شعرت بريانا لي دو بأثرٍ ساحر عندما ارتدت فستانها الخاص الذي صَمَّمَته وصُنِعَ على قياسها في نيجريا؛ كانت تريد فستاناً لا يمرّ مرّ العارضة فحسب، بل يوقِف الأنفاس ويخبر قصة عن هويّتها وجذورها. الفستان الأسود المزدان بالترتر والخرز على قماش دانتيل مستوحٍ من تصاميم يوروبا التقليدية، لم يكن مجرد قطعة ملابس بل بياناً بصرياً وثقافياً.
حفلات التخرج في المدارس الثانوية في الولايات المتحدة تُعامل كطقس عبور إلى النضج: مزيج من السجادة الحمراء واللحظة الاجتماعية المصيرية، ولدى كثير من الشابات هي لحظة قوية للتعبير عن الذات والهوية. عندما نشرت بريانا مقطع فيديو على تيك توك وهي ترتدي فستانها الأفريقي لم تتوقع أن يتحوّل إلى ظاهرة؛ المقطع تجاوزه المليون مشاهدة، مما يعكس اهتماماً متزايداً يقود طلباً قوياً على الفساتين المفصّلة بتطريزات جريئة وزخارف فريدة.
أسعار الفساتين المصنوعة في أفريقيا تتراوح في المتوسط بين 600 و1000 دولار، وقد تصل القطع الفاخرة المخصّصة إلى ما يزيد على 1500 دولار — وهو أرخص بكثير من تكلفة تفصيل فستان مماثل في امريكا حيث قد تبدأ الأسعار من حوالي 3500 دولار وتتصاعد حسب المصمّم والخامات.
أجرى مراسلو الـBBC مقابلات مع خمسة مصمِّمين في نيجريا وغانا الذين نفّذوا أكثر من 2800 طلب فساتين تخرج خلال موسم 2025، أغلبها مُرسَل إلى الولايات المتحدة. من بينهم شيكا رات أريغبابو وورشتها «كيـــرة فاشن كيف» في إيبادان جنوب غرب البلاد، التي تولّت صنع 1500 فستان من هذا العدد. لم تكن تقليد الاحتفال بالتخرج شائعاً في بلدها، لكنها استطاعت إيجاد سوق متخصّص وموفّراً لفرص عمل؛ إذ توظّف 60 موظفاً بدوام كامل وتستعين بحوالي 130 متعاقداً خلال فترات الذروة.
بدأت أحجام الطلبات تتصاعد بسرعة: من 50 فستاناً عام 2019 إلى أكثر من 500 في 2024، ثم تضاعف الرقم هذا العام. العمل صار على مدار السنة — من يوليو تبدأ فرق الخياطة تحضير قواعد الكورسيه، رسم السيلويت، وتوريد الخامات. كما تقول أريغبابو: «لم يعد موسمياً، إنه دورة كاملة؛ الحفلة تستهلك كل شيء».
في الجنوب الشرقي، صممت فيكتوريا آني في أويُو وشحنّت أكثر من 200 فستان إلى نيويورك ونيوجيرسي وكاليفورنيا؛ فريقها المؤلف من ثمانية أفراد يستغرق كل فستان من ثلاثة إلى سبعة أيام بحسب التعقيد. بالنسبة لها، اختيار مصمّم أفريقي ليس مجرد شراء، بل توقيع ثقافي: فخَرٌ يمكن أن تقول به الشابة «فستاني جاء من نيجريا». وقد فاز بعض زبائنهم بلقب «الأفضل أناقة» أو بلقب ملكة الحفل.
القصات الشائعة تميل إلى صدور مشدودة، فتحات عالية، ذيول ريشية، عباءات قابلة للنزع، وأكمام مرصعة بالخرز، مستلهمة أحياناً من ثيمات المِت غالا، إطلالات العروس اليوروبية أو من جماليات الأفروفيوتشر. تقول إيفوا منساه المصممة في أكرا إن موسم التخرج أصبح دورة مبيعات موثوقة لديها.
التواصل بين المراهقين في أمريكا والمصممين الأفارقة يتم عبر وسائل التواصل: إنستغرام يجلب المبيعات، وتيك توك الشهرة. كثيرون يتفاهمون عبر واتساب، ويجري قياس الأبعاد عبر مكالمات فيديو مباشرة حتى يتأكّد الخياط من الدقّة. نجاحات مثل تجربة نيان فيشر من ميامي أو ترينيتي فوستر من ممفيس تُظهر أن الثقة في المصمّم واقتناء قطعة فريدة تعوّض كثيراً عن مخاوف الأهل من الشراء من الخارج.
غير أن السوق لا يخلو من تعقيدات: تأخيرات الجمارك أو اختناقات الشحن تؤدّي أحياناً إلى وصول الفستان متأخراً، وبعض العملاء يفضّلون نشر الشكاوى علناً بدلاً من التفاهم المباشر — «أريد أن أصبح فيروسيّة» قالت إحدى المنتقدات بحسب أريغبابو. والمصمّمون يعترفون بأيام عمل مرهقة تصل إلى عشرين ساعة لإصلاح فستان أثناء تعبئة آخر.
رغم ذلك تغلب الرضا: فيديوهات فتح العلب التفصيلية (unboxing) تُروّج للعلامات وتزيد الطلبات، وفي بعض الورش تشكّل طلبات فساتين التخرج نسبة كبيرة من الإيرادات السنوية — حتى 25% في حالة واحدة. لكنّ تغيير السياسة التجارية الأميركية بفرض تعرفة 15% على الواردات من نيجريا يمثل تحدياً فورياً؛ سيزيد من التكلفة ويجعل الأسعار أقل تنافسية، مما دفع بعض المصممين إلى التفكير بتخفيض بعض النفقات، تحسين الكفاءة، البحث عن أسواق بديلة، وأحياناً الانتقال إلى نظام «جاهز للارتداء» لتقليل زمن التصنيع وتسريع الشحن.
كما ظهرت طرق تمويل جديدة لتسهيل الدفع، مثل خطط التقسيط الإلكترونية التي تسمح بتوزيع التكلفة على فترات، لأن الفستان رغم كونه أرخص من نظيره الأميركي لا يزال استثماراً مالياً كبيراً بالنسبة للعائلات.
في الختام، ترى بريانا أن السعر كان يستحق كل ذلك: التخرّج كان الحلم الطفولي الذي تحقق. وتضيف بابتسامة أنَّ حتى لو كانت أظافرها غير مرتّبة أو ميكابها لم يخرُج كاملاً أو تصفيفة شعرها لم تكن «مُناسِبة»، فإن وجودها في ذلك الفستان جعلها تشعر أنها بخير تماماً — وأن اللحظة كانت تستحق كل تفاصيلها.