ثيو ليجيت — مراسل الشؤون التجارية
جس باينز أبلغ السلطات الدنماركية عن عملية احتيال ضريبية بقيمة مليار جنيه إسترليني، ففُوجِئ بدعوى قضائية ضده
«كنا نستقبل في المطارات بسيارات ليموزين بطول ستة أمتار، وكانت توجهنا إلى أماكن مثل فندق أتلانتس في دبى أو سباق جائزة سنغافورة الكبرى. يُنفق مئة ألف جنيه في الحانة في ليلة واحدة.»
في عام 2013 كان جس باينز محامياً شاباً طموحاً يستمتع بحياة الرفاهية التي وفّرها العمل في صندوق تحوّط في سيتي بلندن يدرّ أرباحاً طائلة. اليوم هو بلا عمل وفقد معظم ثروته بعد سنوات من المواجهات القانونية ومحاولات نزع صفة الارتباط عنه في قضية احتيال ضريبي هائلة.
المفارقة، كما يقول، أنه هو من صور القضية وباشر بالإبلاغ عنها — ليجد نفسه لاحقاً واحداً من أهداف دعوى بقيمة 1.4 مليار جنيه إسترليني. هو يتأمل نتائج المحاكمة بعد شهر من نهايتها، لتُختَتم ثمانية أعوام من الجدل القانوني وإحدى أكبر القضايا المدنية التي نظرتها المحاكم البريطانية.
كانت السلطات الضريبية الدنماركية قد خرجت مهزومة جزئياً بعد فشلها في إثبات مسؤولية مجموعة كبيرة من المتهمين، بينهم السيد باينز، عن الخسائر الضخمة التي لحقت بها.
تعود الحكاية إلى 2009، عندما أسس المصرفي سانجاي شاه صندوق تحوّط مقره لندن يحمل اسم سولُو كابيتال، مع مكاتب أيضاً في دبي. كان جزءاً من شبكة صناديق وبنوك ومكاتب قانونية تورطت لاحقاً في ما عُرِف بتجارة «كوم‑إكس» (cum‑ex).
الفكرة تقوم على تداول أسهم تُباع من مستثمر إلى آخر قبيل توزيع الأرباح (مع توزيع — cum) ثم تُسلم بعده (دون حق الأرباح — ex). استُغلت التأخيرات في تسجيل التحويلات لخلق غموض حول من كان مالك السهم وقت صرف العائد، ما سمح للطرفين بالمطالبة باسترداد ضريبة منع الاحتساب — ضريبة جُمعت مرة واحدة عند صرف التوزيع. من الخارج كان الأمر معقداً، لكن من داخل الشبكة أدى ذلك إلى تداولات أكبر وأكثر تعقيداً كلفت دافعي الضرائب في أوروبا مليارات اليوروهات.
بدأت الظاهرة في ألمانيا ثم انتشرت إلى دول مثل فرنسا وبلجيكا وإيطاليا والنمسا. استهدفت سولُو كابيتال الدنمارك بشدة، وكانت معظم تداولاتها من هذا النوع منذ 2013 فصاعداً. انضمّ باينز إلى الشركة عام 2010 كرئيس القسم القانوني ثم تولى إدارة مكتب لندن؛ وفي تلك الفترة كانت الشركة «ناجحة، تحقق أرباحاً في خمسة أو ستة مجالات تقريباً».
الثراء كان يرافقه أسلوب حياة مبالغ فيه، إذ كانت فرق العمل تنطلق في رحلات إلى لاس فيغاس وسنغافورة ودبي. «ما أستطيع أن أقول عن سانجاي أنه كان يعرف كيف يقيم حفلة»، يقول باينز. «في مرة كنّا في نادي Ku De Ta بفندق مارينا باي ساندز في سنغافورة. اشترى عشرين زجاجة دوم بيرينيون عتيقة وكان الناس يرشون بعضهم بها». شبّه بعض الناس المشهد برواية وولف أوف وال ستريت.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد: «نظّم سانجاي حفلات خاصة في دبي مع برنس. غرفة صغيرة به وأصدقائه مقابل ثلاثة أو أربعة ملايين دولار في الأمسية… وحفلات خاصة مع سنوب دوغ.» لكنه بحلول منتصف 2014 انهالت الخلافات؛ غادر باينز الشركة إلى منافس بعدما تدهورت علاقته مع رئيسه، وفي الوقت نفسه كانت تداولات كوم‑إكس تجاه الدنمارك تتصاعد بسرعة.
