انقطاع كهربائي جديد يضرب غرب كوبا
تعرضت كوبا اليوم لانقطاع كهربائي جديد أطاح مؤقتًا بالتيار عن الجزء الغربي من الجزيرة الكاريبية، الذي يشمل العاصمة هافان. وأعلنت وزارة الطاقة والمناجم أن الانقطاع بدأ نحو الساعة الخامسة صباحًا بالتوقيت المحلي (10:00 بتوقيت غرينتش)، قبل أن تعلن استعادة الخدمة بالكامل عند نحو 1:26 ظهرًا (18:26 بتوقيت غرينتش).
للساعات طوال، ظل الملايين في ظلام بينما عملت الحكومة على إعادة الكهرباء لمنطقة تمتد من محافظة بينار ديل ريو الغربية إلى مايوبيك شرق العاصمة. وخلال الصباح حاول المسؤولون طمأنة المواطنين بأن التيار سيعود قريبًا، إذ كتب رئيس الوزراء مانويل مارييرو كروز على منصات التواصل أن عمال الوزارة شرعوا فورًا في جهود الإصلاح وأن العمل جارٍ لاستعادة الخدمة بأسرع ما يمكن، مبرزًا “جهودهم الاستثنائية”.
لكن انقطاعات التيار باتت مصدرًا متفاقمًا للسخط في كوبا ودليلًا على تهاطل الشبكة الكهربائية. ففي عام 2024 وحده وقعت ما لا يقل عن خمسة أعطال كبرى في منظومة الكهرباء أثرت على الحياة اليومية وأطلقت احتجاجات نادرة في مدن مثل سانتياغو دي كوبا. واستمرت تلك السلسلة في 2025، بما في ذلك انقطاع كبير في سبتمبر عزاه المسؤولون إلى عطل في محطة حرارية.
ضغوط متعددة على الشبكة
النظام الكهربائي الوطني لكوبا عمره متقدّم، وغالبية الشبكة تعتبر بالية وتعتمد بكثافة على الوقود الأحفوري ولا سيما امدادات من فنزويلا. وترجع معظم البنى التحتية إلى حقبة الحرب الباردة، حيث شهدت ثورة بناء في ثمانينيات القرن الماضي وتم توسيع الشبكة بحلول 1989 لتغطي نحو 95% من المنازل. في السنوات الأخيرة، استثمرت كوبا في مصادر متجددة كخيار بديل؛ ففي أبريل 2024 أبرمت اتفاقًا مع الصين لإنشاء 92 مزرعة شمسية بحلول 2028، وافتتحت أولى هذه المحطات في فبراير من العام الجاري.
إلى جانب قدم المعدات، تفرض الكوارث الطبيعية، وخصوصًا الأعاصير، عوائق متكررة أمام توزيع الكهرباء. ففي أواخر سبتمبر اجتاحت إعصار إيميلدا البحر الكاريبي مسببة فيضانات وانهيارات أرضية أودت بحياة عدد من الأشخاص، ثم تبعها في أكتوبر إعصار ميليسا الذي ضرب الجزيرة بعنف رغم تراجعه إلى الفئة الثالثة عند وصوله إلى اليابسة، مخلفًا فيضانات مفاجئة ومنازل مدمرة وتهجير الآلاف.
الضغط الدولي والحصار
يلقي مسؤولون كوباويون باللائمة أيضًا على الولايات المتحدة في الإضرار ببنيتها التحتية. فمنذ 1962 وُضعت كوبا تحت حصار واسع النطاق، وهو ما يقول المنتقدون إنه أضعف اقتصاد الجزيرة. ورغم محاولات تخفيف العقوبات عبر العقود، أبقى حكم الرئيس دونالد ترامب أجزاءً من هذا الحصار قائمه، مستندًا إلى تقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان. وفي أكتوبر، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية مرة أخرى على قرار غير ملزم يدعو الولايات المتحدة إلى رفع الحصار، معربة عن أن هذه العقوبات قاسية بشكل غير متناسب.
الرئيس يدافع عن العمال ويحمّل الحصار جزءًا من المسؤولية
استشهد الرئيس ميغيل دياز كانيل يوم الأربعاء بهذا السياق، إلى جانب أثر العواصف الأخيرة، كعوامل تعيق أداء الشبكة الكهربائية بالصفة المطلوبة. وكتب أن عمال وزارة الطاقة والمناجم، الذين لا يزالون يعملون رغم التحديات اليومية التي يفرضها الحصار وجهود التعافي بعد ميليسا، يعملون الآن لحل المشكلة وأن الثقة بهم تجددت مرة أخرى.
أدت الانقطاعات المتكررة إلى ضغوط شعبية متنامية على السلطة. ففي 2021، وبعد تداعيات جائحة كوفيد-19 ونقص السلع الأساسية مثل الوقود، خرج آلاف الكوبيين للاحتجاج على تردي الأوضاع، ومن بين مطالبهم السخط على الانقطاعات المتكررة. وتزامن ذلك مع موجة هجرة قياسية من الجزيرة؛ فوفقًا لإحصاءات رسمية، كان عدد السكان نحو 11,113,215 نسمة في 2021، ثم انخفض إلى نحو 9,748,532 في 2024، ما يشير إلى هبوط يزيد على 12% يُعزى إلى التهجير بصورة أساسية.
وتعكس بيانات وكالة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية ارتفاع ملامح الوافدين من كوبا، حيث سجّلت الوكالة 200,287 “مواجهة” مع مهاجرين كوبيين في السنة المالية 2023، ثم ارتفع العدد إلى 217,615 في السنة المالية 2024. وفي خطوة مثيرة للجدل، علقت إدارة ترامب هذا الشهر جميع طلبات الهجرة المقدمة من كوبا و18 دولة أخرى وصفها الرئيس بأنها “دول العالم الثالث”.