نادية يوسف، مراسلة كندا
رئيس وزراء بريتيش كولومبيا، ديفيد إبي، رفض آمال ألبرتا في مد خط أنابيب عبر مقاطعة بريتيش كولومبيا وصولاً إلى المحيط الهادئ. من جانبها وصفت رئيسة وزراء ألبرتا، دانييل سميث، موقفه بأنه «غير كندي».
بينما تسعى كندا للتخفف من اعتمادها الاقتصادي على الولايات المتحدة، تتطلع مقاطعة ألبرتا الغنية بالنفط إلى فتح أسواق آسيوية عبر أنبوب يمتد نحو الساحل الهادئ. لكن هذه الرؤية لا تلقى تأييد الجميع.
طالبت ألبرتا رئيس الوزراء مارك كاري بـ«مساعدتنا في بناء أنبوب نفط—وبسرعة». والواقع أن إقامة أنبوب جديد في كندا صار مهمة بالغ التعقيد بعد تشديد القوانين البيئية؛ فثلاثة مشاريع أنابيب كبرى انهارت خلال العقد الماضي بسبب معارضة عنيفة.
رغم ذلك لم تتخلّ سميث عن خطتها. حكومتها المحافظة أعدت مقترحًا خاصًا لمد أنبوب من رمال نفط ألبرتا إلى ساحل بريتيش كولومبيا الشمالي المطل على المحيط الهادئ، بهدف الوصول إلى الأسواق الآسيوية. وهو مشروع ما يزال في مراحله الأولى، وتأمل سميث بأن تتكفل شركة خاصة في مرحلة لاحقة بإنجازه.
مقاطعة بريتيش كولومبيا من جانبها معارضة بشدّة. وصف إبي الخطة بأنها «خيالية» و«سياسية»، وقال إنه لا توجد شركة ترغب بتحمّل هذا العبء، واتهم سميث بأنها تعرض طموحات المقاطعة في توسيع صادرات غاز النفظ المسال (LNG) إلى آسيا للخطر. وردّت سميث باتهامه بأنه «غير كندي».
هذا الخلاف بين المقاطعتين الغربيتين يأتي في وقت حاسم؛ فكان على كندا أن تقلل من تبعيتها الاقتصادية لأميركا في ظل تعريفات الرئيس ترامب، وأشار رئيس الوزراء إلى رغبته في مضاعفة الصادرات غير الأميركية خلال العقد المقبل، مع السعي لتثبيت مكانة كندا كـ«قوة طاقية عالمية». اليوم تُباع غالبية صادرات الطاقة الكندية، بما فيها النفط الخام، لأميركا.
كشف رئيس الوزراء عن «مشروعات لبناء الأمة» يعتبرها أساسية للنمو، لكن القائمة لم تتضمن أنبوبًا نفطيًا جديدًا، بل شملت مناجم معادن حيوية ومشروع غاز طبيعي مسال في بريتيش كولومبيا. ومع امتلاك كندا أحد أكبر احتياطات النفط في العالم، يتساءل سكان ألبرتا عمّا إذا كان بالإمكان تحقيق هذه الطموحات من دون حل الانقسامات الداخلية أولاً.
ـ «هذه المشكلة الدائمة»، تقول هيدر إكسنر-بيروت، المديرة المعنية بالموارد الطبيعية والطاقة والبيئة في معهد ماكدونالد-لورير، ومقرها كالغاري. «للأسف تبدو قضية شائكة في السياسة الكندية، ولا أحد في ألبرتا يرغب أن يكون نفطه محور الانقسام هذا».
المسألة ليست جديدة: بريتيش كولومبيا كانت منطلق الحركة البيئية في كندا وموطن لمنظمات من قبيل غرينبيس. أما اقتصاد ألبرتا فمرتكز إلى حد بعيد على النفط والغاز، وتعتبر هذه القطاعات حيوية للنمو الاقتصادي للمقاطعة وللوكالة الوطنية.
يقول أندرو ليتش، خبير اقتصادي في جامعة ألبرتا: «هناك أسباب حقيقية للنزاع. نصيب الأسد من المكاسب يذهب إلى ألبرتا، بينما تتحمّل بريتيش كولومبيا الأخطار طويلة الأمد».
تجارب سابقة توضح حجم العقبات: معارضة المقاطعة كانت السبب في إلغاء مشروع أنابيب Northern Gateway الذي اقترحته شركة إنبريدج، بعد أن قضت محاكم بأن المجتمعات الأصلية لم تُستشر بشكل كافٍ. وأنفقت إنبريدج أكثر من 370 مليون دولار كندي على مشروع باء بالفشل.
من جانبها تقول إنبريدج إن الحكومة الفدرالية بحاجة لتحسين سياساتها التنظيمية «قبل النظر في أي مشاريع طاقة كبرى جديدة». وتؤكد ألبرتا أن سياسات مثل حظر ناقلات النفط قبالة ساحل بريتيش كولومبيا، والذي تطالب المقاطعة والمحليون الأصليون بالحفاظ عليه، يعرقل تنمية الطاقة.
أنبوب Trans Mountain (TMX) الوحيد الذي يربط ألبرتا ببريتيش كولومبيا واجه معارضة قوية أيضًا، وأكملته الحكومة الفدرالية بعد شرائها المشروع بمبلغ 4.5 مليار دولار كندي في 2018 لضمان استمراره، وتجاوزت التكلفة الإجمالية 35 مليارًا. ويُقدَّر أن المشروع أنتج منذ ذلك الحين أكثر من 12.6 مليار دولار كندي من عائدات النفط لكندا، وساهم في زيادة صادرات النفط الخام غير الأميركية ستة أضعاف خلال العام الأخير.
استطلاع من معهد أنغوس ريد أظهر أن غالبية الكنديين (59٪) يؤيدون فكرة أنبوب ثانٍ بين ألبرتا وبريتيش كولومبيا، بمن فيهم 56٪ من سكان بريتيش كولومبيا. ومع ذلك تبقى سيادة الشعوب الأصلية والاعتبارات البيئية عوامل حاسمة — فقد تعهدت كندا بخفض انبعاثاتها للنصف بحلول 2035، وشهدت تأثيرات التغير المناخي بما في ذلك أسوأ مواسم حرائق غابات في تاريخها الحديث.
يعتقد كيث بروكس، مدير برامج في منظمة الدفاع البيئي بكندا، أن أي محاولة نحو أنبوب جديد ستواجه رد فعل عنيفًا قانونيًا وشعبيًا. «سنندد بذلك بقوة»، قال متوقعًا دعاوى قضائية من مجتمعات الشعوب الأصلية على امتداد الممر، بالإضافة إلى احتجاجات. وأضاف أن بناء أنبوب يستغرق سنوات، وبالتالي لن يعالج الأزمات المالية الفورية للبلاد: «لن يفيدنا اليوم».
المعارضة بدأت تتبلور بالفعل. قال الزعيم التقليدي لناخوكس (Na’Moks) من أمة ويتسوتين في شمال غرب بريتيش كولومبيا، والذي شارك مع قادة أصليين في احتجاج على إعلان رئيس الوزراء: «لن تكون مجتمعاتنا مجرد ضحية للربح الخاص. هذا عنف استعماري يُقنَّع بعبارة “تنمية اقتصادية”، والعالم يراقب».