«كنت أسمع ممن غادروا سولُو أن سانجاي يقوم بتداولات كبيرة في 2014، لكني قلت لنفسي إنني انتقلت ولا علاقة لي بالأمر»، يروي. «ثم علمت أنه حقق نحو 100 مليون يورو من الدنمارك في 2013، وحوالى 250 مليون يورو في 2014، وكان يضع هدفاً لمليار في 2015.» رنّت صافرات الإنذار.
لم يكن يصدّق أن الأمر طبيعي أو سليم؛ لم يكن مقتنعاً بالضرورة بكون التداولات جناية جنائية، لكنه كان يعلم أن أي دولة تُستنزف منها مليار يورو ستثور. وسولُو لم تكن الوحيدة، فشركات أخرى انخرطت في الأمر، وكان باينز يظن أن انهياراً كارثياً وشيك سيجذبه نحوها. لذا قرّر في 2015 أن يفضح الأمر.
اتصل بمحام دنماركي وسُيّرت اتصالاته إلى الشرطة هناك، وقضى نحو عامين ونصف يساعد المحققين على فهم آليات احتيال كوم‑إكس. النيابة الدنماركية لم تتجه ضده بل ركّزت على شاه، الذي أُعيد تسليمياً من دبي لمواجهة تهم الاحتيال، وفي ديسمبر من العام الماضي حُكم عليه بالسجن 12 عاماً — أقسى عقوبة في تاريخ الدنمارك لقضية احتيال — وهو حالياً في طور الاستئناف.
لكن عندما رفعت الهيئة الضريبية الدنماركية (Skat) دعوى ضخمة لاسترداد ما خسرت، كان باينز واحداً من أكثر من مئة شخص وشركة وُجّهت إليهم لوائح الادعاء بجانب شاه. ووجود هذه الدعوى قلّص فرصه عملياً في مزاولة المحاماة أو الحصول على وظيفة في سيتي لندن. «من المستحيل الحصول على عمل إذا كنت موضوع دعوى كبرى في قضية احتيال ضريبة دولية بقيمة ملياري دولار»، يقول.
في أكتوبر رفض قاضٍ لدى المحكمة العليا، القاضي أندرو بيكر، دعاوى سكات. رغم اعترافه بأن «الجشع قد يكون دافعاً قوياً، وأرى أن هناك جشعاً كبيراً هنا»، خلص القاضي إلى أن سكات لم تثبت أنها كانت ضحية خداع. إن ضوابطها لتقييم ودفع طلبات استرداد ضريبة التوزيعات كانت «هزيلة إلى حد يكاد يكون منعدماً»، كما قال.
وردّ ذلك صدىً لتصريح لقيه شاه في مقابلة تلفزيونية ألمانية عام 2021 استشهد به الحكم: «لماذا كانوا سيدفعون لسنوات وسنوات ثم بعد أربع سنوات يقولون: ‹أوه، ارتكبنا خطأً، أو خُدعنا›؟ إذا وُضع لافتة كبيرة في الشارع تقول ‹تفضلوا خذوا› فسيأتي أحدهم وأخذ ما يريد.» قد يبقى خيار الاستئناف وارداً، لكن بالنسبة لباينز، وفّرت تلك الحكمـة إغلاقاً طال انتظاره وفرصة للمُضيّ قدماً، ان كان بقدر ما يُتاح له ذلك.