حكومة تحذّر من تعطل واسع النطاق مع إضراباتٍ عامة تُهدِّد بإغلاق المدارس والصيدليات وقطاعات النقل
نُشِر في 18 سبتمبر 2025
اتّسعت رقعة التحركات الاحتجاجية في فرنسا بعد دعوة النقابات إلى إضرابٍ عام ضد مقترحات الحكومة لتقليص الإنفاق والميزانية. الإضراب الذي يشارك فيه معلّمون وعاملون في القطاع الصحي وموظفو النقل وغيرهم متوقَّع أن يشلّ أجزاءً واسعة من البلاد، وتعدّه النقابات واحدةً من أكبر الحملات منذ المواجهات العنيفة حول إصلاح التقاعد العام الماضي.
تأتي هذه التحركات على خلفية خطط التقشّف التي زادت من سخط الشارع تجاه رئاسة امانويل مكرون، وقد انخفضت شعبية رئيس الجمهورية إلى أدنى مستوياتها وسط أزمة حكومية لم تظهر بوادر انحسار رغم تغيُّر منصب رئيس الوزراء مؤخراً.
وتشير التوقّعات إلى أن الإضراب سيشهد انسحاب نحو ثلث المدرّسين من العمل، وإغلاق تسع من كل عشر صيدليات، وتعطّلات حادّة في مترو باريس، حيث من المقرّر أن تعمل ثلاث خطوط آلية فقط بصورة اعتيادية. من المرجّح أن تسير معظم قطارات السرعة العالية، لكن خدمات المترو والسكك الحضرية ستشهد تأخيرات كبيرة. ويُتوقع ألا تطال حركة الطيران اضطرابات كبيرة بعدما قرّر مراقبو الحركة الجوية تأجيل إضرابٍ كانوا يعتزمون تنفيذه حتى أكتوبر.
أفادت بيانات شركة الكهرباء المملوكة للدولة (EDF) صباح الخميس بأن إنتاج الطاقة النووية خُفِّض بمقدار 1.1 غيغاواط بعدما خفّض عمال محطات الإنتاج من قدراتهم كجزء من التحرك الصناعي.
خشية من أعمال عنف
حذّرت السلطات من احتمال اندلاع أعمال عنف على هامش مسيرات النقابات، وأعلنت نشر قوة شرطية كبيرة في الشوارع. وصف وزير الداخلية برونو ريتايو التحشيد بأنه «قوي للغاية»، واعتبر يوم الاحتجاج «هجيناً» يجمع بين تظاهرات مرخّصة واحتمالات تخريب من قبل عناصر أقصى اليسار. وقال إن أكثر من 80 ألف عنصر من الشرطة والدرك سيُنتشرون، مدعومين بطائرات من دون طيار ومركبات مدرعة ومدافع مياه.
تتوقّع السلطات مشاركة ما بين 600 ألف و900 ألف متظاهر على مستوى البلاد.
اختبار مبكّر لرئيس الوزراء الجديد
سيباستيان ليكورنو، وزير الدفاع السابق الذي تولّى رئاسة الحكومة الأسبوع الماضي كخامس أو سابع رئيس وزراء في عهد ماكرون، وعد بفتح مسار إصلاحي جديد. لكن وعوده لم تضعف من عداء العمال الذين لا يزالون مستائين من خطة تقشّف بقيمة 44 مليار يورو أعدّها سلفه فرانسوا بايرو. كما يبدي النقابيون تشكيكاً في وعود ليكورنو بإلغاء امتيازات مدى الحياة لرئيس الحكومة أو التراجع عن اقتراح خفض عطلتين رسميتين.
تؤكد الحكومة أن خفض النفقات ضروري لخفض عجز الميزانية الفرنسي الذي اقترب من مضاعفة حد الاتحاد الأوروبي البالغ 3 بالمئة العام الماضي. بيد أن ليكورنو الذي يفتقر إلى أغلبية برلمانية يواجه صراعاً مريراً لتمرير موازنة 2026.
وفي هذا السياق قالت صوفي فينيتاي، الأمينة العامة لنقابة SNES-FSU الممثلة لأساتذة المدارس الإعدادية والثانوية: «نحن نشعر أن زملاءنا لم يختَفَوا بتعيين سيباستيان ليكورنو»، مضيفة أن التعيين «لم يهدئ الغضب». كما أكدت صوفي بينيه، زعيمة نقابة CGT، أن العقبة الكبرى أمام التراجع عن إصلاح التقاعد «تتواجد في قصر الإليزيه»، في إشارة مباشرة إلى الرئيس.
يشكّل يوم التحرك هذا أول اختبار حقيقي لليكورنو في المنصب، لكن المواجهة السياسية الحقيقية موجّهة إلى حدٍّ كبير إلى ماكرون نفسه، الذي تبقّى له 18 شهراً في الولاية ويواجه أدنى مستويات الموافقة في سجلات الاستطلاعات.