أدلت ممرِّضة في متحف اللوفر، التي كانت تؤدي نوبتها حين تسلل اللصوص واختطفوا ثمانية من جواهر التاج الفرنسي، بشهادتها الأولى قائلة إنه “لم يكن بالإمكان الاستعداد لما وقع” حين بدأ الزوار يتوافدون صباح الأحد.
“فجأة سمعنا ضجيجًا مدوٍّ”، روَت ذلك في مقابلة مع إذاعة France Inter، مضيفة أن الصوت لم يكن صوت زائر غاضب كما ظنّتا في البداية، بل كان “صوتًا خفيفًا معدنيًا كالصدى”. الممرِّضة واثنان من زملائها ظنّا للحظة أن مصدر الضجيج زائر غاضب، لكن الواقع كان أنه لحظة استخدم فيها المجرمون قاطع زاوية لاختراق نافذة معزّزة لمعرض أبولو حيث تُحفظ مجموعة المجوهرات التاريخية بالمتحف.
خلال ثماني دقائق فقط استولى العصابة على قطع ثمينة، منها عقد ماري لويز زوجة نابليون وتيَّاج امبراطور ة يوجيني زوجة نابليون الثالث، وقد قُدِّرت القيمة الإجمالية بما يقارب 88 مليون يورو (77 مليون جنيه إسترليني).
دخل المهاجمون إلى الشرفة بالطابق الأول مستعملين سلّمًا ميكانيكيًا مُركَّبًا على شاحنة، ثم اقتحموا العرض من تلك الفتحة. اندفع سائحان نحوهم في حالة ذعر، حسبما روت الممرِّضة: “رأيت أحد المجرمين يستدير حاملاً شيئًا بدا لي كمِنشار، فصرخت على زملائي أن يهربوا”. كررت الصرخة معلنةً أن الأمر سرقة وأن عليهم الفرار. أحد الزملاء بادر بإطلاق الإنذار عبر جهاز اتصال لاسلكي، وبعدها “أنهينا إخلاء الزوار من دون أن ندرك تمامًا ما يجري”. أغلقوا الأبواب لحماية المعارض المجاورة أثناء خروجهم.
بعد تفكير، اعتبرت الممرِّضة أن وصف ما حدث كان شبه مستحيل: “كان من غير المعقول أن تُكسر صناديق العرض… لم يخطر ببالنا أن هناك مثل هذا الخطر… لا أحد يمكنه أن يكون مستعدًا لذلك”. كما اشتكت من تدهور ما وصفتها “ثقافة الأمن” داخل المتحف.
موظف أمني آخر تواصل مع الإعلام ليصف ما رافق هروب العصابة. حارس أمني مجهول قال إنه شعر برائحة بنزين شديدة حين وصل إلى الساحة حيث كانت الشاحنة متوقفة: “ركضت عبر الهرم الزجاجي وعبر الفناء… وصلت في اللحظة نفسها التي انطلق فيها المجرمون على دراجة نارية صغيرة”، روى ذلك لقناة BFMTV. أضاف أن الخُطَّة شملت تمزيق خزان الوقود في الشاحنة ووجود شعلة لحام بجانبها: “من الواضح أنهم نواياهم إشعال النار في المركبة. أعتقد بصراحة أننا أفسدنا مخططهم لأنهم لم يكونوا ليتركوا وراءهم كل هذا الدليل لولا استعجالهم”.
حتى إنهم فقدوا إحدى القطع التي كانوا ينوون سرقتها، إذ سقط تيّاج يوجيني على الأرض فور سرقته، وعثَر عليه الحراس الأوائل هما أول من وجده، ولو أنهم لم يحتفلوا بالعثور لأنه بدا واضحًا أنّ القطعة تضررت.
أوضحت لورانس دي كار، مديرة المتحف، أن التيّاج بدا مُتضرِّرًا نتيجة سحبه من خلال شق ضيّق فتحه المجرمون في إحدى صناديق العرض بواسطة قاطع الزاوية. وأفادت أمام أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي أن المؤشرات الأولية توحي بإمكانية إجراء “ترميم دقيق” للتيّاج البالغ من القرن التاسع عشر والمزيّن بالألماس والزمرد.
رغم تأكيد المسؤولين الفرنسيين أن إجراءات الأمن في المتحف عملت كما ينبغي في ذلك اليوم، تحدثت المديرة عن سنوات من تقليص الميزانيات وغياب أنظمة مراقبة كافية: كان هناك كاميرا خارجية واحدة فقط في المكان الذي وقع فيه الاقتحام، وموجهة في الاتجاه الخاطئ. وتكرّرت اتهامات طاقم العمل بأنهم يشعرون منذ وقت بأن “ثقافة الأمن في المتحف في تراجع”. كما لاحظت الممرِّضة أن صناديق العرض — المعروضت — لم تكن تُعدّ هشا بهذه الطريقة بحسب توقعاتهم.