يوم جديد وجميل… نهاية الحرب في غزة تثير تساؤلات عن المستقبل
تجمّع قادة سياسيون من أنحاء العالم في مصر لحضور مراسم توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار في غزة، بزعامة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وبوساطة شركاء إقليميين مثل مصر وقطر وتركيا. وفي منتجع شرم الشيخ المطل على البحر، رسم ترامب صورة مُشرقة لغزة كمنطقة تنمية واستثمار رغم الدمار الهائل الذي خلّفه هجوم إسرائيلي دام عامين وترك القطاع في أنقاض.
قال الرئيس الأميركي: «يشرق يوم جديد وجميل والآن يبدأ إعادة الإعمار»، واثنى على القادة الإقليميين الذين ساهموا في التفاوض على الاتفاق. وأضاف: «إعادة الإعمار ربما تكون الجزء الأسهل»، مُعلِّقًا: «نحن نعرف كيف نبني أفضل من أي أحد في العالم».
تلاقى الاتفاق باختلاط بين ارتياح وقلق بشأن مستقبل غزة، حيث أسفرت الهجمات الإسرائيلية عن مقتل ما لا يقل عن 67,869 شخصاً، ويُعتقد أن آلافاً آخرين مدفونون تحت الأنقاض. نقل مراسل الجزيرة هاني محمود عن مشاهد العودة إلى ما تبقى من المنازل وصفه بالمأساوي: «لا مكان للإقامة هنا»، وأشار إلى معاناة العائدين في الحصول على الحاجات الأساسية، وأبرزها الماء. وأضاف: «مررنا بأحياء بأكملها صُفّت بالأرض. لم يبقَ شيء، ولا شيء قابل للتعرّف في كثير من الأحياء التي عرفناها».
على الرغم من الخسائر الهائلة التي تسببت بها الحملة العسكرية الإسرائيلية والتي جعلت معظم القطاع غير قابل للسكن — ووُصفت على لسان عدد متزايد من العلماء ومنظمات حقوق الإنسان بأنها عملية إبادة جماعية — فقد أطر الرئيس الأميركي الحديث عن مستقبل غزة حول مطالب الأمن الإسرائيلي. وقال إن «إعادة إعمار غزة تتطلب أيضاً نزع سلاحها»، مؤكداً أن ذلك شرط أساسي للأمن الإقليمي.
أثنى قادة إقليميون مثل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على دور ترامب في القمة، لكنهم حذروا من أن الحل الدائم لا يتحقق إلا بقيام دولة فلسطينية. وقال السيسي إن مصر تؤكد، جنباً إلى جنب مع دولها العربية والإسلامية الشقيقة، أن السلام يظل خيارها الاستراتيجي، وأن التجارب أظهرت خلال العقود الماضية أن هذا الخيار لا يمكن ترسيخه إلا عبر العدالة والمساواة في الحقوق.
إلا أن التقدم نحو هذا الهدف ما زال بعيد المنال. أصرّت إسرائيل على أنها لن تسمح بقيام دولة فلسطينية، بينما اكتفت الولايات المتحدة — التي واصلت دعم إسرائيل بأسلحة واسعة النطاق ومساندة دبلوماسية خلال الصراع بالرغم من الغضب المتصاعد إزاء تدمير غزة — بتصريحات غامضة حول رؤيتها لمستقبل القطاع.
أثار احتمال إشراك شخصيات موالية لإسرائيل بقوة، من بينهم رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير وصهر ترامب جاريد كوشنر، في إدارة ما بعد الحرب في غزة مخاوف واسعة. قال زيدون الكيناني، محاضر في جامعة جورجتاون في قطر، للجزيرة: «نرى هؤلاء القادة العالميين يتجمّعون لضمان التوافق بينهم ورغبتهم في إنهاء هذا الصراع. لكن ما مدى استدامة المستقبل طويل الأمد بعد هذه المعاهدة؟ هل أنهينا كل القضايا التي تراكمت وأفضت إلى أحداث 7 أكتوبر وما تلاها؟ أظن أن هذا هو السؤال الذي يجب أن نركز عليه».
تتضمن خطة ترامب لغزة تشكيل لجنة من خبراء السياسات الفلسطينية لإدارة القطاع، على أن تكون السلطات المحلية مراقَبة من قِبل ما يُسمى «مجلس السلام» برئاسة ترامب وبلير. وطرح الكيناني تساؤلات عن شرعية هذه الترتيبات وعن آليات صنع القرار وتسمية المسؤولين: «نحن بحاجة للبحث في شرعية لجنة سياسية ستحكم غزة المستقبلية. من الذي سيتخذ القرارات؟ ومن الذي سيرشح هؤلاء الأشخاص؟»
تظل هذه الأسئلة محور جدل واسع بينما تتوالى خطوات إعادة الإعمار والوفود الدولية، ويستمر السكان في مواجهة واقع مادي وإنساني مدمر يتطلب حلولاً عادلة وشاملة.