية وحرمانهم. قال المصور والمراسل عامر السلطان إن الجوع تحدٍ جسيم.

«كنت أذهب إلى عملي، وعندما لم أجد شيئاً آكله كنت أشرب الماء فقط، فعلت ذلك يومين. اضطررت أن أعيش يومين أو ثلاثة على الماء. هذا من أصعب التحديات التي نواجهها في هذه الحرب ضد شعبنا: الجوع»، قال عامر.

قال الصحفي والمخرج حسن أبو دن إن الصحفيين «يعيشون ظروفاً أكثر قسوة مما يمكن للعقل أن يتصور». وأضاف: «تعيش في خيمة. تشرب ماءً غير صالح للشرب. تأكل طعاماً غير صحي… كلنا، كصحفيين، في حالة ارتباك. جزء من حياتنا تدمّر وابتعد بعيداً».

ورغم الصدمة النفسية والمخاطر الشخصية، يواصل الصحفيون الفلسطينيون عملهم، مدفوعين بالإيمان بأن توثيق الحقيقة ليس مجرد مهنة بل واجب تجاه شعبهم والتاريخ، بحسب هاني محمود.

أضف تعليق