طبيب بريطاني يحذّر: مضربو حركة «فلسطين أكشن» عن الطعام يواجهون خطر الموت داخل السجون

لندن، المملكة المتحدة — حذّر مئات العاملين في الرعاية الصحية من أن ستةٍ من المحتجزين الاحتياطيين المرتبطين بمجموعة الاحتجاج المحظورة «فلسطين أكشن»، الذين يخوضون إضراباً عن الطعام، لا يتلقّون رعاية طبية كافية ويتعرّضون لخطر وشيك على حياتهم.

في رسالةٍ موقّعةٍ من أكثر من 800 طبيب وممرّضة وأخصائي علاج وظيفي ومقدّم رعاية، وجّهت إلى وزير العدل ديفيد لامي يوم الخميس، جاء التحذير بأن «بدون حلّ فوري، ثمة احتمال حقيقي ومتزايد أن يموت مواطنون بريطانيون شباب داخل السجون، دون أن يُدانوا حتى بارتكاب أي جريمة».

المحتجزون، الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و31 عاماً، هم: Qesser Zuhrah وAmu Gib وHeba Muraisi وTeuta Hoxha وKamran Ahmed. Lewie Chiaramello يخوض إضراباً جزئياً يرفض فيه الطعام كل يومين لكونه مريضاً بالسكري.

«ببساطة، المضاربون عن الطعام يموتون»، قال جيمس سميث، طبيب طوارئ ومحاضر جامعي، في مؤتمر صحفي عقد في لندن يوم الخميس، متحدثاً إلى جانب أفراد من عائلات بعض المضربين، وسياسيين، ومحاميهم ونشطاء. «هم الآن في مرحلةٍ حرجة جداً».

يُحتجز أفراد المجموعة في خمسة سجون مختلفة على خلفية اتهامات تتعلق بتعرّضهما لعمليات اقتحام استهدفت فرع شركة الدفاع الإسرائيلية إلبيت سيستمز في بريستول وقاعدة تابعة لسلاح الجو الملكي في أوكسفوردشاير. وهم ينفون التهم الموجّهة إليهم مثل السطو والاضطراب العنيف.

حُظرت منظمة فلسطين أكشن في يوليو/تموز ووصفتها الحكومة بأنها مجموعة إرهابية — تصنيف يندرج تحته أيضاً تنظيمات مثل داعش — وتقول المنظمة إن الحكومة البريطانية شريكة في جرائم حرب إسرائيلية.

مطالب المضربين المؤيدين للقضية الفلسطينية تتضمن الإفراج بكفالة فورية، وحق المحاكمة العادلة، وإلغاء إدراج فلسطين أكشن في قوائم المنع، فضلاً عن إغلاق جميع مواقع إلبيت.

زهره وGib يرفضان الطعام منذ ما يقارب سبعة أسابيع. وشرح سميث، الذي تواصل مع المضربين، أنّ «بعد ثلاثة أسابيع يستنزف الجسم مخازن الدهون ونسيج الأعضاء لتوليد الطاقة الكافية للحفاظ على الوظائف الحيوية فقط».

يقرأ  إسرائيل خرقت هدنة غزة نحو ٥٠٠ مرة خلال ٤٤ يوماً… وأسفرت عن مقتل المئات

وأضاف أن الجوع الممتد يؤدي إلى تحلل عضلات القلب، ومشكلات في ترشيح الكليتين، وضعف العضلات الذي يؤثر على التنفّس، وفشل القلب الذي قد يتسبب في «وفاة مفاجئة».

وفي رسالتهم طالب القائميين الطبيين بتقييمات طبية مرتين يومياً، وفحوص دم يومية، وتغطية طبية على مدار الساعة. وأوضحوا: «إذا لم تُلبَّ أيٌّ من هذه المتطلبات، فإن المضربين عن الطعام يحتاجون إلى رعاية غير متوفرة داخل السجن، ويجب بالتالي إدارتهم في بيئة مستشفوية، خصوصاً في حالة حدوث مضاعفات».

تصاعدت الضغوط على الوزير لامي لأسابيع، إذ رفض لقاء محاميّهم لمعالجة المخاوف المتعلقة بصون صحة النشطاء. وTeuta Hoxha، التي وصلت يومها الأربعين من الإضراب، تعاني من انخفاض ضغط الدم، وصداع، وضيق في الصدر، وضيق في التنفّس. وقالت أختها البالغة 17 عاماً، رحمة، إن Teuta تشعر «بضعف» وغثيان، وأنها تستعد للموت. «يجب على لامي أن يلتقي بالمحامين فورياً لإنقاذ حياة أختي»، طالبت.

«هذه فترة قاتلة جداً»

عند نقلهم إلى المستشفى، يُحرَم المحتجزون أحياناً من الاتصال بأفراد عائلاتهم كما يفعلون من داخل السجن. وذكرت Hoxha أن أختها خرجت مؤخراً من المستشفى ضد نصيحة الأطباء لكي تخبر العائلة عن حالتها، وقالت إيلا موزديل، قريبة Zuhrah، إن الأخيرة فعلت الشيء نفسه.

