طلاب الطب في غزة يساندون المنظومة الصحية المنهارة جراء حرب إسرائيل أخبار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

حرب إبادة امتدت لأكثر من عامين مُدمّرتٌ للنظام الصحي في غزة، إذ استُهدفَت المستشفيات والعاملون الطبيون الذين يعالجون آلاف الجرحى بشكل متكرر في هجمات إسرائيلية.

وفق وزارة الصحة في غزة، قُتل أكثر من 1700 عاملٍ في القطاع الطبي من أطباء وممرضين ومسعفين منذ اندلاع الحرب. واتهَمت الأمم المتحدة إسرائيلَ بأنها تستهدف مرافق الرعاية الصحية وعنصرَي الطاقم الطبي عمداً، في محاولة لتفكيك ما تبقّى من منظومة صحية في القطاع المحاصر.

رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي مضى عليه شهراً، تستمر إسرائيل في حظر وصول الإمدادات والمعدّات الطبية الأساسية. في هذه الفجوة العميقة، خرج طلاب الطب إلى الصفوف الأمامية للإنقاذ، يؤدّون مهامًا حاسمة قبل إتمامهم شهاداتهم، ويملأون الفراغ الذي خلّفه مقتل عدد كبير من الأطباء أو انهيار طاقاتهم بعد مناوبات لا تنتهي وظروف عمل خطيرة ونقص في الموارد.

«الحرب في غزة أعادت كتابة قواعد التعلم والشفاء والنماء»، كما قال طارق ابو عزوم مراسل الجزيرة من دير البلح، مشيراً إلى قصّة الطالبة إيمان إياد التي تحوّلت إلى طبيبة فعلية في قلب ساحة قتال. كانت إياد تتابع دراستها في الجامعة الإسلامية حتى دمّرها القصف في 10 أكتوبر 2023، ومع ذلك «لم تتوقف دراستها رغم انعدام الجدران والكتب»، بحسب تقرير المراسل.

تقول إياد إن خبرتها العملية ازدادت بشكل كبير: «أكتسب خبرة أكثر، أتعامل مع عشرة مرضى في اليوم أو أكثر. أشارك في العمليات كجراحة ثانية، وهذا أمر مثير بالنسبة لي. الحرب تجعلني أقوى وأكثر احترافاً». تعمل إياد حالياً في مستشفي الشفاء، أكبر مستشفى في غزة، الذي حاصَرته القوات الإسرائيلية منتصف نوفمبر 2023 بزعم —دون أدلة قاطعة— وجود مركز قيادة وتنسيق تابع لحماس، تلا ذلك اقتحام واسع آخر في مارس 2024. ونفت حماس وإدارات المستشفى تلك الادعاءات، ورأت منظمات حقوق الإنسان، بينها منظمة العفو الدولية، أن الأدلة التي قدّمتها إسرائيل كانت غير حاسمة.

يقرأ  لقطات درامية لفيضان مفاجئ في الهند — تم ربطها زورًا بأمطار غزيرة في باكستان

مع فقدان أطباءٍ كبارٍ أو نزوحهم أو استنفاد طاقتهم، صعدت أجيال شابة من الطلاب للدفاع عن المرضى أمام موجة الموت المتواصلة، كما أشار المراسل. يقول هاني الفليت، أخصائي أطفال يدرّب طلاب الطب في الشفاء: «لدينا جيل جديد من الأطباء يعمل الآن كزملاء، يساعدوننا ويعالجون المرضى في ظل مستشفيات مكتظة وطاقم منهك».

ويبقى العاملون الطبيون متمسّكين بواجبهم رغم المآسي الشخصية. تروي الممرضة إسلام أبو عصار، العاملة في مستشفى الشفاء، أنها بقيت في موقع عملها حتى طُلِب منها الإجلاء، لكنها لم تُغادر عندما فرّت أسرتها إلى جنوب غزة. وأضافت أنها تلقّت نبأ استشهاد شقيقها عبر اتصال من والدتها، وقالت: «لم أتوقع يوماً أن أستقبل أخي شهيداً. كان أصعب لحظة في حياتي… عندما أحضَروا أخي».

ورغم تلك الصدمة، واصلت أبو عصار تقديم الرعاية، حتى أنها نامت داخل المستشفى متشبّثةً بواجبها: «ثبتُّ وبقيت أعمل حتى النفس الأخير»، تقول، مبرزةً أن استمرارهم داخل المستشفيات كان نتيجةً حتميةً لندرة الكوادر الطبية.

أضف تعليق