ضابط أمريكي سابق يتهم الإدراة بايدن بتلطيف نتائج تقرير عن مقتل شيرين أبو عاقلة
اتهم عقيد أمريكي سابق عمل ضمن فريق أعد تقريراً عن مقتل الصحفية في قناة الجزيرة والمواطنة الأميركية شيرين أبو عاقلة إدارة الرئيس السابق جو بايدن بتخفيف استنتاجات التقرير لصالح إسرائيل. وجاءت تصريحات العقيد ستيف غابافيتش في مقابلة نُشرت يوم الإثنين مع صحيفة نيويورك تايمز، وهي المرة الأولى التي يتحدث فيها أي مسؤول عسكري شارك في إعداد التقرير بشكل علني؛ علماً أنه تحدث سابقاً بصورة مجهولة في فيلم وثائقي لمنظمة زِيتِو الإخبارية.
قال غابافيتش إنه أصيب بـ«ذهول» لدى قراءة بيان وزارة الخارجية الذي وصف مقتل أبو عاقلة في 11 مايو 2022 بأنه «نتيجة لظروف مأساوية»، وأن المسؤولين الأميركيين «لم يجدوا سبباً للاعتقاد بأن ذلك كان عمداً». وكان غابافيتش آنذاك يعمل في مكتب منسق الأمن الأميركي، وهو مكتب مشترك بين الوكالات يُشرف على التعاون بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والفلسطينية.
كلّف فريق بقيادة اللواء مايكل ر. فنزل من إدارة بايدن بتجميع ملف الحادث، وهو الملف الذي استندت إليه رواية وزارة الخارجية العامة. وقال غابافيتش وأربعة مسؤولين آخرين لم تُسمَّ أسماؤهم لصحيفة نيويورك تايمز إن السجل الرسمي الأميركي لم يعكس الجدل الحاد داخل الفريق بشأن ما إذا كان إطلاق النار متعمداً أم لا.
اعتمد التقرير على نتائج تحقيقات إسرائيلية وفلسطينية، إلى جانب معاينة الموقع وإشراف على تحليل باليستي. ولم تُصدر الولايات المتحدة تحقيقها الخاص في القضية، بينما افتتح مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) تحقيقاً في 2022 لا تزال حالته غير معلومة.
أوضح غابافيتش أنه من بين المسؤولين الذين اعتقدوا أن إطلاق النار كان متعمداً، وقال إن النسخة المخففة من الرواية الحكومية «ظلّت تلاحق ضميري بلا انقطاع».
«التحيّز دائماً لصالح الإسرائيليين»
رغم أنه لا يمكن الجزم ما إذا كان الجندي الذي أطلق الرصاصة القاتلة يستهدف شيرين أبو عاقلة عن قصد، فإن ما لا يقل عنه وضوحاً، وفق غابافيتش، أن الجندي كان يعلم أنه يطلق النار تجاه صحفيين. ويتوافق تقييمه مع تحقيقات من منظمات حقوقية، وجسم تحقيقي تابع للأمم المتحدة، ومسؤولين فلسطينيين ومنظمات إعلامية بينها الجزيرة. أما إسرائيل فاعترفت لاحقاً بأن واحداً من جنودها كان على الأرجح مسؤولاً عن القتل ووصفت الحادثة بأنها «حادث»، معلنة أنه لن يُعاقَب أحد.
استند غابافيتش في استنتاجه إلى تسجيلات مرورية راديوية عسكرية إسرائيلية تُظهر أن الجنود كانوا على علم بوجود صحفيين في المكان وقت إطلاق النار، وأضاف أن رصدا لم يُسجل أي إطلاق نار قادم من اتجاه الصحفيين عند لحظة القتل. كما لفت إلى وجود مركبة عسكرية إسرائيلية متوقفة على بعد طريق من مجموعة الصحفيين التي كانت تسافر معها أبو عاقلة، ما كان سيجعل رؤيتها واضحة من خلال منظار قنص.
أشار غابافيتش إلى أن دقة الطلقات لا توحي بتشتت رصاص عشوائي، وأن تسلسل استهداف شخص منتج صحفي ثم شيرين ثم آخر حاول إسعافها، يعززان فرضية التعمّد. ووصف سيناريو الحادثة بوصفه «أشد ما يمكن أن يكون عبثياً» ليكون مجرد خطأ عرضي — أن يخرج شخص من المركبة ويطلق ناراً عشوائياً لكنه يصيب بدقة مع عدم النظر عبر المنظار، وهو ما «لن يحدث».
أفاد غابافيتش بأنه رفع استنتاجه شفهياً وكتابياً إلى الجنرال فنزل، لكن هذا التقييم لم يظهر في التقييم الذي شارك مع وزارة الخارجية، وأنه بعدما عبّر عن موقفه جرى إبعاده عن المراجعة. أما الجنرال فنزل فدافع عن منهجه قائلاً إنه اضطر إلى اتخاذ أحكام استناداً إلى كل الأدلة والمعلومات المتاحة، وأنه يثق في نزاهة عمل فريقه وفي استنتاجاته.
قال غابافيتش إن الحادثة أكدت لديه ما شاهده من انحياز أميركي لصالح إسرائيل خلال عمله في المكتب، في ظل تقديم الولايات المتحدة مليارات الدولارات كمساعدات عسكرية لإسرائيل، وتم تكثيف هذه الإمدادات خلال الحرب على غزة. وأضاف: «التحيّز دائماً يكون لصالح الإسرائيليين، والقليل جداً من ذلك يذهب إلى الفلسطينيين».
أكّد أن قضية أبو عاقلة تركت أثراً بالغاً في مسيرته المهنية، «لأننا كان لدينا كل شيء هناك».