انفجار طاقة هائل ناجم عن اقتراب نجم ضخم من ثقب أسود
نشر في 4 نوفمبر 2025
وثّق علماء الفلك أعنف توهّج مُسجّل صادر عن ثقب أسود فائق الضخامة، حدث كوني كارثي أضاء لفترة وجيزة بما يقارب ضوء عشرة تريليون شمس. نُشرت النتائج الجديدة يوم الثلاثاء في مجلة Nature Astronomy، وقاد الدراسة عالم الفلك ماثيو غراهام من معهد كاليفورنيا للتقنية (كالتيك).
يُعتقد أن هذا الانفجار الطاقي الهائل نجم عن اقتراب نجمٍ غير اعتيادي الكبر جداً من الثقب، فتمزّق بعنف وابتلعه الثقب السوبرمااسيف. كما أوضح أحد مؤلفي الدراسة، عالم الفلك كي.إي. سافيك فورد، أن النجم اقترب بما يكفي من الثقب الفائق كي يتعرض لما يُعرَف بـ«السباغيتيّ» — أي أن قوى الجاذبية المتباينة ممتدّة بحيث تشده وتمدّه حتى يصبح طويلاً ونحيفاً. ثم التفتت تلك المادة في مدار حلزوني حول الثقب وهي تنهار داخله.
يقع الثقب الأسود الفائق الذي أنتج التوهّج في مجرّة بعيدة تبعد نحو 11 مليار سنة ضوئية عن الأرض، ويُقدّر أن كتلته تقارب 300 مليون مرة كتلة الشمس. السنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء خلال سنة، أي نحو 5.9 ترليون ميل (≈9.5×10^12 كم). أما النجم فحُسبت كتلته بين 30 و200 ضعف كتلة الشمس، وتحوّل إلى تيار غازي احترق واشتعَل بشدّة بينما كان يلتف في مسار حلزوني نحو الهاوية.
تقريباً كل مجرّة كبيرة — بما فيها مجرتنا درب التبانة — تحتوي في مركزها على ثقب أسود فائق، لكن أصل تشكّل هذه الأجسام الضخمة لا يزال لغزاً. رُصد هذا التوهّج للمرة الأولى في 2018 بواسطة مرصد بالومار الذي تديره كالتيك؛ استغرق الحدث حوالى ثلاثة أشهر للوصول إلى ذروة سطوعه، ليصبح تقريبا ثلاثين ضعفَ سطوع أي حدث مماثلٍ سُجِّل سابقاً. لا يزال التوهّج مستمراً لكنه يتناقص تدريجياً، ويُتوقع أن يستغرق كامل العملية نحو أحد عشر عاماً قبل أن تنتهي.
لأن الثقب يبعد عنا مسافة شاسعة، فإن مراقبة هذا الوميض تمنح العلماء نافذة نادرة إلى حقبة مبكرة من الكون. دراسة هذه الثقوب السوداء الشاسعة والبعيدة تُساعد الباحثين على فهم كيفية تكوّنها، وتأثيرها على النجوم المحيطة بها، والتفاعلات الأساسية التي شكَّلت الكون الذي نعرفه اليوم.