نفَّذت إسرائيل غارات جوية في قطاع غزا، بعد اتهامات رسمية بانتهاك بنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة.
وزير الدفاع الإسرائيلي اسرائيل كاتس اتهم حركة حماس بالاعتداء على جنود إسرائيليين داخل غزة يوم الثلاثاء، وبخرق الهدنة فيما يتعلق بإعادة رفات الرهائن القتلى. وفي مقابلة وصفتها السلطات بأنها إنذار، قال كاتس إن حماس تجاوزت «خطًا أحمر ساطعًا» وسيُحاسب عليها «مرات عديدة» بسبب الاعتداءات وخرق الاتفاق.
من جهتها نفت حماس أي صلة بالحادثة، وأكدت التزامها باتفاق وقف النار، واصفة الردود الإسرائيلية بأنها «قصف إجرامي» يمثل خرقًا صارخًا للاتفاق. الجناح العسكري للحركة أعلن أيضاً تأجيل تسليم رفات أحد الرهائن الذين استُعيدوا يوم الثلاثاء، مبرراً ذلك بما وصفه «انتهاكات» إسرائيلية.
فرق الإسعاف الأولية في غزة أفادت بمقتل ما لا يقل عن تسعة فلسطينيين جراء موجة ضربات إسرائيلية انتشرت في أنحاء متفرقة من القطاع، شملت مدينة غزة شمالًا وخان يونس جنوبًا. متحدث باسم الدفاع المدني التابع لحماس قال إن ضربات استهدفت منزل عائلة البنا في حي الصبرة الجنوبي ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص بينهم ثلاث نساء، وأن ضربة أخرى أودت بحياة خمسة آخرين بمن فيهم طفلان وامرأة بعد إصابة مركبة في شارع القسام بخان يونس. كما وردت تقارير عن إصابة ساحة مستشفى الشفاء في منطقة الريمال بغارات.
موقع عسكري إسرائيلي وصف موقع الحادث بأنه «شرقي الخط الأصفر»، وهو الخط الذي يحدد الأراضي الخاضعة لسيطرة إسرائيل بموجب اتفاق الهدنة. وسائل إعلام إسرائيلية نقلت عن جنود في رفح تعرضهم لإطلاق قاذفات مضادة للدروع ونيران قناصة، فيما أفادت وسائل إعلام فلسطينية بوقوع قصف مدفعي في المنطقة.
مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أصدر بيانًا مقتضبًا مساء الثلاثاء ذكر أنه أمر بـ«ضربات وقائية قوية» دون تفصيل الأسباب. سابقة لذلك كان تصريح برلماني من مكتب نتنياهو يشير إلى أن نتائج فحوصات الطب الشرعي على نعش سُلِّم مساء الاثنين أظهرت أن الرفات لا تعود إلى أحد الرهائن الثلاثة عشر المتبقين في غزة، بل إلى أسير سابق استُعيدت رفاته في أواخر 2023، وهو ما اعتُبر «انتهاكًا واضحًا» لاتفاق وقف النار.
في ذات السياق، عرضت القوات الإسرائيلية لقطات من طائرة مسيّرة قالت إنها تُظهر عناصر لحماس ينقلون رفاتًا من هيكل أُعد مسبقًا ويدفنونها، ثم استدعاء ممثلين عن الصليب الأحمر لعرض ما وصفته إسرائيل بأنه «اكتشاف مزيف لجثة رهينة». حماس وصفت هذه الاتهامات بأنها «ملفقة» واتهامات باطلة وادعت أن إسرائيل تسعى لخلق مبررات لخطوات عدائية جديدة.
اللجنة الدولية للصليب الأحمر قالت لاحقًا إنها حضرت الموقع «بطلب من حماس» وبنية حسنة، معربة عن استغرابها من وصف ما حصل بأنه «استعادة مزيفة». وأكدت أن فريقها لم يكن على علم بوضع جثة في المكان قبل وصوله، وأن دورها كوسيط محايد لا يشمل عادة انتشال الجثث.
نائب الرئيس الأمريكي جاي دي فانس أبلغ الصحفيين في واشنطن أنه يرى أن وقف إطلاق النار «يجري تطبيقه إلى حد كبير»، مع الإقرار بأن تجدد مناوشات محليّة قد يحدث، وأنه يتوقع رد فعل إسرائيلي على أي هجوم على عناصره، لكنه أبدى تفاؤلاً بأن الهدنة ستستمر على الرغم من ذلك. من غير المقبول ان تُعرض عملية استرجاع مزيفة، خاصة وأن تنفيذ هذا الاتفاق محوري والعديد من العائلات لا تزال بقلق تنتظر أخبار ذويها الذين ماتو أو اختُطفوا.
ذكرت رويترز أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا كان من المقرَّر أن يطبق المرحلة الأولى من خطة السلام المؤلفة من 20 نقطة للرئيس دونالد ترامب.
ونص الاتفاق على أن تعيد حركة حماس 48 مختطفاً — أحياءً وقتلى — خلال 72 ساعة من دخول وقف النار حيز التنفيذ في 10 أكتوبر.
أُفرج عن جميع الـ20 رهينةً إسرائيلياً أحياءً في 13 أكتوبر مقابل إطلاق سراح 250 معتقلاً فلسطينياً و1,718 محتجزاً من قطاع غزة.
وقد سلَّمت إسرائيل حتى الآن جثث 195 فلسطينياً مقابل جثث 13 رهينةً إسرائيلياً أعادتهم حماس، بالإضافة إلى جثتي رهينتين أجنبيتين — واحدة تايلاندية والأخرى نيبالية.
من بين القتلى الذين ما زالت جثثهم في غزّة 11 إسرائيلياً، وواحد تنزاني، وواحد تايلاندي.
وقال خليل الحية، كبير مفاوضي حماس، يوم السبت إن الحركة تواجه تحديات لأن القوات الإسرائيلية “غيرت تضاريس غزة”. وأضاف أن “بعض الذين دفنوا الجثث استشهدوا أو لم يعودوا يتذكرون أماكن دفنها”.
ومع ذلك، تصر الحكومة الإسرائيلية على أن حماس تدرك مواقع جميع الجثث.
باستثناء حالة واحدة، كان جميع القتلى الذين لا تزال جثثهم في غزة من بين 251 شخصاً اختُطفوا خلال الهجوم الذي شنه مقاتلو حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل نحو 1,200 شخص.
وردت إسرائيل بشن حملة عسكرية على غزة أسفرت، وفق وزارة الصحة التي تديرها حماس في القطاع، عن مقتل أكثر من 68,530 شخصاً.