Zuhrah، 20 عاماً، تشكو من آلام في الصدر وإجهاد واضطراب نبض دائم يبلغ نحو 100 نبضة في الدقيقة «رغم غياب نشاط بدني يُذكر»، وفق محاميها. وأبلغت أقاربها أنها تنهار بانتظام داخل السجن. «هي بطيئة الحركة، منحنية الظهر، تعاني آلاماً جسدية في كل مكان وضعيفة للغاية لدرجة أنها لم تعد تردّ عليّ بالعناق»، قالت موزديل لـــ«الجزيرة» بعد زيارتها يوم الأحد. «يصعب عليها البقاء مستيقظة أو الحديث لفترات طويلة».

توقفت Zuhrah عن التواصل مع عائلتها يوم الأربعاء، فافترضوا أنها نُقلت إلى المستشفى، وقالت موزديل إنهم لم يعودوا يعرفون إن كانت على قيد الحياة أم لا. «هذه الفترة قاتلة جداً»، قالت.

يقرأ  الشرطة البريطانية تبحث عن مشتبهين في سرقة قيّمة بمتحف بريستول

تجمّع محتجّون، بمن فيهم طاقم طبي، أمام سجن HMP Bronzefield في سري حيث تحتجز Zuhrah في قضايا متصلة بالحادثة في بريستول. وانضمت النائبة اليسارية زراه سلطانة إلى التظاهرة يوم الأربعاء مطالبةً بنقل Zuhrah إلى المستشفى. ووثّقت لقطات على وسائل التواصل وصول سيارة إسعاف بعد ساعات، من دون أن يتضح ما إذا كانت Zuhrah قد نُقلت فعلاً إلى المستشفى. ونشرت سلطانة على منصة X مساء الخميس أن Zuhrah «بأمان وتواصل إضرابها عن الطعام».

قال متحدث باسم وزارة العدل لـ«الجزيرة» إن أحد موظفي السجن تعرّض لإصابة خلال اشتباكات بين المحتجين والشرطة، لكن الوزارة لم تستطع تأكيد ملابسات الإصابة أو مدى خطورتها. ووصف المتحدث التظاهرة بأنها «غير مقبولة تماماً» مستشهداً بمخاطر أمنية، وأضاف أن خدمة السجون طمأنت الوزراء «بأن جميع حالات رفض السجناء للطعام تُدار وفق السياسة المعمول بها، ومع التقييم والدعم الطبي المناسبين — بما يتوافق مع حقوق السجناء».

من جهتها قالت شركة Sodexo، المشغلة لسجن برونزفيلد، إن السجناء الرافضين لتناول الطعام يتلقون «تقييمات طبية منتظمة ودعماً من الأطباء، إضافة إلى عروض للدعم النفسي».

أما Ahmed، الذي يرفض الطعام منذ 39 يوماً، فخسَر «نحو نصف كيلوغرام يومياً»، بحسب شقيقته شاهمينا علام، مشيرة إلى أن مستويات الكيتون لديه ترتفع مجدداً. وزنه الآن 61.5 كغ بعدما دخل السجن وهو يزن 74 كغ. «أطالب لامي أن يعقد هذا اللقاء من فضله»، قالت. «قلب أحمد يتباطأ… ماذا ينتظرون حتى يتوقف؟»

تجاوز عدد الموقعين على عريضة حملة Avaaz 20 ألف شخص يطالبون وزير العدل بالتدخّل، كما انضم أكثر من 50 نائباً إلى جيريمي كوربين في دعواتهم للامي للاجتماع بمحامي المضربين. وقال النائب العمالي جون ماكدونيل لـ«الجزيرة»: «هناك قلق حقيقي الآن حول ما يحدث بالضبط». لماذا نمتنع عن التدخّل بصفـتنا حكومة؟ لماذا لا نعمل على حلِّ هذه الأزمة؟ ثمة قلق متزايد من أننا باتنا الآن في موقف شديد الخطورة.

يقرأ  المعهد الملكي للمعماريين البريطانيين يكشف عن هوية بصرية منعشة من تصميم جونسون بانكس قبيل الذكرى المئتين

حتى الآن لم يرد لامي على طلب عقد اجتماع «لأسباب لم يفصح عنها وليست واضحة لدينا»، كما قال دانيال ليمبرغر كوبر، محامي المضربين عن الطعام، موضحاً أن محاولاتهم للتواصل مع الحكومة كانت تهدف إلى تفادي وفاة السجناء لا إلى مناقشة إجراءات جنائية.

قد يقضي بعضهم أكثر من عامين في السجن قبل أن تُعقَد محاكماتهم.

انضمّ المعتقل السابق في غوانتنامو منصو ر الأديفي، الذي احتُجز في المعسكر السيء الصيت لأكثر من أربعة عشر عاماً دون توجيه تهمة، إلى الاضراب عن الطعام تضامناً يوم الأربعاء.

قال الأديفي: «الإضرابات عن الطعام ليست خياراً احتجاجياً — إنها الملاذ الأخير. الحكومة البريطانية تريد أن يختفي هؤلاء الرجال والنساء بهدوء».

وأضاف: «هذا الإضراب لا يتعلق بالطعام، بل بالكرامة والعدالة. إنه احتجاج على أن يُستخدم الاحتجاز الاحتياطي كعقوبة؛ نظام يعتقد أن الصمت سيحميه».

أضف تعليق