في ألمانيا: مسؤول متنزّه يدير الحديقة رقميًا من مكتبه

الطبيعة هي الحاكمة في منتزه ايفل الوطني بألمانيا، لا البشر.

لا يُسمَح للزوار بمغادرة المسارات المعلّمة في هذا الجنان حفاظاً على الأنواع. لا حتى لالتقاط سيلفي سريع أو للاختصار في مشوار طويل.

يضم المنتزه شبكة من الممرّات يبلغ طولها 240 كيلومتراً مخصّصة للمشاة، وما يعادل 104 كيلومترات منها مهيّأ أيضاً لراكبي الدراجات.

ومع ذلك، يبتعد بعض الزوار عن الممرّات. وعندما يُضبطون غالباً ما يردّون: «لكن التطبيق على هاتفي دلّني على الطريق».

عندها تتدخل ياسمن داوس. هي «حارسة رقمية» تعمل ضمن فريق المنتزه لضمان إدراج المسارات الرسمية فقط على الإنترنت وفي تطبيقات الترفيه والمشي.

كما تتأكّد من أن الاقتراحات التي يرفعها الزوار حول معالم على الطريق تتوافق مع قواعد المنطقة المحمية التي تبلغ مساحتها 110 كيلومترات مربعة.

على عكس حراس المنتزه التقليديين بقبعاتهم المميّزة الذين يعملون ميدانيّاً، يقتصر عملها على المكتب.

«الناس يعتمدون كثيراً على هواتفهم الذكية»

«المشكلة الأساسية أن الناس يثقون بهواتفهم الذكية اعتقاداً أن ما عليها صحيح»، تقول العالِمة الجغرافيّة داوس. هي تُعالج البيانات الواردة من خرائط جوجل وأوبن ستريت ماب، وتنشر اقتراحاتها الخاصة للجولات على تطبيقات المشي ومنصات الرحلات.

كما تتواصل مع المستخدمين الذين ينشرون جولات لا تتوافق مع القواعد. تكتب تعليقاً ودّياً على غرار: «مرحباً، جولتك تمرّ عبر منطقة هادئة في منتزه ايفل الوطني بعيداً عن الممرّات المعتمدة. هل يمكنك تعديلها من فضلك؟»

أو قد تكتب: «هنا أنواع حسّاسة كثيرة، فالرجي أن تلتزم ببعض القواعد: البقاء على المسارات المخصّصة، ربط الكلب بالمقود، عدم إشعال النار، وحمل نفاياتك معك.»

اللغة الألمانية تملك صيغتين للمخاطب وتستخدم هي صيغة المخاطب غير الرسمية كما هو معتاد في المجتمع. هذا يساعدها على الإشارة إلى البدائل بطريقة ودّية.

يقرأ  وزير الخارجية الباكستاني يجري مباحثات مع قيادات بنغلاديشية في زيارة وُصِفت بالتاريخية

كثيراً ما يرد الناس بتعليقات إيجابية وإشارة إعجاب. «بعض المستخدمين ممتنّون جداً للنصائح ويعتقدون أنها مفيدة للغاية»، تقول داوس.

وإذا لم يجيبه أحد، فلديها جهات اتصال تستطيع حذف المنشورات. كما ينشر المنتزه اقتراحاته الخاصة للجولات على مواقع مثل Outdooractive وKomoot وعلى صفحته الرسمية أيضاً.

أكثر من 200 انتهاك سنوياً

إدارة الزوار الرقمية موضوع مهم لوكالة الحفظ الاتحادية للطبيعة في بون. فالمناطق الطبيعية من بين أشهر وجهات الترفيه والسفر المحلية.

يستقبل منتزه ايفل الوطني، أحد 16 منتزهاً وطنياً في ألمانيا، نحو مليون زائر سنوياً. وليس كلهم يلتزم بالقواعد. فضلاً عن ذلك، يكتشف أربعةٌ من حراس ايفل عادةً أكثر من 200 انتهاك سنوياً أثناء دورياتهم.

فالتقنية تساعد، رغم أن الحارسات الرقميات متوفّرات وطنياً فقط في مناطق مثل سويسرا الساكسونية وغابة بافاريا وايفل ومنتزه بيرشتسغادن والمحميّة الحيوية في رون.

تُظهر خرائط جوجل الآن شبكة الممرّات الرسمية فقط لمنتزه ايفل، تقول داوس. لكن من الصعب مواكبة الكمّ الهائل من الإدخالات. فكلّ شخص يمكنه أن يضع «معلمًا» مزعومًا في منتصف اللا مكان ويمدح نقطة مشاهدة رائعة، تشتكي. «وبعدها يحاول الآخرون الوصول إليها أيضاً».

ثم تتوالى الشكاوى عن الإزعاج الذي يحدث للطبيعة — والأسوأ من ذلك التدمير.

كما أن الناس أنفسهم قد يتعرّضون للخطر عندما يبتعدون عن المسار المعهود. فقد شهد منتزهها عمليات إنقاذ لزوار اتّبعوا تعليمات هواتفهم من دون وعي.

«أنا تائه، الغطاء النباتي يزداد كثافة، والظلام يقترب، كيف أعود؟» هكذا تروي داوس اتصالات يائسة من زوار طلبوا خدمات الطوارئ—وتلقّوا المساعدة.

أضف تعليق