قُتلَت رضيعة ووالداها في منطقة الموااصي التي كانت مُعلنة سابقاً كـ «منطقة آمنة» من قبل إسرائيل.
أفاد مسؤولون في مستشفى ناصر أن ضربة جوية إسرائيلية في جنوب قطاع غزة أودت بحياة الرضيعة ووالديها، فيما تواصل إسرائيل تصعيد هجومها ضد القطاع. الهيئة الطبية أشارت إلى أن الهجوم استهدف مخيّماً خيامياً يقطنه نازحون.
قُتل معتصم البطّا وزوجته وطفلتهما يوم السبت في المخيّم، رغم أن إسرائيل كانت قد صنفت المنطقة مبكراً في الحرب كمنطقة «إنسانية» أو «آمنة»؛ لكنها تعرّضت لهجمات متكررة.
يأتي الهجوم بعد أيام من إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الجيش حصل على الضوء الأخضر للبدء في «تفكيك» ما وصفه بجبهتي حماس المتبقيتين: مدينة غزة شمالاً ومنطقة المواصي جنوباً. وقالت تل أبيب الان إنها ماضية في تنفيذ خطتها.
قال جار العائلة، فتحي شُبِير، لوكالة الصحافة إن المدنيين النازحين يعيشون في تكدّس سكاني كبير بمنطقة المواصي، وهو يعبّر عن ألم فقدان الطفلة: «لم تتجاوز عمرها شهرين ونصف—ماذا فعلت؟».
أدت الحرب الإسرائيلية في غزة إلى مقتل ما لا يقل عن 61,827 شخصاً منذ أكتوبر 2023، وفق أرقام تُنسب إلى جهات متعددة. وأفاد وزير الصحة في غزة بأن سوء التغذية أودى بحياة 251 شخصاً حتى الآن، بينما أعلنت الوزارة أن أحد عشر شخصاً بينهم طفل ماتوا من الجوع خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية.
في مستشفى الشفاء بغزة، تُعرض حياة أكثر من مئتي مريض للخطر الشديد نتيجة نقص حاد في الأدوية وتفاقم حالات الهزال. قال مدير المستشفى محمد أبو سلمية إن المستشفيات مكتظة بالجرحى تحت قصف متواصل، وأن الأطباء يجرون المزيد من حالات البتر نتيجة تفشّي عدوى الجروح وعدم القدرة على مكافحتها.
وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 14,800 مريض بحاجة إلى رعاية طبية إنقاذية غير متوفرة داخل القطاع، ومع ذلك فإن الخروج من القطاع لا يعفي بالضرورة من خطر الوفاة. وصلت إلى مدينة بيزا الإيطالية شابة تبلغ عشرين عاماً تُدعى مَرَح أبو زهري على متن رحلة إنسانية حكومية وهي في حالة هزال حاد؛ ثم تُوفيت بعد أيام في مستشفى جامعة بيزا، إذ كانت حالتها «معقّدة جداً» وفاقدة لكثير من الكتلة الجسدية.
أخبر مدير عام وزارة الصحة في غزة منير البرش الجزيرة أن نحو 40,000 رضيعا في القطاع يعانون من سوء تغذية حاد في ظل نقص حاد في المواد الغذائية بسبب قيود إسرائيل على دخول المساعدات.
وصفت مراسلة الجزيرة هند خضاري واقع الجوع في غزة بأنه «مدمّر». وأضافت: «أمام الفلسطينيين خيار واحد مرير: أن يشاهدوا أطفالهم يموتون من سوء التغذية والجوع». وأشارت إلى حالات حديثة لوفاة أشقاء تتراوح أعمارهم بين 16 و25 عاماً في يوم واحد نتيجة الجوع.
قال أمجد شوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، إن «ما يدخل إلى القطاع من إمدادات يومية لا يتجاوز عشرة بالمئة من الحاجة»، مضيفاً أن «المنظومة الصحية تنهار يوماً بعد يوم وقدراتنا محدودة للغاية». وأكد أن الحرب دمرت البنية الاقتصادية والاجتماعية للقطاع، وجعلت سكانه يعتمدون اعتماداً شبه كامل على المساعدات الإنسانية، وأن الكميات الواردة تظل محدودة للغاية وتكفي بالكاد للحفاظ على أدنى مستويات البقاء.
حذّرت الأمم المتحدة من أن معدلات الجوع وسوء التغذية في غزة بلغت أعلى مستوياتها منذ اندلاع الحرب.
تلقّت عائلات خمسين رهينة إسرائيلياً لا تزال تحت الاحتجاز في غزة صدمة إثر نشر فيديوهات أظهرت ذويهم في حالة هزال شديد يناشدون لمنحهم طعاماً وعلاجاً. ودعت مجموعة تمثل عائلات الأسرى الإسرائيليين المواطنين للنزول إلى الشوارع للمطالبة بعودة الرهائن، قائلة إن مبادرات شعبية ستتوقف يومياً وتشارك في «النضال الأخلاقي لإعادة الخمسين إلى بيوتهم».
ورفض نتنياهو الانتقادات التي ترى أن توسيع الهجوم قد يعرّض حياة الأسرى المتبقين للخطر، مؤكداً أن تعبئة القوات ستستغرق أسابيع ودافِعاً بأنه «لا خيار أمامه» سوى مهاجمة حماس في غزة.